هذه الكارثة بسبب التزوير بوزن حمولة الطائرة تمّ تغطيتها من قبل الشخص الأكثر نفوذا في قيرغيزستان– رئيس الجمهورية ألمازبك أتامبايف، الذي يحرص عدم كشف حقيقة هذا التهريب الاحتيالي
***
أشارت صحيفة “جيبي” ان قيرغيزستان ستتذكر قريبا ضحايا إحدى أكثر المآسي فظاعة في تاريخ البلد، حيث قتل 39 شخصا، من بينهم 17 طفلا، تحت حطام طائرة بوينغ “747-400” بالقرب من بيشكيك. كما سيتذكر البلد كيف لم يعرب رئيس قيرغيزستان امام الشعب في تلك الأيام المأساوية عن تعازيه، وسنعرف بكثير من الدقة لماذا تجاهل ألمازبك أتامباييف هذه المأساة، وهو الذي يتحدث دائما في خطاباته العلنية عن رعايته لكل مواطن. واوضحت ان أتمباييف لم يكن مستاء لوفاة مواطنين من شعب قيرغيزستان، بل لفقدان 85 طنا من البضائع المهربة، التي حملها له البوينغ المشؤوم. لافتا الى انه في 16 كانون الثاني 2017، اقلعت طائرة “البوينغ 747-400″، وحلقت من هونغ كونغ إلى بيشكيك ولم تكد تصل مسافة 1.5 كم الى مطار ماناس الدولي عاصمة قيرغيزستان حتى سقطت الطائرة على قرية تقع بالقرب من المطار، مما أدى إلى تدمير 32 منزلا. وكان خط رحلة البوينغ هونغ كونغ – بيشكيك – اسطنبول، ويتألف الطاقم من خمسة ركاب. وتوفي في القرية المنكوبة 39 شخصا، بينهم 17 طفلا. وتم نقل العشرات الى المستشفى فى حالة خطرة. وفي ذلك الوقت، أعرب رؤساء بلدان كثيرة عن تعازيهم لشعب قيرغيزستان. وكان هناك شخصا واحدا فقط صامت هو زعيم الجمهورية ألمازبك أتامبايف. فأتمباييف كان خائفا ببساطة، ان يكشف تحطم البوينغ عددا من الاشياء المظلمة وتؤدي الى كشف القناع الديمقراطي الذي يختبئ خلفه الرئيس. ولفتت الى انه عندما تم البدء بتحليل حطام الطائرة، تبين أن هناك 85 طنا من البضائع (هواتف والواح ذكية وأقراص مبرمجة لاستخدام باللغتين الروسية والقرغيزية) والتي كانت على متن “بوينغ” لم تدرج في الوثائق، ولكن وجهتها كانت متوقعة وهي قيرغيزستان. واعلنت سلطات قيرغيزستان أن البضاعة متوجهة لتركيا، وأن الرحلة “ذ ي س 6491” مسجلة مع شركة “الخطوط الجوية التركية”، والهبوط في بيشكيك هدفه التزود بالوقود فقط. ومع ذلك، تم دحض هذا الكلام بناء على نتائج تحليل موقع الحادث. واوضحت بيشكيك ان خزانات الوقود في البوينغ كان اكثر من كافية للقيام برحلة بدون توقف الى اسطنبول. وبالمناسبة، وبعد الحادث أكد ممثل شركة الطيران لوسائل الإعلام ان الطائرة المحطمة كانت متوجهة إلى مطار “ماناس” فقط لتفريغ البضائع. وان طائراتهم انجزت 52 رحلة من الصين الى قيرغيزستان. وتابعت قائلة “لتقييم حجم البضائع المهربة في الطائرة المحطمة، يمكننا إجراء عملية حسابية ابتدائية للحزمة الكاملة والايفون الواحد يزن حوالي 400 غرام. وهناك 85 طن – هي كم 212500 من الهواتف الذكية من العلامة التجارية “اي فون”. وإذا احستبنا أن ثمن “اي فون” واحد موديل 6 أو 6 S (وهي من السلع الأكثر شعبية في كانون الثاني من العام الماضي) يصل سعره ما لا يقل عن 500 $ في البيع بالتجزئة، وتكلفة البضائع كلها ستكون على الأقل 10625000 $، ناقص سعر الشراء (أي حوالي 40 في المئة من هذا المبلغ) والحصول على ما يقرب من 64 مليون دولار أميركي صافي الربح.
هذا هو مقدار ما يمكن أن يحصل عليه أصحاب البضائع التي كانت على متن الطائرة المحطمة. وتشير طبيعة الرحلة والوثائق الصادرة عن البضاعة إلى أن أصحاب البضائع ولم ينوا الاعلان عنها. وقد ألمح ذلك إلى أن أصحاب البضاعة لم يظهروا أبدا في قيرغيزستان أو تركيا، التي أعلن عنها بعد ذلك وزير النقل زمشيتبيك كاليلوف في قيرغيزستان. وهذا يعني شيئا واحدا فقط: هذا العمل كان “مكتظا” وغطى من قبل الشخص الأكثر نفوذا في قيرغيزستان – رئيس الجمهورية ألمازبك أتامبايف، الذي يحرص عدم كشف حقيقة هذا التهريب الاحتيالي امام الجمهور سواء داخل البلاد او خارجها.
ومع ذلك، في قيرغيزستان، قرر عضو من جوغوركو كينيش (منذ تأسيسها) النائب أوموربيك تيكيباييف اجراء تحقيقاته الخاصة لكشف لمن تعود هذه البضائع حتى أنه ذهب إلى أوروبا للعثور على أدلة تجيب على شكوكه. وعلى ما يبدو، تم العثور على ادلة واتهم النائب رجل الأعمال الروسي ليونيد مايفسكي بالاحتيال والفساد وألقي القبض عليه فور وصوله إلى بيشكيك من فيينا، مباشرة في المطار. ومن المثير للاهتمام أنه اصبح الضحية والشاهد الرئيسي للاتهام، وكيف تمت الاجراءات القانونية والمحاكمة الفاضحة. كما قامت لجنة الانتخابات المركزية في قيرغيزستان بحرمان نائب من الحصانة في آب من هذا العام. وحكمت عليه المحكمة بالسجن لمدة 8 سنوات، ثم دخل لصوص منزل محامي النائب المعارض الموقوف ولم يسرقوا غير ملف فيه دلائل تتعلق بقضية تهريب بضائع “البوينغ”. واليوم، الوحيدون الذين يستطيعون معرفة الكثير عن من يقف وراء البضائع المحترقة هم التجار الصينيون لهذه البضائع. ولكن الصينيين تصرفوا بأكثر حكمة وبضغط من قبل جمهورية الصين الشعبية وعبر أدلة مساومة مع أتامباييف، فقد إقنعوه بالموافقة على مشروع بناء السكك الحديدية بين الصين وقيرغيزستان وأوزبكستان. وعلاوة على ذلك، حصلت الصين من بيشكيك على ملكية الأرض تحت خط السكك الحديدية، والسكك الحديدية نفسها، وعشرات من الخيرات والمعادن في الارض”. وبحسب الصحيفة، “هناك حقيقة أخرى مثيرة للاهتمام. إذ حاولت الصين قرابة 15 عاما السابقة إقناع قيرغيزستان بهذا المشروع، فقدرت تكلفة إنشاء فرع عبر أراضي الجمهورية بنحو 2 مليار دولار، والتي تعتزم بكين أن تنفقها من مواردها الخاصة، ولكن الآن أعلن أتامباييف عن نيته في الحصول على ائتمان من الصين بمبلغ 6 مليارات دولار لبناء هذا الطريق وتصبح بيشكيك مدينة للصين بـ6 مليار دولار وتتنازل عن حق الارض لصالح الصين وبناء الطريق، وكل هذه الصفقة فقط لرشوة الصين وسكوتها عن ان الهواتف الذكية التي كانت على متن البوينغ المحطمة تعود للرئيس اتمباييف.
وقد اتضح أن رئيس جمهورية قيرغيزستان المنتهية ولايته قد حصل على بلايين الدولارات في تهريب وبيع ثروات وطنه، وسيتعين على شعب قيرغيزستان الذي أصبح فقيرا بالفعل خلال سنوات الإدارة الزائفة الديمقراطية أن يدفع ثمن “مشاريعه التجارية”.