رأى النائب اللبناني السابق، إميل إميل لحود أنّ على الإنسان أن يكون بسيطاً جداً ليقتنع أن المظاهرات التي خرجت في إيران سببها مطالب اجتماعية أو غيرها، معتبراً الآن، تطبق الآلية ذاتها المتمثلة فيما سمي بـ “الخريف العربي”، لكن الاختلاف الحقيقي يكمن في كيفية تطبيق الإدارة الأميركية لهذه الآلية، إذ كانت الادارة السابقة تخطط لاستخدامها بذكاء أكبر بكثير مما تطبقه الإدارة الحالية.
وأضاف لحود في حديث خاص لوكالة مهر للانباء، أنّ اليوم، يتزامن وصول رئيس “أرعن” إلى سدّة الحكم الأميركية، مع رئيس وزراء “أحمق” أيضاً اسمه نتنياهو، وعند الاستماع إلى كليهما، فيما يخص أحداث إيران، نعلم جيداً أن الاحتجاجات لا علاقة لها بالقضايا الاجتماعية والمطلبية، إن ما يحدث يقع في خانة “المؤامرة المكشوفة” التي عبَّر عنها نتنياهو، بكل وقاحة، حينما قال “فليتغير النظام في إيران وسنصبح من أعز الأصحاب”. هذه النظرية لها هدف واحد وهو تقويض الشعوب، وخاصة تلك المناهضة لهذا المشروع، حيث تأتي شعوب إيران وسوريا ولبنان على رأس تلك القائمة كونها تقف سداً منيعاً أمام المشاريع الصهيونية، وهم يريدون كسرها بأي طريقة كانت.
وتابع أنّ استخدام وسائل التكنولوجيا، كالهواتف التي تعمل عبر الأقمار الصناعية لتصوير مقاطع لمثيري الشغب وبثها عبر قنوات التواصل الاجتماعي وغيرها بهدف التحريض، موضوع يندرج في خدمة توتير الأحداث وتطويرها، على غرار ما حدث في سوريا أوائل الأزمة، لكن الفارق، أن سوريا علّمت الجميع، وهذه النقطة مهمة جدا، فعند بداية الأحداث، وقع كثيرون من خط محور المقاومة بحيرة حول حقيقة ما يحدث بسبب التشويش الاعلامي، برغم قناعتنا بأن ما يحدث كان مؤامرة تحدّثنا عنها منذ اليوم الأول، تماماً كما نتكلم اليوم عما يحدث في إيران.
ولفت النائب السابق لحود إلى أنّ هذه المؤامرة تهدف إلى إسقاط محور كامل، بعد أن فشلوا في لبنان وسوريا، واليوم ينتقلون للعمل في إيران معتبراً إن هذه الدوامة سوف تستمر كوننا في حرب مع المحور الغربي، وتحديداً الإسرائيلي، بأجهزة مخابراته، واللوبي الصهيوني، عموماً، والأمريكي، خصوصاً، ولسوء الحظ معهم الكثير من الدول العربية لاسيما الدول الخليجية منها، إنها حرب مفتوحة واستخدام كل الوسائل أمر متاح فيها.
واستطرد أنه وفي مقارنة بسيطة مع هذه الدول ذاتها عندما تحصل فيها أحداث مماثلة لتلك في إيران، نرى أن التعامل يجري بنفس الطريقة المستخدمة في إيران، وبالتالي لا توضع في خانة قمع الحريات أو العنف، على سبيل المثال، نشاهد الجميع أعمال الشغب في بعض المدن الأميركية غداة انتخاب ترامب عندما نزلت الشرطة لقمع هذه الأعمال، واستعملت العنف لفض هذه التظاهرات، ولم يخرج أي من الاصوات لشجب ذلك، فلماذا هذه الازدواجية في التعاطي؟ هذا الإعلام المُغرض، يعطي الأهمية الكبرى لخروج بضعة آلاف من الاشخاص في مناطق ايرانية للتظاهر، بينما لا يتحدث عن خروج الملايين الداعمة للنظام، فالأكثرية الساحقة كلها تسير عن قناعة في دعم النظام.
وأضاف لحود انّ ما هو لافت في تلك الأحداث تزامنها مع إعلان ترامب قراره حول القدس، هل هي صدفة عندما قرر ترامب وإسرائيل الاستيلاء على القدس لتبدأ أحداث شغب في إيران الدولة المناصرة للقدس، والقضية الفلسطينية وخاصة عندما قالوا انهم سوف ينتقمون من رأس الحربة أي الدول الداعمة في إشارة إلى إيران.
واشار إلى انّ المنظومة التخريبية ذاتها، التي عملت في سوريا هي نفسها ما العاملة في إيران في محاولة لزعزعة امنها واستقرارها، وهم باتوا معروفين حيث يمكن اعتبارهم “عدة العمل” الخاصة باللوبي الصهيوني، وما يرتبط بها من دول كأمريكا وإسرائيل والسعودية، بالإضافة الى وجود منظومة كبيرة تضم عشرات الدول الأخرى.
ورأى أنّ ترامب يتعامل مع الوقائع السياسية بنفس المنطق الذي يتعامل به كتاجر، على سبيل المثال كإرساله لصهره الصهيوني كوشنير شمالاً ويميناً لعقد صفقات سياسية ومالية والأخذ من السعودية أكثر من 400 مليار دولار وغير ذلك، لكن الأمر في الواقع مختلف تماماً، فترامب يعتقد أن العالم كله يدار بهذه الطريقة، لكنه لا يأخذ بعين الاعتبار صعود دول مواجهة مثل إيران، وروسيا، ودول البريكس، ولبنان، وسوريا، اذ أخذت قراراً بالوقوف في وجه الغطرسة الأمريكية، وهذا المحور يتمدد ويكبر ويتوسع بشكل كبير، إن ما يطمئننا أن المشروع الغربي لن ينجح وذلك بحسب ما نراه من سوابق عملية أثبتت فشله.
وأردف أنه على الرغم من كل ما سبق، أعلن الرئيس روحاني دعوته للحوار في كل النقاط والمطالب، أما الشغب وتدمير الممتلكات العامة والخاصة فهي بالتأكيد لا تقع ضمن المطالب المشروعة بل في خانة التخريب وتعكير صفو الأمن وايقاف عمل المؤسسات وبالتالي شل البلاد.
واعتبر النائب السابق لحود انّ لديه قناعة راسخة ومراهنة كبيرة على وعي الشعب الإيراني الذي تعلم من التجربة “المؤامرة” في العام 2009، إذ كانت الحجة بأن نظام الحكم هو نظام قاسٍ ذو لون واحد، وعند استلام الرئيس روحاني مقاليد الحكم، قيل عنه إنه شخص منفتح ومعتدل، غير أن ذلك لم يعجب الغرب ايضاً، إذاً، ما هو المطلوب؟ الواضح أن ما يراد من كل ذلك الخراب بكافة أشكاله.
في رسالة داخلية مزدوجة وجهها لحود، الرسالة الأولى، للذين يعولون على ما يحدث في إيران لأخذ دور ما لهم في لبنان ان يستيقظوا من هذا الحلم الذي يعيشون فيه منذ العام 2005، أما الرسالة الثانية، فهي لمن هم في صف الممانعة كي يتشجعوا قليلاً للإعلان عن التزاماتهم النابعة من قناعات راسخة بالوقوف الى جانب إيران في هذه اللحظة بالذات بالرغم من أنني ارى الأحداث بأنها عادية ولم تتجاوز الخطوط الحمراء.
في الختام، أكد أنه في حال وقع الخيار ما بين المقاومة أو العيش بذل، فأننا سنفضل المقاومة، بالتأكيد وعن قناعة تامة، كي نحيا بعنفوان وكرامة، ونبني دولنا على هذا الأساس المتين.
أجرت الحوار: سمر رضوان