مَغارتُك قَصرُ المجدِ، ومِزودُك عرشُ السلام

– رسالتنا هنا، وويل للشرق لو هجره المسيحيون... ( أمين أبوراشد )

***

من مغارة مهجورة في بيت لحم، حيث خِراف الوداعة تنزف دماءها على أيدي سفَّاحي العصر وأحفاد هيرودتس،
من شجرة الفرح الميلادي التي أطفأت أنوارها حزناً على عالمٍ يحكمه أتباع يهوذا،

من مصر التي ارتحل إليها يوسف ومريم هرباً من الطغيان وحماية لطفل السلام، مصر التي يرتحل منها المسيحيون اليوم، لأنهم دُعاة سلام، تاركين خلفهم كنائسَ مُحترِقة، وأديرة مُنتَهَكة، وإرسالياتٍ كانت تنشر ثقافة السلام في أرض فتاوى التكفير والحقد والكراهية..

من كل أرضٍ في هذا الشرق، غادرها المسيحيون الى بلاد الغرب، حيث لا مغارة ولا قداسة، وحيث “سانتا” بات هو الميلاد، وحيث العيد غدا بهرجةً فارغة، نعيش نحن المشرقيون فرحنا بيسوع، ويعيش معنا ويأبى مغادرة مهده ومغادرتنا، يبعث فينا ومضة أمان، ونبحث عنه كل لحظة لنعيش الإيمان…

من دروب بولس الرسول التي سلكها المسيحيون جلاجل عذاباتٍ وآلامٍ مُستدامة، ومن رُكام معلولا وصيدنايا وحلب والموصل، وعلى وقع أجراس السلام، ننفُض عن أجسادنا غُبار معارك الشياطين علينا، وننزع من آذاننا وقع طبول الموت، وننشد ترانيم المحبة الطالعة نحو السماء لتمجيد الآتي باسم الرب، علّ أصداء حناجرنا تطغى على مسامع من صمَّت آذانهم أصوات المدافع، ونبعث برسائلنا الى صانعي الموت الرخيص والإنتحار المجاني ونصرخ بهم، أننا أبناء الحياة..

من لبنان ملجأ المسيحية المشرقية، نُرتِّل الميلاد على وقع إبتهالات الرجاء ونقول:
مسيحيون نحن، ونحن أبناء الأرض،
نرفع صلبان عذاباتنا على الجبال وفي السهول، ونرفعها على الصدور والجباه ونشمخ بحضارتنا،
نضيء مغارة الآتي العظيم في قلوبنا وبيوتنا والكنائس،
نُعانق إخوةً لنا في الله، وتصدحُ مع أجراسنا تكبيرات المآذن،
نُشعل بخّور القداسة عساه يُطهِّر أرضنا من بارود النجاسة،
ونحمل كتابنا المقدَّس، وبتعاليمه نستكمل كتابة التاريخ المشرقيّ، وننشر مسيحيتنا حضارة، وعلماً، ونهضةً، وإيماناً بأنفسنا وبكل آخر أمن بواجب وجودنا،

يا مغارة المجد الطالع من مزودٍ حقير،
يا مسقط رأس طفل المحبة والخير والسلام،
يا بدايات الرسالة المسيحية العظيمة،
يا حضارة الإنعتاق من الجاهلية الى عصور تقديس الإنسان بإسم يسوع إبن الإنسان،
لا التنكييل يرهبنا، ولا التدمير يٌرعبنا، ولا التهجير قادرٌ عن تهجير المسيح من قلوبنا،

بإسم كلِّ شهيدٍ مسيحي سقط لمجد المسيح، وكل شهيدٍ مسلمٍ سقط ليبقى المسيحيون في هذا الشرق،
نُعاهد ملك السلام والمحبة، أننا نغفر لمن أساء إلينا لأن الغفران من تعاليمنا المقدسة، ونحتضن من احتضننا لأن الآخر أخٌ لنا، ونسلك معه دروب الجلجلة الطويلة ونبقى، لأن رسالتنا هي هنا، ويا ويل هذا الشرق لو هجره المسيحيون …