– الأخت لوسيا رائية فاطيما: «العذراء ذكرت روسيا 22 مرة» ( )
***
الأسقف هنلينكا الذي كان يد يمين القدّيس البابا يوحنا بولس الثاني قال: «عند عودتي من فاطيما، بعد لقائي مع الأخت لوسيا، رويت للأم تريزا ما قالت لي الرائية الشهيرة. متوقّفاً عند التفاصيل التي صدمتني، خصوصاً أنّ سيّدة فاطيما، في عدة ظهورات للوسيا، الرسمية منها في عام 1917، والخاصة في السنوات التي تلت، قد ذكرت وأعربت عن إهتمامها بروسيا، ما لا يقلّ عن 22 مرّة».
نحن الآن في زمن خاص من التاريخ. اليوم، يبدو أن العالم يشتعل ناراً. الإرهاب يهاجم في الداخل والخارج. حرب في سوريا والعراق. داعش، تهديدات، اضطهاد، شائعات عن حروب، الغرب وروسيا، وكوريا الشمالية… هذه ليست سوى بعض الأمثلة من عالمنا المجنون. نحن نشهد دراما حقيقية، واقعية كما لم يشهد التاريخ من قبل!
في رسالتها الى العالم من 2 ايار 2016 للرائية ميريانا، قالت العذراء «إجمعوا الصلبان المحطّمة… كونوا رُسل التجلّي». إنّها رسالة مدهشة بالنسبة للعالم!
هل هذه الأحداث العالمية تنذر بالمحنة القادمة؟ هل يمكننا النظر الى نبوءات بما في ذلك رسائل من ظهورات مديوغوريه التي لم يتم بعد الموافقة عليها، من أجل إيجاد بعض الأدّلة؟ هل حان الوقت لإعادة النظر في إذا كانت أسرار فاطيما ومديوغوريه المتوقّعة قد بدأت تنكشف؟
في الأيام الأولى لظهوراتها في مديوغوريه، كشفت العذراء لستة رؤاة عشرة أسرار والتي تحتوي على معلومات عن أحداث مستقبلية. عشرة أسرار مديوغوريه تلك، كما قيل لنا، سوف تؤثّر على الكنيسة والعالم. مما لا يبشّر بالخير كما أن بعض الأسرار تنطوي على عقاب وتأديب للعالم.
تكوِّن الأسرار في أغلب الأحيان، جزءاً من الظهورات المريمية. الأسرار او النبوءات الأكثر شهرة حدثت في فاطيما عام 1917. حذّرت الأسرار من الحرب العالمية الثانية ومن النظام الشيوعي. هذه النبوءات قد تحقّقت بالتمام!
ما ليس معروفاً للكثيرين هو أن الأمّ المباركة كشفت للعالم أن فاطيما مرتبطة مباشرة مع مديوغوريه
في 25 آب\أغسطس 1991، قالت ملكة السلام في رسالتها: «… أدعو كلّ واحدٍ منكم، أحبّتي، للصّلاة والصّيام بمزيد من الصّلابة. وأدعوكم للصوم طوال تسعة أيّامٍ بحيث يمكنني أن أتمّم بمؤازرتكم كلّ ما كنت أريد إتمامه من خلال الأسرار التي بدأتها في فاطيما»
إن كانت الأسرار فعلاً متّصلة بين فاطيما ومديوغوريه، وإن كانت مديوغوريه حقّاً مكمّلة لفاطيما، ماذا يجب أن نفهم من تلك العلاقة؟
أولاً، إذا بحثنا في أُسُس فاطيما نرى أن الموضوع الرئيسي هو روسيا – هذه الأمّة بالتحديد – مركزية في أسرار فاطيما.
أسقف فاطيما أعلن أن «رسالة فاطيما تنطبق على روسيا. فاطيما وروسيا واحد».
الأسقف هنيليكا، الصديق المقرّب من كل من القديس البابا يوحنا بولس الثاني والقديسة الأم تيريزا، قالت له الرائية الأخت لوسيا أن السيدة العذراء تحدثت عن روسيا ما لا يقل عن 22 مرة.
أجابت الأمّ تريزا: «هذا الإصرار دليل على حنان فائق من جانب مريم العذراء تجاه الشعب الروسي».
الأب ملاخي مارتين، الذي قرأ أسرار فاطيما وكان مقتنعاً أن انتصار قلب مريم الطاهر سيبدأ نحو نهاية عام 2017 عند أبعد تقدير، سُئل في برنامج إذاعي عن محتوى الأسرار. فأجاب: «روسيا، وفقاً لنص السرّ الثالث، هو منظّم الجدول الزمني لفاطيما. دور روسيا في “رؤيا فاطيما” في غاية الأهميّة، لأنه إن أردنا أن نؤمن برؤيا فاطيما، فإنّ خلاص العالم، والعلاج لكل أمراض العالم، سيبدأ في روسيا، وهذا هو السبب في أن العذراء مريم، في رؤيا فاطيما من عام 1917، كان عليها أن تتحدّث بنشاط عن روسيا. إنّها رسالة غريبة جدّاً في هذا المعنى أن المرء قد يقول أن الخلاص سيأتي من الغرب كما نعتقد لأننا غربيين، لكن لا، وفقاً لرسالة فاطيما الخلاص سوف يأتي من الشرق، وبالتحديد من روسيا نفسها، وهو أمر ليس اعتيادي ومدهش».
وأيضاً حسب ملاخي مارتن، رسالة الأخت لوسيا ذات الصفحة الواحدة عن السرّ الثالث تغطّي ثلاثة شؤون:
1- عقاب حسّي ومادّي للشعوب
2- قصاص روحي
3- مهمّة روسيا المركزية في الإثنين العقابات الماديّة والروحية المشتبكة معاً في جدول زمني حاسم وروسيا هي المفتاح
الآن إذا قبلنا أن روسيا كانت الموضوع الرئيسي لسر فاطيما وأن مديوغوريه هو تكملة فاطيما هل من الممكن أن روسيا لها علاقة بمديوغوريه؟
والمثير للدهشة، فإن الجواب على هذا السؤال هو نعم!
قالت ملكة السلام في مديوغوريه في تشرين الثاني 1981 للرؤاة الصغار: «إن الشعب الروسي سيمجّد الله أكثر». إنها نبوءة مذهلة واستثنائية. أوّلاً لأنها تلمّح أن تكريس روسيا سيتم. (تكريس روسيا صدر أخيرا في 24 مارس 1984). ثانياً إنها تتنبأ عن صعود المسيحية في روسيا التي كانت، في وقت نبوءة العذراء هذه، في ظل حكم ملحد، النظام الشيوعي. الرسالة الكاملة من ملكة السلام هي:
«شعب روسيا سيمجّد الله أكثر من أي شعب آخر… الغرب سار بالحضارة الى الأمام، لكنه سار بدون الله، كأنهم خالقوا أنفسهم!»
تحدث القديس البابا يوحنا بولس الثاني هو أيضا حول العلاقة بين فاطيما، روسيا ومديوغوريه. كتبت صحيفة الفاتيكان إنسايدر التي تحظى باحترام كبير في مقابلة مع الأسقف هنيليكا قال فيها: «أظهر لي البابا كتاباً عن مديوغوريه كتبه رينيه لورنتين. بدأ في قراءة بعض الفصول، وأشار إلى أن رسائل مديوغوريه ترتبط ارتباطا وثيقاً بتلك التي من فاطيما».
«مديوغوريه هي استمرارية فاطيما. العذراء تظهر لأول مرة في بلاد شيوعية بسبب المشاكل التي تأتي من روسيا»، قال البابا، الذي كان قد تبنّاها بالفعل كمهمّة منذ توليه السدّة البابوية.
القديس يوحنا بولس الثاني يربط روسيا بفاطيما ومديوغوريه كما تفعل الأمّ القدّيسة.
مع هذا في الإعتبار، نعود لنوجّه اهتمامنا الى الأحداث العالمية التي تجري اليوم لنرى كيف قد تنكشف أسرار مديوغوريه حالاً. على الخصوص لننظر الى وضع الإيمان المسيحي في روسيا (شعب روسيا سيمجّد الله أكثر من أي شعب آخر)، والعلاقة بين الولايات المتحدة والغرب ، وروسيا (الغرب خطأ بالحضارة الى الأمام، لكنه خطأ بدون الله).
اليوم، لا يمكن الإنكار، أن التوترات بين روسيا والغرب هي في أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة. ويقول بعض الخبراء، الأوقات هي أسوأ الآن بسبب أنّ بوتين يتحدث بنشاط حول قوة الأسلحة النووية الروسية ويتحدث بصراحة عن استخدامها من الناحية التكتيكية. لم يعد الحديث يدور عن “الدمار المؤكد المتبادل”. بوتين يتحدث عن الإنتصار في التبادل النووي. بينما نفكر في أسرار مديوغوريه، من المهم أن نعتبر أن الأسرار تحتوي على عناصر من “التأديب” وأن فاطيما تتحدث عن روسيا كونها “منظّمة” لهذه التأديبات.
كتب هنري كيسينجر «أنّ إخضاع روسيا أصبح هدفاً للولايات المتّحدة». وعناوين الصحف في السنوات الأخيرة تتحدّث عن تكثيف الإستعدادات من قبل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي للرد على “العدوان الروسي”.
لكن الذي يستهين به أغلب السياسيين والإستراتجيين العسكريين هو كيفية وجود الديانة المسيحية في جذور كل التوتّرات بين الغرب وروسيا. الولايات المتحدة وأوروبا يتحولون بسرعة بعيداً عن الإيمان بينما روسيا هي في خضم صحوة دينية لم يسبق لها مثيل.
أعطى فلاديمير بوتين مؤخرا كلمة قال فيها: «في كثير من البلدان اليوم، يجري إعادة النظر بالمعايير الأخلاقية والمعنوية. هم يحتاجون الآن ليس فقط الى إدراك سليم لحرية الضمير، ووجهات النظر السياسية وحياتهم الخاصة، ولكن أيضا الى الاعتراف الإلزامي بمعادلة الخير والشر». كلام بوتين عن الإيمان قد فاجأ العالم.
عودة الحياة الدينية في روسيا لا يمكن إنكارها. فلاديمير بوتين يذهب الى الكنيسة بانتظام وشوهد كثيراً يكرّم مريم العذراء ويقبّل أيقوناتها المباركة. بوتين يلقي درساً لأمريكا عن رفضها للإيمان وعن فجورها. الإحياء الروحي المدهش في روسيا يجري في وقت أزمة إيمان عميقة تحدث في أوروبا والولايات المتحدة. وهناك الآن حديث عن احتمال الاضطهاد الديني التي تشهده الولايات المتحدة نتيجة لقرار المحكمة العليا التاريخي عن زواج المثليين.
من خلال عدة إجراءات وقرارات، قامت حكومة الولايات المتحدة بمنح الحرية الدينية متّجهة نحو مستقبل من دون الله، بينما الحكومة الروسية تموّل ترميم وتشييد الكنائس. أساقفة وبطاركة يترأسون احتفالات في المنشآت العسكرية ويردّدون الصلوات، يرشّون الماء المبارك، ويحرقون البخور في جميع أنحاء المنشآت. والسنة الماضية ركّبت روسيا كابيلا داخل غواصة نووية تحمل اسم قدّيس روسي.
اليقظة الروحية التي تشهدها روسيا تكاد تكون مجهولة في الولايات المتحدة. الفعاليات الثقافية المعاصرة في الولايات المتحدة والغرب بشكل عام، تشير أن المجتمع الغربي يتحرك بسرعة بعيداً عن الله – في جوهرها ترفض الإعتراف بالله وقبوله كخالق. هذا التحرّك بعيداً عن الله يجري في حين يبدو أن روسيا تسعى إلى احتضان المسيحية، وحتى “تمجيد” الله.
والسؤال هو: هل هذان المجتمعان المتعارضان على وشك الصدام التاريخي؟ هل أسرار مديوغوريه بدأت تنكشف؟ هل العالم يتحرّك بسرعة نحو اكتمال فاطيما والذي يتضمّن عقاب للبشرية، لكن أيضاً انتصار قلب مريم الطاهر؟!
المصدر: الحركة المرمية في الأراضي المقدسة
لقراءة الخبر من المصدر (إضغط هنا)