عَ مدار الساعة


حوار البابا مع طاقم رواد فضاء على بعد 400 كلم من الأرض: لرؤية الأرض من وجهة نظر الله

– “العزم العازم” لرؤية بعضنا بعضاً وجهاً لوجه.. (تيرزيا الأفيلية)

“رؤية الأرض مسالمة من وجهة نظر الله” هو الاندهاش الذي عبّر عنه روّاد المحطة الفضائية للبابا فرنسيس، والذي كانوا على اتّصال مباشر به بعد ظهر الخميس 26 تشرين الأول، بحسب ما نقلته لنا آن كوريان من القسم الفرنسي في زينيت.

“محطة هيوستن، نحن مستعدّون للحدث” هي جملة معروفة، لكنّها نادرة في الفاتيكان، وقد صدحت بين جدران الدولة الصغيرة حيث أقام البابا حديثاً طوال 25 دقيقة مع طاقم مؤلّف من 6 أشخاص في “البعثة 53″، من أمام شاشته في قاعة بولس السادس، بوجود رئيس الوكالة الفضائية الإيطالية ومدير برامج مراقبة الأرض التابعة للوكالة الفضائية الأوروبية.

تجدر الإشارة هنا إلى أنّ المحطة على بُعد 400 كلم عن الأرض، وأنّ روّادها الستة مسيحيون: معمداني، وثلاثة كاثوليك وروسيان أرثوذكسيان.

أمّا الحديث بحدّ ذاته فقد تضمّن أسئلة وأجوبة حول مواضيع مختلفة تراوحت بين الأبحاث الفضائية التي يقوم بها الروّاد، وقوّة الحبّ التي تقود العالم وبذل الذات لأجل الآخرين والتعاون الدولي… كما وسأل الأب الأقدس الرجال عمّا دفعهم ليكونوا روّاد فضاء، فأجاب كلّ منهم عن دوافعه العائلية وأحلامه…

ثمّ ختم قائد الناسا باولو نيسبولي الإيطالي الحديث قائلاً للأب الأقدس: “أشكركم لأنكم كنتم معنا ولأنكم قدتمونا عالياً وجعلتمونا نفكّر في أمور أكبر منّا”.

***

فيما تحدث الحياة و تتوالى الأحداث غالباً ما يغيب عن سلم أولوياتنا ما يجب أن يكون أولى أولوياتنا!! كالعذارى الجاهلات نهمل الإستعداد للقاء عريس أرواحنا…

أعطانا الرب المصباح لينوّر ليل إنتظارنا و ترك لنا حرية تزويده بزيت الأعمال الصالحة الذي لا يمكن أن ” نبتاعه” إلا بجهد “عزم عازم” على الإلتصاق به، و التأمل بكلمته و التغذي منه…

قنديل إيماننا لا يتوهج بزيت “موروثاتنا التدينية” إنما بالسعي الواعي و الشخصي، كالعذارى الحكيمات، الى مراعاة مقتضيات ذاك “اللقاء”!

معلمة الكنيسة تريزا الأفيلية، التي احتفلنا بعيدها في 15 تشرين الأول، تركت لنا إرث مكتوب و لكن في كل ما كُتب أرادت التشديد إيّما تشديد على وجوب إقتناء ذاك “العزم العازم” على الدخول في علاقة حيّة – و شخصية – مع الله الذي يحبنا و المواظبة على الصلاة و التأمل بكلمته! فالتأمل هو باب الدخول إلى القصر الملكي، حيث يقود “عريس الروح” النفس الأمينة الى تتميم عهده معها!

ما هو الهواء إلى الرئتين هي الصلاة للروح! و كما أن الرئتين لتبقيا سليمتين تحتاجان إلى الهواء النقي كذلك الروح النقية يجب أن تتنفس باستمرار من خلال الصلاة – اوكسجين الروح على ما يقول القديس بيو!

اليوم، نصلي و مثال تريزا معلمة الصلاة أمامنا :

هبنا يا رب العزم الحكيم المنتصر على جهل الكسل الروحي!

هبنا ألاّ نسلّم للجمود و الإستسلام…

هبنا نعمة أن نختار الإبحار في مغامرة الحب التي تدعونا لها بعزيمة مكتوبة بأحرف الأمانة والصلابة!

هبنا أن ننوّر ليلنا بمصابيحك المتقدة بزيتنا: علامة حبنا لك و رجانا بقدومك مهما تأخرت

و حين يحين اللقاء: بوجوه متقدة نهمس لك بكلمات تشبه بعضاً من كلمات تريزا الأخيرة عند بابك:

“أخيراً يا رب :ها قد حان الوقت لكي نرى بعضنا بعضاً وجهاً لوجه”!!