عَ مدار الساعة


من أروع ما قرأت لنبيه البرجي

عندنا رئيس للجمهورية…


عاتبون عليه لأنه لم يقبّل يدي دونالد ترامب. ساخطون عليه لأنه لا يشبه الآخرين وهم يؤدون رقصة المناديل السبعة، مقوّسي الظهر على عكازات خشبية في حضرة يشوع بن نون…

عندنا رئيس للجمهورية…

ولقد سئمنا تماثيل الشمع،  وتماثيل الثلج، والدمى البلهاء. هنا رجل يدرك من يلعب في المنطقة، ويعبث بجثث أهل المنطقة،  فقط لكي يتحول لبنان، وتتحول معه الدول العربية،  الى ضواحي الصفيح حول بنيامين نتنياهو، وافيغدور ليبرمان، وغادي آيزنكوت.

عندنا رئيس للجمهورية…
لا يتقن لعبة الأقنعة. وجهه وجه لبنان،  ضميره ضمير لبنان. في نيويورك رفض الالتحاق بقافلة الجواري وهم يرتمون عند قدمي المهرج. وفي بيروت أبى أن يدغدغ أحاسيس (وغرائز) الذين كانوا يرفعون الكؤوس احتفاء بكوندوليزا رايس.

هؤلاء الذين لم يرف لهم جفن حين كانت القاذفات تدك المنازل على أهلها. لكأن الأنين لم يكن يصل الى تلك الآذان، آذان يهوذا، وفي عقر دارنا ألف ألف يهوذا،  يختالون في بلاط من اقتادوا السيد، السيد الحافي القدمين، الذي تتلألأ قدماه في أرجاء الكون، الى طريق الجلجلة.

عندنا رئيس للجمهورية…
الذي ليس رهينة لثقافة القناصل، ولسراويل القناصل. الذي لا يقف عارياً، مطأطئاً، أمام من يتعاملون مع الساسة في لبنان على أنهم القهرمانات في سوق العبيد.

ميشال عون قال لهم ان لبنان لا يمكن أن يكون سوقاً للنخاسة، ولا ظلاً لديناصورات القرن العالقين في عروشهم بخيوط العنكبوت.

عندنا رئيس للجمهورية…
ويقول كلمته على رؤوس الأشهاد، وعلى رؤوس الحراب. وليعترض، بلغة الببغاءات،  اولئك الذين يلتقطون الفتات،  وينتظرون ما تقوله العباءات على تخوم القرون الوسطى.

بعيدون جداً أن ننتمي الى ثقافة الغيب،  وبعيدون جداً عن القبول بأي اختراق جيوسياسي لأرضنا، ولكن أين كان المعترضون على الجنرال حين كان أرييل شارون يسحق الأطفال،  ويغتال ضوء القمر، وتعلو قهقهاته أمام بكاء الثكالى؟

عندنا رئيس للجمهورية…
يدرك أن أنظمة في المنطقة تقاد،  كما الماعز،  الى سلام الذئب والحمل، ودون أي اعتبار لهشاشة التوازنات في لبنان. توطين اللاجئين آت. هكذا قال دونالد ترامب. اذا لم توقعوا معاهدة العار مع اورشليم فالنازحون باقون،  والدين العام هو الهيكل الذي سيسقط فوق رؤوسكم.

عندنا رئيس للجمهورية…
ويتوجه الى اللبنانيين بأن هذه هي الساعة الكبرى للصوت الواحد،  واليد الواحدة،  والقلب الواحد،  لأن لعبة الخرائط تأخذنا بأكتافنا الى الهاوية. ماذا يعني لجاريد كوشنر، أو لهنري كيسنجر، ولكل حاخامات الاستبلشمانت، أن يكون لبنان وأن يبقى لبنان ؟

عندنا رئيس للجمهورية…
ويدرك أن القوة الداخلية وحدها، لا الاستكانة ولا الأرائك الوثيرة، هي التي تحول دون النكبة. أجل النكبة. الفلسطينيون أشقاؤنا، السوريون اشقاؤنا، ولكن ماذا يعني التوطين سوى أن نحزم حقائبنا ونبحث عن وطن آخر؟

هذه أيام تاريخية. اوبير فيدرين الذي يعنيه بقاءنا لؤلؤة الشرق، والذي يرفض أن نكون رهينة التقاطع القاتل بين لعبة الامم ولعبة القبائل،  تحدث عن الساعة (الآتية) التي تنفجر فيها خريطة سايكس ـ بيكو.

في هذه الحال، اي خريطة وأي خرائط ما دامت المنطقة تعيش تحت خط القرن، وما دام عادل الجبير الذي ينطق باسم من ينطق، لا يرى أي مبرر لاستمرار النزاع (النزاع يا رجل؟) العربي ـ الاسرائيلي. ما الثمن يا صاحب المعالي؟ وهل يبرر الخوف من ايران التي لا نغفل هاجسها الامبراطوري، ولدينا من الأسلحة ما يفوقها بعشرات المرات، الارتماء بين حجارة حائط المبكى ؟

عندنا رئيس للجمهورية…
ويرتدي ثياب الميدان لأنه القادر على المواجهة، القادر على قول الحقيقة. هل من مجال لقطع الطريق على التوطين، وهو اضمحلال لبنان، سوى الطريق الى دمشق؟ من فضلكم… قولوا لنا.

المصدر: الديار
لقراءة الخبر من المصدر (إضغط هنا)