ترجمة :عقيل الشيخ حسين -الكاتب : Moon of Alabama – عن موقع Le grand soir الالكتروني – 28 آب / أغسطس 2017
***
كانت هنالك حالة غليان في منطقتين تقعان إلى الشمال والشمال الغربي من تدمر في سوريا. وقد تمت، في كل من المنطقتين، محاصرة قوات داعش من قبل الجيش السوري الذي يتقدم سريعاً نحو الشرق على عدة محاور.
إحدى المنطقتين، أي تلك الواقعة إلى الشمال، عادت إلى الوضع الطبيعي بعد أن استرجعها الجيش السوري خلال تقدمه نحو دير الزور.
وقد حاول تنظيم داعش ان يشن هجوماً معاكساً نحو حلب، باتجاه طريق إمدادات الجيش السوري، وعلى طول نهر الفرات إلى الجنوب الشرقي من الرقة. وفي الحالتين، تم دحر هذا الهجوم خلال يوم أو يومين، كما أبيدت القوة المهاجمة بشكل كامل. والواقع أن قدرات داعش على الانتشار قد تضاءلت بشكل واضح. فهو يعاني من تناقص عدد المقاتلين، ويجد نفسه مجبراً بالتالي على الانسحاب من مواقع هامة. وعلى ذلك، فإنه يشن هجمات معاكسة بأعداد من الفرق الصغيرة الحجم بدلاً من الوحدات العسكرية الكبيرة والمتماسكة التي تتحرك بأوامر من قيادة موحدة وقوية.
أما في العراق، فإن الجيش ووحدات القوى الشعبية لم يلزمها أكثر من عشرة أيام لتحرير مدينة تلعفر التي كانت تحت سيطرة داعش. لم يكن قد بقي في المدينة غير 200 مقاتل من اصل 2000 كانوا متواجدين فيها قبل مدة قصيرة، أعقبها إخلاء 1800 عنصر منهم نحو شرقي سوريا.
وفي القلمون، على الحدود اللبنانية-السورية شن الجيش اللبناني وحزب الله هجوماً على آخر مواقع داعش على طول تلك الحدود. هذا، وقد قبل مقاتلو داعش في المنطقة بالاستسلام مقابل ترحيلهم إلى شرقي سوريا.
على هذا، بقيت ثلاثة جيوب لداعش في سوريا. أحدها في الرقة. ومن المتوقع أن تعمد وحدات داعش المحاصرة في المدينة إلى القتال حتى الموت. ومن أجل تحرير هذه المدينة، قام الجيش الأميركي والقوات الكردية التي تحارب بالوكالة عنه بتدميرها بشكل كامل. وإنه لمن غير المرجح أن تقبل قوات داعش التي ما تزال متواجدة في المدينة بتسليم سلاحها أو باتفاق على الخروج منها. وكان اتفاق قد تم مؤخراً بين القوات الكردية وإحدى مجموعات مقاتلي داعش وتم بموجبه تخلي تلك المجموعة عن سد “الطبقة” مقابل الانتقال إلى الرقة. لكن الجيش الأميركي قام بخرق هذا الاتفاق وهاجم مقاتلي داعش أثناء توجههم نحو الرقة.
وهنالك جيب ثان في المنطقة شبه الصحراوية الواقعة إلى الشمال الغربي من تدمر. وفي هذا الجيب، حفر مقاتلو داعش الرمال وأقاموا نظاماً معقداً من المغاور للاحتماء من الهجمات الجوية. لكن هذا النظام غير قابل للصمود في وجه هجوم بري. ومن المنتظر أن يتمكن الجيش السوري من تنظيف المنطقة في غضون أسبوع.
الجيب الثالث والأخير الذي تسيطر عليه داعش يمتد قريباً من المنطقة التي يحتلها الإسرائيليون في هضبة الجولان. لكن المعارك متوقفة في الوقت الحالي بانتظار التوصل إلى حل بين القوى المتصارعة. ومما لا شك فيه أن القوى التكفيرية المتواجدة في المنطقة سيتم القضاء عليها. وقد حاول الإسرائيليون ممارسة الضغط على الولايات المتحدة وروسيا من أجل تأمين حماية للمنطقة في وجه الهجوم المتوقع من قبل حزب الله وسوريا. كما طالب الإسرائيليون كلاً من الولايات المتحدة وروسيا بمنع إيران من ممارسة أي شكل من أشكال النفوذ في سوريا. لكن واشنطن وموسكو قابلتا بالرفض جميع المطالب الإسرائيلية. من هنا، يكون نتنياهو قد خسر حربه ضد سوريا، وسيتوجب على الإسرائيليين أن يمتلكوا الآن قوة أكثر ناجعية بكثير على طول الحدود الشمالية.
إن ما تبقى من تنظيم داعش، أي ما مجموعه عشرة آلاف مقاتل، قد أصبح الآن محاصراً في المنطقة الشرقية من سوريا والغربية من العراق. ولا أمل عند التنظيم بالحصول على أي نوع من الإمداد. ولا وجود لأي مقاتل يرغب بالانضمام إلى صفوف الخاسرين. إذاً، فإن إمكانات داعش تتضاءل يوماً بعد يوم. ثم إن الولايات المتحدة تقوم بسحب مرتزقتها المتواجدين داخل هذا التنظيم. كما أن وادي الفرات الواقع إلى الغرب والشرق من دير الزور سيصبح قريباً آخر الأراضي الواقعة تحت سيطرة داعش التي ستحيق بها الهزيمة في غضون ستة أشهر، وسيكون ذلك نهاية الخلافة. لكن، من المرجح أن تستمر داعش بالوجود على شكل تحركات في الصحراء.
انتصار دير الزور
المشروع الجهادي الآخر في سوريا تخدمه فصائل تنظيم القاعدة بمختلف أسمائها. وهذا المشروع قد أصبح محصوراً بشكل أساسي في منطقة إدلب. وهو يحرك حوالي تسعة آلاف مقاتل يضاف إليهم حوالي 12 ألفاً من الميليشيات المحلية. وكما هي الحال بالنسبة لداعش، فإن تنظيم القاعدة في سوريا قد أصبح منعزلاً ولا أحد يرغب في دعمه ومساعدته. أما مناصروه المحليون فإنهم سيتخلون عنه لينتقلوا إلى الصف المقابل منذ اللحظة التي سيصل فيها الجيش السوري. ومن جهتهم، فإن المقاتلين المتشددين ينتظرهم الموت لا محالة.
لقد طلبت الولايات المتحدة من القوى التي تقوم بتحريكها أن تتراجع عن مشروعها السياسي. والأردن يرسل إشارات مسالمة. ولا أحد يمكنه الكلام عن تنحية الرئيس الأسد في ظل الدعم الذي تتلقاه سوريا من كل من روسيا وإيران. هذا، وتستمر الولايات المتحدة في تقديم الدعم إلى المقاتلين الأكراد في شمال سوريا. لكن علاقات الولايات المتحدة مع تركيا العضو في حلف الناتو ستكون أهم بكثير من أي مشروع وطني كردي. وفي النهاية، سيكون على الأكراد أن يقبلوا كغيرهم جميع الشروط التي ستفرضها سوريا.