لو بدأنا من عكار، نزولاً الى طرابلس – الضنِّية، فلن يكون للمرأة خبزٌ انتخابي، ليس فقط لأن المعركة حامية و”بدها رجال”، بل لأن الذهنية “الملطوشة” جزئياً بفكر”دولة الخلافة” لن تتقبَّل إعطاء دورٍ للمرأة.
ونتَّجه الى دائرة البترون الكورة بشرِّي وزغرتا، والتي تُعتبر النائب ستريدا جعجع من الثوابت فيها، وهي عائدة الى البرلمان لعدة أسباب، أولاً لأن أداءها الخدماتي لمنطقة بشري جيد، وثانياً لأن الدكتور جعجع ليس بوارد الترشُّح أصلاً، وثالثاً لأن ترشيح نفسه بدلاً من زوجته سوف يستفزّ النائب سليمان فرنجية الذي ينوي ترشيح نجله طوني، وسيعتبِر ترشُّح “الحكيم” وكأنه مُنازلة سياسية من الوزن الثقيل، وينزل فرنجية شخصياً الى ميدان المعركة بدلاً من إبنه.
ومع قطاف أول سيدة عائدة الى المجلس، نصِل الى دائرة كسروان جبيل، ولا نجِد حظوظاً كبيرة للمرأة لأن المعركة حامية في معقل المسيحيين، ومع أرجحية عدم ترشيح النائب جيلبرت زوين نفسها في كسروان، فإن جبيل لا تعيش أيام “نهاد سعيد”، التي كان يقول عنها العميد ريمون إده:”لا تستهينوا بنهاد، تحت تنورتها سبعة رجال”، وبالتالي لا نرى أن هذه الدائرة ستكون ممثَّلة بسيِّدة.
وبالوصول الى المتن، فإن حظ المرأة فيها رهن قرار النائب ميشال المر أن يرتاح، وأرجحية خلافته هي لإبنته السيدة ميرنا، لأن نجله الياس لن يترك أعلى منصب أمني في العالم ووهج رئاسة الأنتربول ليترشَّح نائباً عن المتن، خاصة أنه لم يرِث عن والده “هواية” الزعامة المناطقية، بينما ميرنا تتربَّع على رئاسة إتحاد أكثر من 37 بلدية وهي الوريثة الطبيعية لعقلية الزعامة لدى والدها.
في بيروت، ستحمل محدلة الرئيس الحريري إمرأة، كونه مدينٌ للنساء حتى في أمنه الشخصي، ومع عدم ترشيح النائب نايلة تويني نفسها، تكتفي بيروت بسيدة واحدة تحلّ مكان تويني ولو في دائرة مُغايرة.
ومع انتفاء ترشيح سيِّدة في البقاع، سواء في بعلبك الهرمل أو البقاع الغربي راشيا، ننتقل الى صيدا جزين، حيث تردُّد النائب بهية الحريري المُزمن في ترشيح نفسها، بحيث أعلنت قبل العام 2009 عدم رغبتها بالعودة الى المجلس ثم ترشَّحت، ربما لأن ظروف مواجهة أسامة سعد استوجبت ذلك، وهذه الظروف ما زالت قائمة، إلا أن الحريري قد تتخلى عن مقعدها لنجلها أحمد وبالتالي “تطير” سيدة ثانية من المجلس بعد جيلبرت زوين دون أن تحلّ سيِّدة مكانها.
ومع أرجحية ترشيح حركة أمل سيِّدة في الجنوب، مثل الوزيرة عناية عز الدين أو سواها، فإن حزب الله الزاخر بالطاقات النسائية المُبهرة ضمن مؤسساته، قد لا يتردد في ترشيح سيِّدة، وبهذا، تصِل بعض النساء الى المجلس بفضل ما يُسمَّى في لبنان “المحادل الحزبية” التي تضمن النجاح.
كلمة أخيرة، تُخطىْ النساء لو حمَّلنَ الرجال وَحدهم مسؤولية هذه “الكوتا النسائية” المتواضعة وغير المُعلنة، التي قد لا تصل الى خمس أو ست نساء في المجلس الجديد، لأننا لم نشهد حشداً لجمعيات نسائية ولا مؤتمراً نسائياً عاماً وضاغطاً لتحصيل حقوق المرأة، ولا حتى وجدنا مُناضلة واحدة ذات وزن تنزِل مع النساء الى التجمعات الهزيلة لبضع عشرة امرأة في “الداون تاون” كل فترة، ومعظمهنَّ غير جدِّيات في الطروحات وغير مُقنِعَات، لا للناخبات ولا للناخبين، ولا نرى من مؤهلاتهن سوى “التشقير” و “السيليكون” و”البوتوكس”، وسائر المزايا التي حصلنَ عليها ليس من الجامعات والمعاهد العلمية، ولا من ميادين العمل الوطني والسياسي والإجتماعي، بل من معاهد التجميل…