الثقب الأسود هو مكان في الفضاء حيث تنكمش المادة في مساحة صغيرة جدًا، ونتيجة لذلك؛ تنتج جاذبية عالية للغاية لدرجة أن لا شيء يمكنه الهروب منه، حتى الضوء. ينتج الثقب الأسود من موت نجم ما، والصغير منها يعتقد العلماء أنه تكون مع بداية الكون.
تنقسم الثقوب السوداء إلى ثلاثة أنواع هي:
- ثقب أسود صغير: ويكون حجمه صغيرًا للغاية، ويعتقد العلماء أنه بحجم ذرة واحدة، ولكن كتلته يمكن أن تكافئ كتلة جبل كبير، و الكتلة هنا تعني كمية المادة الموجودة داخل الثقب.
- ثقب أسود نجمي: تصل كتلته إلى أكثر من عشرين ضعف كتلة الشمس، و يوجد العديد منه في مجرتنا.
- ثقب أسود عملاق: تصل كتلتة إلى أكثر من كتلة مليون شمسًا مجتمعةً، وهذا النوع هو محور حديثنا.
يعتقد العلماء أن كل مجرة كبيرة تحتوي على ثقب أسود عملاق في مركزها. يوجد في مركز مجرتنا درب التبانة ثقب أسود عملاق يطلق عليه اسم “Sagittarius A” و تصل كتلته إلى ما يقارب أربعة ملايين من كتلة الشمس، ويبعد عنا مسافة تساوي 26000 سنة ضوئية. لطالما كان الثقب الأسود من أكبر الألغاز الموجودة في الكون، فإنه بعد عقد من التطوير، قد أصبح لدينا تليسكوب قادرًا على المساعدة في حل هذا اللغز. بدأ العلماء يوم الأربعاء الماضي بتصوير الثقب الأسود الموجود في مجرتنا، و هو”Sagittarius A” للحصول على أول صورة على الإطلاق لثقبٍ أسود.
ربما قد سمعت بأن رؤية الثقب الأسود مستحيلة؛ هذا صحيح نوعًا ما. تلتهم الثقوب السوداء الضوء، لكن يمكننا تصوير فوتونات الضوء التي امتصها الثقب عند نقطة تسمى أُفُق الحدث. لذلك، بدلًا من النظر إلى الثقب الأسود نفسه، فإننا سوف ننظر إلى الخط المحيطي (الإطار) الخاص به.
لم يُصنع من قبل تليسكوب لديه القدرة على تصوير “Sagittarius A” لذا جاء العلماء بفكرة استخدام ستة تليسكوبات حول العالم جنبًا إلى جنب في وقت واحد، حيث ستعمل بمثابة تليسكوب ضخم يُطلق عليه اسم تليسكوب أفق الحدث أو “Event Horizon Telescope” ويسمى اختصارًا EHT””. التليسكوبات الستة المستخدمة هي:
1- تليسكوب القطب الجنوبي،
2- مصفوفة أتاكما المليمترية/دون المليمترية في تشيلي،
3- التليسكوب المليمتري الكبير في المكسيك،
4- التليسكوب دون المليمتري في أريزونا،
5- جيمس كلارك ماكسويل والمصفوفة دون المليمترية في هاواي،
6- تليسكوب IRAM 30-Meter”” في أسبانيا.
بدأ تليسكوب EHT”” في العمل وسيستمر في التقاط صور للثقب الأسود “Sagittarius A” لمدة عشرة أيام بدءًا من يوم الخامس من شهر أبريل الجاري، وحتى يوم الرابع عشر من الشهر نفسه. سوف تتم معالجة الصور بعدها وسيتم الكشف عنها في وقتٍ ما من عام 2018. ولأن البيانات التي سوف يحصل عليها العلماء ضخمة جدًا فإنه من الصعب إرسالها إلى مقر مرصد “MIT Haystack” عبر الإنترنت؛ حيث سيستغرق إرسالها مدة زمنية طويلة، فقرر العلماء الذهاب بالبيانات من مقر كل تليسكوب من التليسكوبات الستة الى مرصد MIT” “Haystack.
في هذا المشروع “EHT” سيتم استخدام خوارزمية تُسمى خوارزمية بومان Bouman’s algorithm”” ، وتعمل هذه الخوارزمية على تحويل موجات الراديو المتناثرة إلى صورة. هذه الخوارزمية تقوم بتجميع تلك الصور -التي تنتج من تحويل موجات الراديو- إلى قطع صغيرة مثل قطع الأحجية، وبعد ذلك تُجمع القطع المتشابهة معًا لتكون صورة كاملة عالية الجودة.
البيانات الناتجة عن هذا المشروع سوف تتسبب في ثورة في دراسة الثقوب السوداء، بل في دراسة الفيزياء بشكل عام. لقد تم إثبات نظرية آينشتاين للنسبية العامة على مقياس صغير. الجاذبية الأرضية ضعيفة نسبيًا في حين أنها تبلغ منتهاها بالقرب من الثقوب السوداء. أوضح غوبال نارايانان “Gopal Narayanan” من أوماس أمهرست وأحد الباحثين في هذا المشروع، في بيان صحفي: “في الفيزياء بشكل عام فإن الحدود القصوى هي الأكثر إثارة للاهتمام. عند هذه الحدود تعرف كيف تنهار الأشياء، وعندها يتم الحصول على اكتشافات جديدة.”
ستتيح لنا تلك البيانات أن نتفحص فكرة آينشتاين القائلة بأن ميكانيكا الكم و النسبية العامة بينهما مفاهيم مشتركة ونظريته القائلة بوجود دائرة غامضة حول الثقوب السوداء تحدد القيود على كتلتها و دورانها. يمكن استخدام البيانات أيضًا لتسليط الضوء على نظرية ستيفن هوكينغ للثقوب السوداء، القائلة بأن المادة التي تمتصها الثقوب السوداء تتسرب بطريقة أو بأخرى عائدةً إلى الكون المنظور.
لم نشاهد أفق حدثٍ خاص بثقب أسود من قبل؛ لذلك فإن الصور التي سوف نحصل عليها من هذا المشروع ستكون بالغة الأهمية، ومن الممكن أن تغير فهمنا للمفاهيم الأساسية للفيزياء.
المصادر:
1-inverse
2-inverse
3-nasa.gov
إعداد: محمد حبشي
مراجعة: حكم الزعبي
تدقيق لغوي: خالد زكي
تصميم الصور: دعاء شيباني
المصدر: https://www.aliens-sci.com