عَ مدار الساعة


طامحو بعبدا في وجه التيار… عدّوا للمليون

إنّه القضاء الذي منه وفيه انطلقت شرارة نضال تيارٍ وطني حرّ. يكفي قول ذلك ليتربّع مثلّث مرشحي التيار الموارنة على عرش المرشحين الاقوى في قضاء بعبدا. كيف لا، وهم جميعهم أصحاب نضال عتيق، يتجدّد في كلّ مرّة يقف فيها الوطن عند مفصل مهمّ. حكمت ديب، ناجي غاريوس، الان عون، كل اسم من هؤلاء الثلاثة حكاية في الوطنية. فكيف ينسى أهل بعبدا ذاك الذي نزل الى الساحات في وجه أجهزة الاستخبارات ليكون صوتاً صارخاً في برية الحرية والسيادة والاستقلال. والطبيب الذي فتح بيته  وعيادته”للشباب”حين كانوا ملاحقين من الاجهزة والاحتلال، خوفاً من عونهم، فنشأت الحالة العونية آنذاك من منزله وعيادته… وابى الا ان يكون رفيق الكل في ساحات النضال.

وكذلك ذاك الشاب الذي ألهبت القضية داخله فسخّر كل طاقاته في سبيلها. نعم تكفي المرحلة الماضية لغاريوس وديب وعون ليكونوا اسياداً في وطنيّة أهل بعبدا، وليفكّر أي مرشّح لأي حزب أو جهاز أو إقطاع انتمى أن يترشّح في وجههم، ولكن ناهيك عن ذلك فإنّ حاضرهم في ميدان التشريع والانماء والسياسة والخدمات الاجتماعية والانسانية سيّد أيضاً.

وفي هذا الاطار إنّ تجربة أحد الطامحين الى الترشح اليوم، عام 2009 هي خير دليل الى ذلك. جميع اهل بعبدا يذكرون حينها كيف ضخّ ادمون غاريوس الأموال لشراء الاصوات في بلدته الشيّاح وعدد من بلدات القضاء، ووزّع لوائح ملغومة.

اليوم أُقفل هذا الاحتمال بوجه ادمون غاريوس، لأنّ الانتخابات المقبلة ستكون على أساس لوائح مقفلة. أهل بعبدا وإن فكّروا مئة مرّة في الـ2009 بإرضاء التيار عبر انتخاب لائحته وإرضاء “موني غاريوس” عبر تشطيب أحد مرشحي التيار، فإنّ اليوم، وكما يعلم القاصي والداني تَوَجُّه أهل بعبدا قلباً وقالباً هو نحو العهد الجديد، وبالتالي ستصبّ غالبية أصواتهم في صناديق التغيير والاصلاح وخاصة ان اللائحة تنطلق من تحالف ثابت مع حزب الله الامر الذي أكده رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل في إفطار هيئة قضاء بعبدا…

وكذلك إنّ أحداً من البعبداويين ليس جاهزاً للتفريط بتاريخ نظيف لحساب نزوة انتخابية عابرة طواها الزمن وأثبت فشلها، وهذا هو الدليل الى أنّ الاصوات التي حصلت عليها في الـ2009 اللائحة المقابلة للتيار التي ضمّت صلاح حنين وادمون غاريوس والياس ابو عاصي، لا يمكن الاستناد اليها لقراءة النتائج المحتملة في الـ2018 خصوصاً أن في حينها كل أصوات القوات والكتائب والاحرار وقوى 14 آذار صبّت لمصلحتهم.

المعطيات اليوم تغيّرت في ما خصّهم، فمن كان في ظهر ادمون مثلا، من رؤساء بلديات كرئيس بلدية الحدت حينها أنطوان كرم وحارة حريك سمير دكاش، وغيرهما، قد غادروا من دون أي بصمة أو سلطة ليحلّ مكانهم طاقم ملتزم في التيار الوطني الحرّ. أمّا هؤلاء الذين أُعيد انتخابهم مثل رئيس بلدية الحازمية ورئيس بلدية تحويطة النهر-فرن الشبّاك-عين الرمّانة، لم يعد بوسعهم ضمان تجيير أصوات لإدمون أو غيره في ظلّ اللوائح المقفلة. ومن الهرم البلدي الى الهرم الرئاسي وتحديداً أعلاه، حظي في الـ2009 ادمون غاريوس بدعم من رئيس كان واحداً من طموحاته تأسيس كتلة نيابية خارج حدود بلدته عمشيت التي لم تمنحه صوتها بلديّاً حتى.

وأيضاً وأيضاً سخّر وزير الدفاع آنذاك الياس المرّ، لصهره ادمون، كل قوّته والأجهزة الامنية والاستخباراتية، ومع هذا كلّه لم يتمكن من حصد في ضيعته الشيّاح سوى ما يقارب نصف اصوات الناخبين… وهذا كله بعد احد عشر عاماً على ترؤس البلدية. أضف الى ذلك أن حينها ابن الشياح  ناجي غاريوس كان يترشح للمرة الأولى أمّا اليوم وبعد عمله النيابي الذي كان على رأسه تأمين المياه والكهرباء لبلدته الشياح وعدد كبير من المشاريع الانمائية والخدمات الطبية والانسانية في كل قضاء بعبدا، وإعادة مستشفى بعبدا الحكومي الى الخارطة الصحية، لم يعد ادمون صاحب رصيد شعبي وحيد في الشياح بل له منافس أكثر من قويّ. كل هذه المعطيات السابقة كانت لصالحه ومع ذلك لم يقطف مقعده النيابي، فكم بالحري اليوم في ظل عهد تظلله بصمة برتقالية، ويبسط رئيس ما هو الا العماد ميشال عون، فَيأه عليه.

وتستمر الحكاية، إذ استمرّ ادمون غاريوس وقتها في تماديه عبر استقالته قبل ستة أشهر حيث بقي عضواً في البلدية وأتى الى رئاستها بنصيرٍ له بقي أيضاً يُنفّذ مشاريعه. أمّا اليوم وقد تبدّلت المشهدية البلدية الذي فُرض التحالف فيها، يبقى سؤال يدور في خلد ادمون ومن لفّ لفّه:”هل سيستطيع أن يؤمّن خيالاً له في رئاسة البلدية هذه المرّة أيضاً وهل هو مستعدّ للخروج من العضوية أيضاً بحسب ما ينصّ عليه القانون الانتخابي الجديد ليخطو خطوة نحو المجهول قد تلغيه من المعادلة؟” علما انه لا يتردد في غير مناسبة في تشبيه نفسه بكبار القوم من رؤساء جمهوريات بلاد كانوا رؤساء بلديات على شاكلة ساركوزي واردوغان، وهو ما ينم عن غرور في معادلة مقارنة غير متكافئة البتة. حتى ولو خاطر بخروجه من سدة البلدية سعيا وراء حلمه النيابي وان فشل فلن يعود احد يذكر اسمه وليس نهاد نوفل سوى خير مثال حي.

حتى لو منحناه اسباباً تخفيفية، وقلنا إنّه سيترشح الى اللائحة القواتية فهل يظن لوهلة واحدة بأن الصوت التفضيلي سيكون له على حساب الوزير الشاب بيار بو عاصي من الجرد الذي أثبت نفسه؟ أو على حساب جوزف أبو جوده الامين العام المساعد لشؤون المناطق في حزب القوات اللبنانية؟ أو أيضاً على حساب نادي غصن القوّاتي الذي لم يدخل الى بلدية الشياح في الـ2017 بعدما كان في وقت سابق نائباً لرئيسها، كونه طامح للنيابة؟

والى جانب “موني” لا يجب نسيان رئيس حزب الوعد جو حبيقة الذي كان أكّد كذلك تفكيره بالترشح في خضمّ معركة قانون النسبية، وكذلك طموح فادي صليبي نائب رئيس بلدية حمّانا، وبيار بعقليني رئيس بلدية بزبدين ليكون أحدهما مرشحاً لتيار المرده في بعبدا، وأيضاً رئيس بلدية الشبانية كريم سركيس الذي يدغدغ أحلامه الترشح الى مقعد نيابي ماروني في بعبدا، وأيضاً المرشح الدائم صلاح حنين… لكن ستبقى تقضّ مضاجع كل هؤلاء محركات التيار الوطني الحر الانتخابية والحزبية والخدماتية والسياسية. فمرشحو التيار  هم ابناء أكبر تيار مسيحيّ، عنده هيئات محليّة في كل بلدات بعبدا الساحلية، والوسطى والعليا، وهيئة قضاء فاعلة وناشطة وأكثر من قوية، وماكينته الانتخابية واسعة جدّاً أثبتت جدارتها في الـ2005 و الـ2009.

كثر يضعون علامات استفهام على إمكان أن يغامر ادمون غاريوس بتقديم استقالته من رئاسة بلدية الشياح “داعساً دعسة ناقصة” تكون نهاية لحياته “العامّة”. حجم ادمون غاريوس جزء من الشياح، وحجم فادي صليبي جزء من حمّانا، وحجم بيار بعقليني جزء من بزبدين، وهكذا دواليك… أمّا حجم ناجي غاريوس، والان عون وحكمت ديب فعلى مساحة وطن كامل، منتشر في كل زاوية من زوايا قضاء بعبدا… لذلك وكخلاصة لكل ما أُسلف، سيعدّ ادمون غاريوس وغيره من الطامحين، الى المليون، قبل الاقدام على أي خطوة في المجهول!