رضوان مرتضى-
لن يكون الـ 162 نازحاً سورياً الذين غادروا مخيمات عرسال السبت الماضي، باتجاه بلدة عسال الورد في جبال القلمون السورية، الوحيدين الذين سيعودون إلى بلدهم.
إذ كشفت مصادر أمنية لـ«الأخبار» عن دفعة ثانية من النازحين المقيمين في مخيمات عرسال في البقعة الجردية المتاخمة للأراضي السورية، تتألف من نحو 500 نازح سوري، يتهيّأون لترك عرسال نهائياً للعودة إلى قراهم. وتشير المصادر إلى أنّ الدفعة الأولى من النازحين الذين انتقلوا إلى بلدة عسال الورد السورية الأسبوع الماضي أبلغوا ذويهم عن تسهيلات كبيرة قدّمتها الدولة السورية لهم بعد المصالحة التي عُقِدت، كاشفين عن إيجابية كبيرة في التعامل من قبل الطرف السوري. وقالت المصادر إن الجانب السوري كان مهتماً جداً بعودة كل عائلة تملك منزلاً إلى بلدتها، وعرض تقديم تسهيلات بخصوص الخدمة العسكرية للعائدين، كأن يكون مركز خدمتهم في البلدة التي انتقلوا إليها. وتكشف المصادر أن هناك رغبة حقيقية لدى نازحين كثيرين بالعودة إلى قراهم، لكن السلطة السياسية اللبنانية غائبة تماماً عن هذا الملف. وفيما يسهل الجيش اللبناني عودة النازحين إلى قراهم، إلا أن السلطة السياسية تتعامل مع الأمر بسلبية وتجاهل كاملين. ورغم أن عدد العائدين بسيط للغاية نسبة إلى العدد الهائل من النازحين السوريين في لبنان، إلا أن ما جرى يصلح لأن يكون مدخلاً لحل أزمة النازحين، ولو جزئياً، إذا ما تلقفته الدولة اللبنانية.
وتجدر الإشارة إلى أنه لو وجدت الدفعة الأولى من النازحين الجو غير مؤات في البلدات التي عادوا إليها، لما كانوا أبلغوا الباقين من ذويهم باللحاق بهم، علماً بأن ضامني الاتفاق هم فاعليات منطقة القلمون وعدد من مشايخها الذين يتولون التفاوض بين الدولة السورية، ومجموعات «سرايا أهل الشام» التي تقاتل تنظيم «داعش» في جرود عرسال، دفاعاً عن مخيمات النازحين التي يحاول التنظيم احتلالها. وقد انتقل أحد المشايخ من سوريا إلى جرود عرسال قبل أيام، لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق.
وفي هذا السياق، قال المفاوض الأساسي في هذه القضية، أبو طه العسالي، لـ«الأخبار» إن الدفعة الثانية من النازحين ستنتقل الى الأراضي السورية خلال أيام عيد الفطر المبارك. وكشف أن البلدات التي ستنتقل إليها العائلات هي عسال الورد والجبة والمعرة ويبرود، مشيراً إلى أن الدولة السورية تلعب دوراً إيجابيا كبيراً. وأكّد أن المرحلة الأولى (التي جرت الأسبوع الماضي) «كانت مشجعة»، ما دفع نازحين آخرين الى اتخاذ قرار بالانتقال الى الداخل السوري.
مع بدء الأزمة في سوريا، كان تيار المستقبل وفريق قوى ١٤ آذار متماشيين مع السياسة الخليجية والتركية والأوروبية والأميركية التي كانت قائمة على تشجيع السوريين على مغادرة سوريا لخلق أزمات أكبر، في محاولة لتضخيم الأزمة السورية وتدويلها. هذا التوجه كان قائماً بقوة في السنوات الأولى للأزمة السورية، لكن الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة خلال الأشهر الأخيرة قلبت الآية. فالدول الأوروبية اكتشفت أن النزوح السوري يمكن أن يتحوّل إلى عبء عليها. وفي لبنان، باتت جميع القوى السياسية، وعلى رأسها تلك التي شجّعت النزوح السوري، تعتبره تهديداً كارثياً للبنان. حتى رئيس الحكومة، سعد الحريري، خرج في آذار الماضي ليعلن أن النزوح السوري يمكن أن يتحوّل إلى «كارثة على الجميع». لكن أحداً من المسؤولين لم يحرك ساكناً لتشجيع النازحين على العودة إلى بلادهم، أو على الأقل، لتسهيل عودة الراغبين بذلك.
فالعقدة الأساس لعدم تعميم ما يجري في عرسال، بحسب مصادر متابعة للملف، تتمثّل بعدم رغبة السلطة السياسية في التواصل مباشرة مع الدولة السورية. ويمكن تجاوز ذلك من خلال طلب «وساطة» حزب الله، أو تكليف المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إدارة هذا الملف، طالما أنه سبق أن تواصل مع الجانب السوري في أكثر من ملف أمني وإنساني.
تجدر الإشارة إلى أنه بعد إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في 13 أيار الماضي، عن بدء مقاتلي الحزب تفكيك مواقعهم في جرود السلسلة الشرقية لجبال لبنان، بدأت المفاوضات مع «سرايا أهل الشام»، وبرعاية فاعليات من القلمون، لعودة العائلات النازحة من المخيمات العرسالية.
-الأخبار-