* العونيون نجحوا، لأنهم لم يسكروا بنشوة “الحزب الحاكم”.
-عندما تخلَّى فخامة الرئيس ميشال عون عن رئاسة التيار الوطني الحر، بدا وكأنه يُغادر حزباً الى رحاب الوطن، وشاء أن يختبر قدرة العونيين على
الإستمرار بدونه، وأنه يكتفي من موقعه كقائدٍ مُلهِم بمراقبة أدائهم، وعندما وصل فخامته الى بعبدا، أدرك العونيون مُسبقاً أن ميشال عون بات ملك الوطن، ولن يسمح بتشريع الأبواب للوصوليين وهذه تربيته لهم، وهذه هي مناهج ومنهجية “المدرسة العونية”.
العونيون زاهدون، فلا وظيفة برتجون من خلال التيار الوطني الحر، ولا هم من جماعة “بون البنزين”، ولعلَّهم بوصول قائدهم الى أعلى كرسي في الجمهورية اللبنانية، لم يسكروا بنشوَة أنهم باتوا “الحزب الحاكم”، لأن لبنان بلد التوافقات، شرط أن لا تكون على حساب المسيحيين أو أية فئة مظلومة أخرى، وقد بدأ فعلاً تطبيق المناصفة في الوظائف وإعادة المسيحيين الى مراكز هي أصلاً من حقِّهم، دون الإنتقاص من حقوق الشركاء في الوطن، الذين أبدوا كل تجاوبٍ في هذا الإطار وخاصة الرئيس الحريري، وتحت عيون الحليف الوفيّ الذي يرفض أن يكون “الجبل الساكن في بعبدا” محروماً من مقومات الشموخ.
وأمام تحقيق قانون النسبية واستعادة المسيحيين نحو عشرين مقعداً مُصادراً، بحيث بات عدد النواب المسيحيين الذين يُنتخبون بأصوات طوائفهم 50 مقعداً من أصل 64 بدلاً من 31 مقعداً كما هو الوضع حالياً، فالفضل في ذلك لنضالات التيار ومعه القوات كأصحاب حق، والفضل أيضاً وأيضاً لشركاء الوطن الذين قرروا إعادة الأمانة الى المسيحيين.
التيار يجب أن يستمر على المستوى الوطني، لأن “العونية” يجب أن تبقى في القلوب والضمائر، حركة لبنانية نظيفة نقية، ولعل أنقى ما فيها، أنها الهيكل المدني الحاضن للجيش اللبناني، ولأن الجيش هو عين والمقاومة هي العين الأخرى، والتيار يجب أن يستمر على مستوى الدولة، لأن “العونية” نظافة كفّ، وهي الكفّ الذي يصفع وجوه الفاسدين، وإذا كان قلب الطاولة مُخاطرة كبيرة بعد عقودٍ من عقلية المزرعة، فإن أية معاهدة أو إتفاقية أو مناقصة لم تتمّ منذ وصول فخامة الآدمي الى بعبدا سوى وفق الأصول، وامنحوا ميشال عون عدَّة أشهرٍ إضافية وخذوا منه دولة انتفضت على مزرعة، واحكموا بضمائركم على حُكمِ من لا يرغب اعتبار نفسه “الحزب الحاكم”…