عَ مدار الساعة


أخبار عالنار (أمين أبوراشد)

 * حكاية من البقاع الغربي عمرها أربعة عقود: أرادوا لنا كمسيحييّ أطراف، أن تكون أطرافنا لضرب الآخر، فاحتضنناه وما زلنا وسنبقى…

– هي حكاية تُصلح أن تكون وثيقة،أبطالها والشهود عليها أحياء يُرزقون، وهي برسم غبطة البطريرك الراعي ومعالي الوزير جبران باسيل:
عام1977، كان “جيش لبنان العربي” بقيادة الضابط المُنشقّ أحمد الخطيب، يسيطر على منطقة البقاع الغربي ومعه بعض المنظمات الفلسطينية، وقرر أبناء بعض القرى المسيحية والمختلطة، تأمين حراسة ليلية لمراقبة نطاق كل قرية ومنع تسلل الغرباء إليها.

إحدى هذه القرى، كان بعض شبابها منتسبين الى حزب مسيحي، وبناء لطلب هؤلاء الشباب وبإلحاح، قرر الحزب تزويدهم بأسلحة فردية، وأرسل لهم بنادق “سيمينوف” مع 20 طلقة لكل عنصر، وبعد أسبوعٍ واحد من وصول “هِبَة الأسلحة”، أوفد الحزب، “المفوض المركزي للقوى النظامية”، للإطلاع على الوضع “ميدانياً”، فرأى على قمَّة جبل الباروك ثكنة مهجورة للجيش اللبناني، ومن ضمنها الموقع المعروف بإسم “رادار الباروك” المُطلّ على سهل البقاع، وكان محتلاً من أحد الأحزاب اليسارية، فطلب من الشباب احتلال الرادار، ولما اشتكى الشباب من عدم صلاحية هكذا أسلحة، وعدم كفاية الذخيرة لإقتحام ثكنة على قِمَّة الجبل وفيها أسلحة ثقيلة ومن ضمنها المدفعية،أجاب المفوَّض القبضاي بكل ثقة وبلهجة عسكرية: “إعتمدوا التسلل ليلاً والقنص من بعيد، ثم داهموا الثكنة”!، ولولا وعي الشباب وحكمة الأباء وعاطفة الأمهات على الأبناء، لكانت إحدى قرى البقاع الغربي ابتُليت بمجزرة وتهجَّرت، وابتُليت معها كل القرى المسيحية، في منطقة مختلطة لم تحصل فيها طيلة الحرب وحتى يومنا هذا “ضربة كفّ”، أو كلمة مُسيئة بين أهلها.

هذه الحكاية، هي فقط نموذج، يُظهِر مستوى سخافة “المركز” القابع في بيروت في تعامله مع مسيحيي الأطراف، ولولا وعي أبناء تلك المناطق، وإنتمائهم لأرضهم وعيشهم اللبناني الواحد مع الشريك في الوطن، لكان “قبضايات التشبيح” في مركزية القرار قضوا على آخر مسيحي.

ليست المسألة في نقل مقعد نيابي من البقاع الغربي، وغالبية أبناء البقاع الغربي هُم مع النسبية الكاملة ضمن لبنان دائرة إنتخابية واحدة، لكن نقل مقعدٍ ماروني ضمن قانون طائفي توافقي، هو مشروع إحباط سيشعر به المسيحيون لو نُقِل المقعد، بصرف النظر عن إنتاجية النائب التي لا تختلف عن إنتاجية كل نواب المجلس.

إننا إذ نُحيِّي الموقف المشرِّف لغبطة البطريرك الراعي، الذي اعتبر المقعد الماروني موقع تواصل، والموقف النبيل للوزير باسيل في اعتباره مسيحيي الأطراف أنهم في القلب، شئنا أن نضع هذه الحكاية أعلاه بعُهدتهما، لتوثيق المُعاناة المُزمنة لمسيحيي الأطراف مع دُعاة حماية المسيحيين، وليعلَم من يهمَّه الأمر من مُحِبِّي “بحبحة” المقاعد في كسروان على حسابنا، أننا لن نكون “طلقات سيمينوف” بيد أحد، ولا نرغب بـ “مفوَّضين” للتنظير علينا، وليكُن لأبناء البقاع الغربي حريَّة قرارهم ضمن بيئة لبنانية نموذجية لن يُغادروها، ونحن لبنانيون أكثر من سوانا، ومسيحيون أقدس من كثير من المسيحيين، ودعُونا نعيش مسيحيتنا رُسل سلامٍ ومحبَّة مع أخوةٍ لنا في المواطنة، ودعوا أجراسنا تُقرَع مع تكبير الآذان والسلام…