قبل أن يفرح أعداء مديوغوريه معتقدين (الحركة المريمية في الأراضي المقدسة)
أنهم يرون بوادر نهايتها بعد أن قرأوا ما قاله قداسة البابا فرنسيس عن مديوغوريه، فليتأمّلوا جيداً بكل أقوال قداسته وعدم التركيز فقط على بعض منها.
قبل كل شيء نودّ أن نعترف بأننا منذ اللحظة الأولى لتولّي البابا فرنسيس السدّة البابوية، لم يبدر من موقعنا (marianmovement.org) أبداً أي تشكيك في حكمته وسداد رأيه وتميُّز شخصيّته المتواضعة والمحبّبة، وبالطبع لن نبدأ اليوم! كأبناء للكنيسة الكاثوليكية المقدّسة نؤمن إيماناً راسخاً بأنّ الروح القدس الذي يرافق السيّدة العذراء في جميع ظهوراتها ويعمل معها في كنيسة الرب يسوع سيعمل على كشف جميع الحقائق في الوقت المناسب. فما علينا إذاً سوى أن نبحث عن الحكمة بتصريحات البابا للصحفيين في الطائرة عند عودته الى روما من فاطيما.
ماذا قال البابا فرنسيس؟
ملاحظة: في الترجمة العربية للّقاء الصحفي اختار موقع اليتيا أن يحذف بعض العبارات من إجابات البابا! وبعض العبارات ترجمتها ضعيفة لا تُبرز المعنى. الله أعلم ما هو دافع الموقع! لكننا اضفناها حرفياً (باللون الأحمر) ودون تلاعب بكلام البابا. وللتأكيد على العبارات المحذوفة والمصحّحة، نرفق في نهاية المقال النص الكامل لحديث قداسته مع الصحفيين باللغة الإنكليزية.
كان السؤال: «مساء الخير قداستك، أسألك بالنيابة عن الفريق الإيطالي: أمس واليوم، كنا شهوداً مع قداستك على إيمان شعبي هائل. وهذا نشهده أيضا في مزارات مريمية أخرى كمديوغوريه. ماذا تقولون عن تلك الظهورات – إن كانت بالفعل ظهورات – وعن حراراة الإيمان التي نتجت عنها، بما أنكم أوكلتم أسقفاً لمتابعة الأمور الراعوية؟»
جواب البابا: «مديوغوريه، كل الظهورات أو الظهورات المزعومة تبقى في دائرة الخاص، وليست جزءاً من تعليم الكنيسة العام. بالنسبة لمديغورييه: تم تأليف لجنة في هذا الصدد يرأسها الكاردينال رويني. عيّنها البابا بندكتس السادس عشر. وفي نهاية العام 2013 أو بداية 2014 قدم رويني النتائج. اللجنة كانت مؤلفة من لاهوتيين بارعين، وأساقفة وكرادلة بارعين، بارعين جدّاً.
تقرير الكاردينال رويني كان ممتازاً. وكان هناك بعض الشكوك صادرة عن مجمع العقيدة والإيمان ورأى المجمع انه من المناسب إرسال الى كل واحد من أعضاء لجنة “فيريا كوارتا” جميع الوثائق، حتى تلك التي يبدو أنها ضد تقرير رويني. (ملاحظة المحرر: “فيريا كوارتا” هو اجتماع مرة واحدة في الشهر في مجمع العقيدة والإيمان التي يتم خلالها فحص الحالات الحالية)
تلقيت شخصياً الخبر، وكان ذلك مساء يوم سبت. لم يبدو لي ذلك صحيحاً. كأنه يتم وضع تقرير رويني في المزاد العلني – عفواً على هذا التعبير – التقرير الذي تم القيام به بشكل جيد للغاية. لذلك في صباح الأحد استلم رئيس مجمع العقيدة والإيمان رسالة مني تقول بدلاً من إرسالها الى “فيريا كوارتا” عليه إرسال الآراء لي شخصياً. تمت دراسة هذه الآراء وجميعها تؤكد كثافة تقرير رويني».
هنا سنتوقّف قليلاً لنفهم أهميّة وعمق أقوال قداسته. يجب ملاحظة 3 أمور يقولها البابا:
1- يشهد البابا فرنسيس على جودة وبراعة اللاهوتيين والكرادلة والأساقفة الذين اشتركوا في لجنة التحقيقات التي عيّنها البابا بندكتس السادس عشر.
2- يعترف البابا فرنسيس أن تقرير اللجنة برئاسة الكاردينال رويني إيجابياً وممتازاً.
3- يُصرّح قداسته أنه عندما علم بأن المجمع قرّر إرسال تقرير رويني ومعه بعض الملاحظات التي قد يكون بعضها معارضة لتقرير رويني الى جميع أعضاء لجنة فيريا كوارتا، تصدّى للقرار وبعث برسالة الى رئيس مجمع عقيدة الإيمان يطلب أن تُرسل إليه الملاحظات (آراء أعضاء المجمع بينهم بعض المعارضين لتقرير رويني) وبعد دراستها يقول قداسته أن جميعها تؤكّد كثافة التقرير اي لم يكن بينها معارضات!
ماذا يعني تصرّف البابا هذا؟ لقد قام بتحول التقرير إليه بدل إرساله الى الأعضاء فردياً والهدف واضح: لم يرغب البابا أن يتم تغيير أو إضافة ملاحظات سلبية – لقد اعترف مسبقاً أن التقرير إيجابي وممتاز. ولكي نفهم أكثر أهمية عمل البابا هذا علينا أن نعرف أنها ليست الطريقة المتّبعة عند دراسة ظهورات أو أحداث تفوق الطبيعة. فالتسلسل المتّبع في هذه الحالات هو أن مجمع العقيدة والإيمان يدرس التقرير قبل إرساله مع ملاحظات أعضائه الى البابا الذي بدوره يدرس التقرير والملاحظات وبعد ذلك يُصدر قراره. لماذا إذاً أمر البابا فرنسيس بإرساله إليه قبل إضافة الملاحظات؟ وماذا كانت نتيجة عمله هذا الذي لم يسبق له مثيل؟
بكل بساطة قام البابا بمنع المعارضين من التأثير على أعضاء الفاريا كوارتا والمحافظة على نزاهة التقرير!
نعود الآن الى الحديث، والبابا يُكمل إجابته:
«قبل كل شيء لا بد أن نميّز بين ثلاث أمور: بالنسبة للظهورات الأولية، عندما كان الرؤاة أطفالاً، يقول التقرير أنه لا بد من متابعة التحقيقات. بالنسبة للظهورات الحالية، فالتقرير يطرح الشكوك. أنا شخصياً أكثر شراسة: أنا أفضل العذراء كأمّ، امنا نحن، وليس كإمرأة رئيسة مكتب البريد التي تبعث برسالة كل يوم في ساعة معينة…هذه ليست أم يسوع. وهذه الظهورات المزعومة ليس لها قيمة كبيرة. أقول هذا كرأي شخصي. ولكن هو واضح. من يفكر أن العذراء تقول: تعالوا غداً في تلك الساعة لأني سأعطي رسالة لذلك الرائي؟… كلّا الظهوران (الظهورات الأولى والحالية) يتميّزان.
الأمر الثالث هو جوهر تقرير رويني. الحقيقة الروحية، الحقيقة الراعوية. أناس يذهبون الى هناك ويعودون الى الإيمان، أناس يلتقون الرب وتتغير حياتهم.. لكن هذا… لا يوجد هناك عصا سحرية. وهذه الحقائق الروحية والراعوية لا يمكن نفيها. الآن، لكي نرى الأمور مع كل هذه المعلومات، ومع جميع الإجابات التي أرسلها إليّ اللاهوتيون، تم تعيين هذا الأسقف الصالح، الجيّد، لأنّ لديه الخبرة ليتابع كيف يسير الجزء الراعوي، وفي النهاية سوف يقول كلمته».
ما الذي قاله قداسة البابا حتى الآن؟
قال تقرير رويني ممتاز ومعروف أن تحقيقات اللاهوتيين والعلماء التي درسها التقرير نتائجها أيجابية مثال تحقيقات الأب رينيه لورنتين اللاهوتي والمريمي الباحث الخبير بظهورات العذراء فقد أصدر عدّة كتب عن مديوغوريه يؤكّد فيها بالبراهين العلمية صحّة الظهورات! دافع البابا عن تقرير رويني عندما منع من المعارضين التأثير على أعضاء الفاريا كوارتا.
ثم نلاحظ أن البابا يقوم بتقسيم الظهورات الى قسمين: الظهورات الأوليّة والظهورات الحالية. قد تكون هذه الخطوة التي يراها البعض طعنة بحقّ الظهورات لكنها في الواقع قد تنكشف لاحقاً على أنها خطوة عبقرية!
ويقول قداسته «لا بد من متابعة التحقيقات» اي عدم رفضها والبحث في صحّتها حتى النهاية. هل يريد البابا القول أن الظهورات الحقيقية في مديوغوريه قد انتهت؟ ماذا يعني ذلك؟ هل يعني أن الباب قد فُتح أمام عذراء مديوغوريه؟ في الحقيقة إذا تم فصل الظهورات على أنها إثنتين – وذلك بحسب تعبير البابا نفسه: ظهورات أوّلية وأخرى حالية، فذلك يعني أن الكنيسة تستطيع إصدار قرارها بالنسبة للظهورات وإن كان فقط على سنوات الظهورات الأولى! فالجميع يعلم أن الكنيسة لم تُثبت ظهورات مريمية إلا بعد توقّفها! بتقسيمه الظهورات الى قسمين يعطي الضوء الأخضر للقرار النهائي المرتقب بالنسبة لحقيقة الظهورات في السنوات الأولى (غالبية الأسرار أُعطيت للرؤاة في السنوات الأولى ميريانا إيفانكا وياكوف استلموا العشرة أسرار قبل مرور 10 سنوات على بدء الظهورات) فهل هذا ما ينوي القيام به قداسة البابا فرنسيس؟
لكن لماذا يرفض الظهورات الحالية؟ لماذا يقول هذه ليست أمّ يسوع؟ ويشبّهها برئيسة مكتب البريد التي تبعث برسالة كل يوم في ساعة معينة. قبل أن يدلي البابا برأيه الشخصي قال جملة مهمة: «أنا شخصياً أكثر شراسة» يقول البابا ويشدّد ان ذلك رأيه الشخصي، ويستعمل عبارة più cattivo أي أكثّر شراسة وقسوة. أي أنه يُظهر الرأي المتشدّد الرافض لعذراء مختلفة عن تلك التي يتصوّرها. ويوضح هذا الرأي بأن الشخص لا يرى السيّدة العذراء إلا كأمّ ويصعب عليه قبولها بطريقة أخرى.
فهل فعلاً تختلف عذراء مديوغورييه عن عذراء فاطيما مثلاً؟ ألم تُحدّد هي أيضاً توقيت ظهوراتها – 13 من كل شهر. قداسة البابا يعلم ذلك جيّداً. وهو يعلم بحق أهميّة استكمال التحقيق قبل الإدلاء بالقرار الأخير والحاسم. هو يُظهر لنا عدم تساهله بكل الجوانب ويُعطي الأهميّة والإهتمام لكل الأفكار – المشجّعة والمدافعة وأيضاً المتشدّدة والرافضة – فلا يمكن لأي من الطرفين ان يقول عندما يصدر القرار النهائي أنّ البابا كان منحازاً.
أخيراً هذه ليست المرة الأولى التي يُفسّر حديث البابا ويُفهم بطريقة خاطئة. كلام البابا كان مليئاً بالامور التي تشهد لصالح ظهورات مديوغورييه ومن المؤسف أن البعض لا يعرفون أن يجدوا الجمال والخير في الأمور بل ينقضّون على الفرص الرخيصة كالضباع الجائعة التي تشتمّ الدم من بعيد، ولا ترى أنّ ما تعتقده غنيمة سهلة هي أسمى وأرفع من أن تقع فريسة الجهل والغرور.
لقراءة الخبر من المصدر (إضغط هنا)