– عن الثورات الملونة والضربات الإسرائيلية في سورية…
حاضر سفير روسيا الاتحادية في لبنان الدكتور الكسندر زاسبيكين في مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية وبدعوة منه، حول “استراتيجيا روسيا لبناء السلام والحرب على الارهاب”، في حضور النائب العميد الوليد سكرية، منى سمندر ممثلة سفير الجمهورية العربية السورية في لبنان الدكتور علي عبد الكريم علي، الرائد حيدر قبيسي ممثلا المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، العميد المتقاعد الياس فرحات، ونخبة من الأكاديميين والمحللين السياسيين والاعلاميين.
بداية، كلمة تقديم باسم المركز ألقاها الدكتور عماد رزق فطرح عدداً من الأسئلة حول أوضاع المنطقة. ثم تحدث زاسبيكين فلفت الى أن “هناك ثوابت أساسية في السياسة الروسية وهي معروفة”، متوقفا عند عيد النصر على النازية في الحرب العالمية الثانية “لأنه العيد الأهم عند الشعب الروسي”، منتقداً في هذا المجال “محاولات الاعلام الغربي تزوير الحقائق حول هذه الحرب”.
وقال: “يومها تحالفت اميركا وبريطانيا مع روسيا ولم تكونا من حلفائها، ولكن لمحاربة خطر النازية، وما نتج عنها من إقرار منظمة الأمم المتحدة، وحق النقض وهو ما أرسى معالم سياسة دولية”.
وأعلن عن “سياسة مد اليد حاليا لمواجهة خطر الارهاب بغض النظر عن الخلافات الاساسية، لأن هذا التقارب لمواجهة خطر الارهاب هو أمر إيجابي بالنسبة للجميع ومنهم الاميركي والعرب والدول الاقليمية”.
ولفت الى أن “الأمور سارت في الربع الأخير من القرن الماضي من نزاع الى نزاع، وحصلت محاولات مستمرة لفرض الارادة على الآخرين، ومنها توسع حلف الناتو (الأطلسي) بدعم اوروبي، ثم الثورات الملونة لاسقاط الانظمة”.
وقال: “نحن رفضنا ذلك ووقفنا ضده. ونحن لا نغير ولن نغير نهجنا في هذا الصدد”.
وأشار الى أن “هناك محاولات لتخريب الاوضاع في الشرق الاوسط واوكرانيا، وإشعال الفتن”، متسائلًا عما “إذا كان هذا الطريق الى الفوضى الخلاقة ستستمر في المرحلة المقبلة”. وقال: “نحن نبذل جهودا للوصول الى تسوية سياسية في المنطقة وقد اتخذنا إجراءات، وهناك مخاوف كثيرة. وهناك تنسيق مع السلطة والنظام في سوريا ومع حلفائه لتحقيق الاهداف التي طرحناها”.
ورأى ان “اسرائيل يهمها أن يكون الطرف العربي ضعيفا، وهذا ما يحصل”، مستبعدا أي عدوان اسرائيلي تجاه منطقة جنوب سوريا، وأي دور لإسرائيل في منطقة جنوب سوريا، أو في المناطق منخفضة التصعيد”.
وعن موقف روسيا من الغارات التي تشنها اسرائيل، قال: “واضح للجميع ان روسيا دخلت الى سوريا بهدف مكافحة الارهاب وليس لأهداف أخرى، وليس للصدام مع اميركا واسرائيل في سوريا، أما ما يتعلق باسرائيل وسوريا والمقاومة فهذا أمر يتعلق بهم“.
وسئل عن أبرز مخاوف روسيا تجاه ما يحدث في سوريا فلفت الى أنه لا يوافق على كلمة مخاوف، قائلا: “نحن لا نخاف، ولكن نحن نرى مخاطر تقسيم لسوريا ومثلها محاولات في العراق وليبيا واليمن. الواضح أن المخطط كبير“.
واستذكر في هذا المجال تفكيك الاتحاد السوفياتي والذي أعقبه تفكيك يوغوسلافيا، معتبرا أن “هذه من الأسباب التي أدت الى عودة السياسة الروسية الى السياسة الوطنية، للانتقال بعدها الى الشراكة مع الغرب على قدم المساواة وليس على اساس التبعية”.
وقال: “نحن قلقون من تجربة الثورات الملونة تحت شعار الديموقراطية. ان أخطر ما يمكن أن يحصل في المجتمع الدولي هو التقسيم. إن كل الجهود الروسية هي أن تبقى سورية دولة موحدة ذات سيادة. وهناك مخاوف من انتشار الخلافات على أساس طائفي-إثني في مناطق عديدة من العالم، وخاصة في الشرق الاوسط وروسيا، نحن نريد إيقاف هذا الوباء”.
ورأى أن “المطلوب اليوم هو إيقاف هذا التدهور في العلاقات الدولة والأمن في العالم”،. متسائلا عن “الطريق لمعالجة الاوضاع”، وقال: “نحن نشير الى هذه العوامل الخطيرة وابرزها ظاهرة الارهاب”.
واتهم “سياسة الغرب التي ادت الى هذه الكوارث، والى انتشار القاعدة والنصرة والفصائل الارهابية التي نعرفها بالاسماء”، مطالبا المجتمع الدولي “بمواجهة هذا الخطر وعدم استغلاله كما يفعل بعض الاطراف عكس ما تحاوله روسيا بكل وضوح وشفافية”.
وردا على سؤال حول الدور الروسي في المنطقة فقال: “هناك مؤتمر مدريد للسلام، وروسيا لم تأت الى المنطقة كي توجه ضربة الى اسرائيل فهذا غير مطروح على الاطلاق. والسؤال هل نستطيع العودة في ظل هذه الظروف الى مباحثات السلام؟”.
وتابع: “إن الجهود الروسية هي من أجل الوصول الى تسوية في سورية، ومن اجل العودة الى مباحثات السلام. أما الهدف المباشر فهو محاربة الارهاب. هناك ارسال مقاتلين من ثمانين دولة في العالم الى سورية، عدا عن تزوير قرار الامم المتحدة بشأن ليبيا”.
ورأى أن “وسائل الاعلام الغربية بالغت كثيرا في تحميل روسيا فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الاميركية“، معتبرا أن “الرهان على ترامب والاتفاق معه غير وارد حتى اليوم”، واصفا الاتصالات بأنها “حوار أولي وغير ناضج، وأن تطوره في أي اتجاه غير واضح أيضا”.
وكرر ردا على سؤال حول اسرائيل بالقول: “هناك هدف لعملية السلام هو الأمن للجميع، وليس مطروحا ضمان الأمن لإسرائيل كنتيجة لما يحدث، فهناك خطر تقسيم سوريا والعراق وخطر انتشار الفتن في كل مكان، وهذا هو المطروح.
لا نوافق ولن نوافق على تقسيم سوريا، ليس مطروحا ضمان أمن اسرائيل من خلال تقسيم سورية”.
وعن التدخل التركي في سوريا قال: “إذا أعلنت سوريا ان التدخل التركي تم بإذن منها فنحن نوافق”، وقال: “السؤال الاساسي هو هل علينا أن نصطدم بكل القوى الموجودة على الساحة السورية، أم أن التركيز الاساسي يجب ان يكون على محاربة داعش والنصرة والارهابيين؟ نحن نحارب هذه الفصائل، أما العلاقة مع الآخرين فنحن نتخذ المواقف السياسية ومنها تركيا التي تشارك في مسار الأستانة في ترتيب الأمور، لذلك لا نعتبرها طرفا معاديا. نحن نريد تكوين آلية تسمح لنا بالمراقبة والضغط على الاوضاع، وأن تكون أكثر فاعلية من السابق”.
وختم متحدثا عن الاتحاد السوفياتي منذ تفككه فقال: لقد عشنا عدة مراحل، الأولى كانت في التطلع نحو الغرب فأدت الى انهيار اقتصادي-اجتماعي- سياسي بين القوميات والإثنيات، ثم جاءت مرحلة العودة الى القرارات الوطنية، وها نحن نمارسها منذ سبعة عشر عاما مع الرئيس بوتين. أما العلاقات القومية – الإثنية فهناك تقدم جيد ونمو للروح المعنوية في المجتمع الروسي وتشبث بالقيم الانسانية، محبة الوطن وهذا تجسد مع الرئيس بوتين.
أما الوضع الاقتصادي فهو أصعب لأن الهدم أسرع من البناء، ونتوقع نموا اقتصاديا في المرحلة المقبلة”.