ليا القزي –
اتخذ الطبيب ميشال فتوش قراره الترشح إلى الانتخابات النيابية، كمستقل عن عائلته التي لا تزال تُصرّ على ترشيح عمّه النائب نقولا فتوش. خطوة ميشال تأتي بالتنسيق مع القوات اللبنانية، التي فتحت أبواب معراب له.
يُعتبر آل فتوش من «ثوابت» الحياة السياسية الزحلاوية. تتبدّل العهود وينتهي زمن الوصاية السورية، فيما النيابة حاضرة دائماً في ذاك المنزل على بيادر زحلة. لا يهّم إن تحالف آل فتوش مع تيار المستقبل والقوات اللبنانية، وإن قرروا معاداة آل سكاف والترشح ضد التيار الوطني الحر في دورة الـ٢٠٠٩ النيابية.
فهم، سابقاً وحاضراً، لا يفكّون رباطاً مع فريق ٨ آذار لبنانياً، والنظام السوري إقليمياً. من أجل «الخطّ» الذي ينتمون إليه، قبل النائب نقولا فتوش أن تنفجر فيه قنبلة التمديد مرتين. وها هو ينتظر حتى 15 أيار، حتى يتبنّى التمديد للمرة الثالثة. يُعرف عن العائلة، زحلاوياً، العلاقة الوثيقة بين أبنائها. يُقسّمون الأدوار في ما بينهم، ويظهر شقيقهم بيار «مُهندساً» للعلاقات السياسية و«البزنس»، إلى أن بدأت تنتشر أخبار في زحلة عن خلافات عائلية بين الأشقاء من جهة، وابن شقيقهم الطبيب ميشال، مع بروز طموحه للترشح إلى الانتخابات النيابية… مدعوماً من القوات اللبنانية.
هوية زحلة الطائفية تفرض نفسها على العمل السياسي. فمن ينجح في الاستئثار بالأصوات الكاثوليكية، يفرض نفسه زعيماً على المنطقة. منذ سنوات طويلة بقي الملعب «الكاثوليكي» عصيّاً على الأحزاب، لأنّ ولاء أبنائه هو، إجمالاً، للعائلات التقليدية. إلى هذا الملعب ينتمي آل سكاف، الممثلون حالياً برئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف. الأخيرة، رفضت في شباط الماضي «مصالحة» القوات اللبنانية بعد أن تلقّت عدّة مراسيل، لأنّ قيادة معراب لا تريد الاعتراف سوى بمقعد واحد لسكاف في النيابة. فما كان من القوات إلا أنّ وجّهت بوصلتها صوب «زميل» سكاف الكاثوليكي، آل فتوش. بين آل سكاف والقوات اللبنانية أكثر من «تسعة جبال»، تبدأ من تموضع فتوش الإقليمي وعلاقته القوية بالنظام السوري، ولا تنتهي بالخلاف الذي يحمل طابعاً بيئياً، لكون القوات في صف معارضي إنشاء معمل إسمنت فتوش في جبال عين دارة. صحيح أنّ القوات بحاجة إلى «حليف» كفتوش يملك المال اللازم لخوض الانتخابات ويُشكل رافعة انتخابية، وهي تحالفت معه في انتخابات 2009، مستفيدةً من قدرته التجييرية، ولكنّ هذا الخيار سيضع القوات في موقف حرج أمام جمهورها، إذا ما تكرر، وأمام عدد من كوادرها الذين باتت ترتفع أصوات بعضهم متسائلين عن سبب عدم تبنّي ترشيحات حزبيين. رغم ذلك، لجأت القوات إلى محاولة «شقّ» العائلة. ووفق معلومات «الأخبار»، زار ميشال فتوش معراب قبل مدة «وتم الاتفاق على خوض الانتخابات معاً، كونه طبيباً معروفاً في زحلة ومقبولاً من قبل الزحالنة». وقد زار ميشال قبل قرابة أسبوعين صديقه الوزير السابق سليم وردة «في زيارة أخلاقية، بعد أن حسمت القوات عدم ترشيح وردة، لأنه يُعتبر أقرب إلى تيار المستقبل». أولى بوادر العلاقة الجديدة كانت «توجيه دعوة إلى ميشال لحضور القداس الذي أقامته القوات بمناسبة حصار زحلة» في الثاني من الشهر الجاري. والطبيب بدأ يتحدث أمام الزحليين «عن ترشحه إلى الانتخابات».
تعاني القوات اللبنانية «من شحّ في الأسماء الوازنة، فتضطر إلى اللجوء إلى خيارات بديلة»، وفق المصادر. ونتائج معظم الإحصاءات التي تجريها القوات، «تُبيّن أنّ مرشحيها سيحلون في المراتب الأخيرة، وفق النظام النسبي (حلّ مرشّحو القوات الفائزون في الانتخابات البلدية أيضاً في المراتب الخمس الأخيرة)». يُضاف إلى ذلك عدم الوئام بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر في ما خصّ تقسيم المقاعد النيابية، رغم كلّ النفي. كلام جعجع الأخير لقناة «أم تي في» قبل أسبوعين، وتركه الباب مفتوحاً أمام تحالف انتخابي مع النائب بطرس حرب في البترون، دليل على ذلك. فوفق المعلومات أيضاً، «لا تكفّ القوات عن محاولة التوصل إلى تشكيل لائحة ائتلافية في زحلة». وفيما بات من المرجّح أن يكون «المرشّح الأرثوذكسي مع القوات يوسف قرعوني، الذي ترشح على لائحة سكاف في الانتخابات البلدية، يجري العمل ليكون فتوش الحليف الكاثوليكي».
يؤكد ميشال فتوش خبر زيارته معراب وترشحه إلى الانتخابات، مُتّكلاً على «أنّ كل تاريخي نظيف وقادر على التواصل مع كلّ الأطراف». ولكنه ليس بديلاً من عمّه، فـ«أنا مرشّح لوحدي»، كما يؤكد لـ«الأخبار».
وفيما تردّد أنه في إحدى زيارات ميشال إلى معراب رافقه عمّه بيار، ينفي الأخير التوافق الانتخابي مع القوات. يقول في اتصال مع «الأخبار» إنّ القوات «قاتلين حالن تا يتحالفوا معنا لأن مع العونيين مش ممكن يتفقوا. بس نحن مش بالوارد. منقعد بالبيت ولا منترشح معهم». ومرشح العائلة، بحسب بيار فتوش، هو «الوزير نقولا فتوش». أما عن مشاركة ابن شقيقه في قداس القوات، «فقد رافق المطران عصام درويش بصفته رئيس اللجنة الطبية في مستشفى تل شيحا. القوات استغلّت الصورة».
القوات اللبنانية تنفي أيضاً التواصل مع آل فتوش «الذين يُشكلون رافعة لكل كسارات البلد. وأحد المؤشرات على عدم تبدّل سياسة معراب تجاه فتوش هو موقفنا الداعم لأهالي عين دارة في وجه معمل الاسمنت». توضح المصادر القواتية أنّ «قداس زحلة مناسبة سنوية يُدعى إليها الجميع». أما بالنسبة إلى الانتخابات، «فلم نبدأ بعد البحث في التحالفات مع أي طرف. أولويتنا هي القانون».
المصدر: الأخبار