أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


عن أهداف صواريخ التوماهوك للمنطقة و.. رسائل ترامب بالشكل والمضمون (علا بطرس)

أسقطت صواريخ “التوماهوك” مفهوم “الشراكة” بين روسيا والولايات المتحدة في إدارة الصّراع في سوريا الذي كان قد بدأ في معالجة ملف الأسلحة الكيماوية عام 2013 بعدول الولايات المتحدة عن فكرة الحرب ضد سوريا للإطاحة بالرئيس بشار الأسد. فبدت الولايات المتحدة عاجزة عن خوض أي حرب في المستقبل بفعل رفض الشعب الأميركي للخيار العسكري بعد تجارب فاشلة للقوة الأميركية في أفغانستان والعراق.

وفي حين، تُرجم مفهوم “الشراكة” الى حدّ ما في مفاوضات جنيف حيث تطوّر الى أحادية روسية بعد التدخل عام 2015 وفي مفاوضات الآستانة كذلك، بدت إدارة أوباما منكفئة عن الحلبة السورية إلا برسم خطوط حمر جغرافية في منطقة “الجزيرة” شمالي شرق سوريا، في الرّقة والحسكة والقامشلي ودير الزور وضمناً منطقة الأكراد أو كما يحلو لهم تسميتها ب”روج آفا” ومنطقة نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية المسمى “داعش” المتداخلة مع العراق المجاور.
وفي حين، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن بلاده لم يعد تنحّي الأسد أولوية بالنسبة اليها حتى عمد الى اتخاذ قرار بقصف مطار الشعيرات في حمص بحجة أنّه كان منطلقاً لطائرات الجيش العربي السوري لقصف مواقع للمعارضة في شيخون في إدلب معتبراً أن المسألة تعدّت الخطوط الحمراء. فما هي أهداف الرئيس دونالد ترامب وأيّ رسائل حملتها صواريخ التوماهوك للمنطقة؟
في الشكل، كان الرئيس الأميركي يولم على شرف نظيره الصيني جين شينبنغ الذي ما إن غادر بست دقائق حتى بدأت صواريخ التوماهوك مسارها في إشارة الى عودة القوة الأميركية الى فاعليتها التنفيذية بعد الترهل الذي أصابها منذ 11 أيلول والتجربتين الفاشلتين في أفغانستان والعراق. وتعتبر هذه الرسالة مزدوجة الأهداف الى الشرق الأوسط والأقصى معاً، ومن البوابة السورية على المتوسط الى الصين بأن الإنتفاخ الإقتصادي والسياسي سيتقلّص وأن “التأديب” لكوريا الشمالية سيحصل.
– في المضمون، يبدو إنّ التخلي عن لعبة “حقّ النقض” داخل مجلس الأمن الدولي ومعادلة التوازن مع روسيا الإتحادية في الأمم المتحدة أصبح واقعاً، وعلى الأرض السورية بتصريح ترامب نفسه حول إقامة ما يُعرف ب” المناطق الآمنة” المحظورة على الطيران ما يمكّن اللاجئين في أوروبا من العودة العكسية، وبذلك تكون الولايات المتحدة قد قسّمت سوريا عملياً محقّقة المصلحة الإسرائيلية وفق ما يروّج له المحلّلون ب “الدولة المفيدة” الممتدة من جنوب دمشق الى حمص فالساحل السوري دون مناطق الداخل. وعليه، تحمل صواريخ التوماهوك، توجّهاً أميركياً نحو الفدرلة وتجزئة الدولة المركزية، وإن تكرّرت ستكون سوريا تجربة مستنسخة عن العراق بنتائج مدمّرة لخريطة سايكس-بيكو.
– إعطاء دعم معنوي لمحور “الإعتدال” بزعامة المملكة العربية السعودية بعد أن عمدت الولايات المتحدة نفسها الى اختلال التوازن الإقليمي لصالح إيران. ولا تختلف استراتيجية ترامب عن أسلافه في بثّ الفوضى في منطقة الشرق الأوسط وفق مشروع “الشرق الأوسط الكبير” مع التهديد بنسف “التفاهم النووي” أو الإبقاء عليه بارداً كحدّ أقصى، فلا هو ينفّذ لرفع العقوبات ولا يُلغى لاستجرار حرب غير متناسبة مع الولايات المتحدة.
– سعي الولايات المتحدة الى ترفيع قيم حقوق الإنسان باستخدام صور الأطفال للإيحاء أنّها الرافعة لقيم عالمية وإنّها تدافع عن الحضارة تجاه البربرية حيث تملك من القوة ما يجعلها شرطي العالم بالتدخل أينما كان دون لجوء الى منظمة الأمم المتحدة التي تهدّد بإصلاحها وفي تلزيم إسرائيل أمن المنطقة حيث قال نتنياهو للعرب يوماً “السلام مقابل الأمن” بعد استنزاف القوى الإقليمية وإضعافها. فهل ستكون الحرب السورية بداية تفتح نظام إقليمي وعالمي جديد؟
الجواب في عهدة روسيا!

المصدر: tayyar.org
لقراءة الخبر من المصدر (إضغط هنا)