حسان الحسن –
اللافت في معارك السيطرة الميدانية في سوريا مؤخرا ، كان الهجوم المزدوج والمتزامن تقريبا الذي شنه مسلحو “فيلق الرحمن” و “جبهة النصرة” على منطقتي “كراج البولمان” الواقع بين منطقتي جوبر في الغوطة الشرقية، وساحة العباسيين في العاصمة دمشق من جهة ، وعلى ريف حماه الشمالي من جهة ثانية ، و حيث تمكنوا في بادىء الامر من السيطرة على “الكراجات” وبعض كتل الأبنية المجاورة الواقعة شمال جوبر، وعلى عدد من قرى الريف المذكور أيضا .
كعادتهم ، لجأ المسلحون الى أسلوبهم الكلاسيكي المعتاد في القتال ، يتقدم الهجوم سيارات مفخخة يقودها انتحاريون ، ثم الانغماسيون الذين يحدثون الخرق الاول بعد انفجار المفخخات، ويتم الاقتحام بواسطة العدد الاكبر من المسلحين، أي لا شيىء جديد في نمط القتال، وفقا لمصادر ميدانية، وقد تمكنوا للوهلة الاولى في ذلك من إرباك المواطنين في العاصمة برهة من الوقت ، خصوصاً بعد وصول القناصة التابعة للمسلحين الى أسطح المباني، و بالتالي إستهداف الآمنين في الأحياء المجاورة “للعباسيين”، وإسقاط “الهدنة” التي رعتها روسيا وايران وتركيا، باوامر سعودية- قطرية، وفي الوقت نفسه تمكنوا بداية الامر من فرض ضغط ليس سهلا ومن شن حرب نفسية وإعلامية على أهالي الريف الحموي، لاسيما بعد محاولة حصار مدينة محردة الأرثوذوكسية ، برأي مصادر سياسية سورية .
تعددت دوافع هذا الهجوم من عسكرية الى ميدانية فسياسية ، والتي يمكن تلخيصها كالتالي :
ميدانيا و عسكريا
– في الهجوم شمال شرق دمشق، سعى المسلحون الى فك الحصار عن اماكن انتشارهم في القابون، و وصل جوبر بالقابون في “الغوطة” الواقعة تحت سيطرة “النصرة” ، وامتلاك ميدان واسع، يضغط ويؤثر سلبا على مداخل العاصمة من الجهة الشمالية والشمالية الشرقية، وايضا هدفوا الى السيطرة على بقعة حيوية تسمح لهم التحكم ناريا بطريق دمشق- حمص الدولي، والذي كان يحاول مؤخرا الجيش العربي السوري تفعيله بعد تامين حزام امان كاف له حيث هو غير مستخدم حاليا .
– في ريف حماه الشمالي، تميز هجومهم بالسرعة بعد ان حشدوا اكثر من عشرة الاف مقاتل ، تابعين لاغلب فصائل ادلب واريافها ، وهدفوا الى قطع طريق حماه – محردة – مصياف ، وطريق حماه – محردة – السقيلبية -ارياف طرطوس واللاذقية، ومن ناحية اخرى حاولوا الاقتراب من مدينة حماه والتوسع شرقا ومحاولة قطع طريق السلمية اثريا خناصر ، وبالتالي عزل حلب واريافها المحررة بالكامل عن الوسط والعاصمة .
سياسيا
– إسقاط الهدنة، وبالتالي نسف إتفاق أستانة، بامر سعودي- قطري، وبدا ذلك جلياً من خلال تحرك “الجيش التركستاني” و”هيئة تحرير الشام”، المدعومين من الدوحة والرياض، ثم دخل على خط التصعيد أخيرا، تنظيم “أحرار الشام” المدعوم من أنقرة، لكي لا تظهر في موقف الضعيف في الميدان، ولتأكيد حضورها فيه، تؤكد المصادر .
– محاولة انتزاع ميدان مهم من سيطرة الجيش العربي السوري، وبالتالي انتزاع اكثر من نقطة ايجابية امتلكها مؤخرا كان سيستعملها في المفاوضات المرتقبة ما بين استانة او جنيف ، وحيث بدا الجيش المذكور منتصرا وفارضا نفسه على الصعيد الاقليمي والدولي مؤخرا، بعد سيطرته الواسعة في شرق حلب ووصوله الى الخفسة وبحيرة الاسد على الفرات، راى المسلحون وداعميهم انه في معركتي ريف حماه وشمال جوبر سوف ينتزعون منه تلك النقاط وسيتم اجباره على خوض المفاوضات مع تراجع ميداني مهم، وذلك لمنح “الهيئة العليا للتفاوض” أوراق قوة، في عملية التفاوض، كما يحدث قبل إنعقاد الجولات التفاوضية السابقة، عندما كانت المجموعات المسلحة المنتشرة في شرقي حلب سابقا، تلجأ الى تصعيد الوضع الميداني، وبعد استعادة الجيش السوري لكامل مدينة حلب، انتقل المسرح الى حماه وسواها، على حد قول المصدر .
وهكذا … فرض الجيش العربي السوري وحلفائه نفسهم في المعركتين، حيث دمرالأنفاق بين جوبر والقابون و استعاد كافة النقاط التي سيطر عليها المسلحون بعد خمسة أيام من بدء الهجوم في 19 آذار 2017 ، وتمكن من توسيع دائرة الأمان في المنطقتين المذكورتين، بحسب ما تؤكد المصادر الميدانية المذكورة، وها هو الان يفرض نفسه على كامل الميدان الذي حضن المعركتين، وها هم المسلحون ورعاتهم يجرون اذيال الخيبة والخسارة والفشل ويلملمون قتلاهم الذين بلغ عددهم المئات باعترافات اغلب وسائل الاعلام ، وحسب مصادر عسكرية روسية .
-الموقع الرسمي للتيار الوطني الحر-