أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


قنبلة الإستطلاع في طرابلس لإحدى الشخصيات السياسية: الحركات السلفية لا تحظى نسبة تصويت 1%…

قبل أيام تداول الكثير من أبناء طرابلس والشمال في نتائج استطلاع للرأي نفذته إحدى الشركات المتخصصة في الإحصاءات،

حول دور الأحزاب السياسية المؤثرة على الساحة الطرابلسية، وكان البارز فيما جرى تداوله أن الاستطلاع كشف تراجعاً كبيراً للحركات السلفية، كونها لم تحظَ من نسبة التصويت سوى بـ 1%.


لم تنشر نتائج هذا الاستطلاع في أية وسيلة اعلامية، ولكن ما يتوقعه نشطاء اعلاميون أن الاستطلاع انتج لصالح شخصية سياسية محددة، أرادت الاطلاع على موازين القوة في عاصمة الشمال تحضيراً للانتخابات النيابية.
***
قنبلة الاستطلاع كانت بالنسبة للطرابلسيين هي التراجع الكبير للحركات السلفية المتشددة في المدينة وضواحيها، بعدما بقيت طوال السنوات الماضية اللاعب الأبرز على الساحة الشمالية، وكان لها دور كبير في الأحداث التي شهدتها المدينة طوال عشر سنوات مضت.. ولا يخفى على أحد أن هذه الجماعات كانت المحرك الأساس للمعارك والأحداث العسكرية، وكان متزعموها الآمر الناهي في المدينة.
***

أما اليوم، وبعد مرور اكثر من سنتين على الأحداث الأخيرة التي وقعت في طرابلس، اختفت تلك الحركات، لا بل بات وجودها وحضورها شبه معدوم، باستثناء عدد من الجمعيات التي لا يتخطى عددها أصابع اليد الواحدة وبقي حضورها خجولاً جداً.

أين هم سلفيو طرابلس والشمال؟

إبان أحداث ومعارك طرابلس، ظهر ما يعرف بالحركات السلفية المتشددة، واخذت المدينة تشهد حالة من تنامي “السواد الفكري السلفي”، عاشت خلالها الساحة الطرابلسية أياما صعبة في ظل انتشار وتوسع تلك الظاهرة، بالتزامن مع إعلان تأسيس ما يسمى بـ “جبهة النصرة” في سوريا و”تنظيم داعش”، ما شكل دافعاً اضافيًا لزيادة حجم التعبئة والشحن المذهبي الذي استغلته ومارسته تيارات سياسية محلية خدمة لمشاريعها السياسية وبغية توظيف الشباب بالمشروع التكفيري.

في ذلك الوقت، حاول متزعمو تلك الحركات وداعموهم، العزف على الوتر الطائفي لشد عصب الشارع، فترافقت تحركاتهم الميدانية مع رفعهم شعار مواجهة “استهداف الطائفة السنية” أو “الاحباط السني”، بالتزامن مع السعي الدائم لخلق فتنة سنية ـ شيعية، وبالاضافة الى ذلك، استغلت تلك الحركات الأحداث في سوريا، ودفعت بالشباب الى الإنخراط في دعم ما سمي بـ”الثورة السورية”، والتي شكلت الوقود الأساس لكل جولات المعارك والاشكالات الأمنية التي وقعت بين التبانة وجبل محسن، وساهمت في ابراز وتضخيم حجم التيارات السلفية والتكفيرية.

كذلك، استغلت تلك الحركات قضية الموقوفين الإسلاميين في سجون الدولة اللبنانية، وعملت على تجييش الشارع للضغط على الدولة اللبنانية، من جهة، ولشدّ عصب أبناء وعائلات الموقوفين نحوها من جهة ثانية، ونجحت أكثر من مرة في إثارة الفتن والمشاكل الأمنية بين الأهالي والجيش اللبناني. وها هي اليوم وبالرغم من أن “المعتقلين الاسلاميين” ما زالوا في السجون الا أن أحدًا من هذه الجماعات لم يعد يصرّح أو حتى يطالب بحل قضيتهم..

مؤشرات كثيرة تؤكد أن هذه الجماعات قد تخلّت عن شعاراتها ربما لأن هذه الشعارات لم تعد صالحة لهذه الفترة، كما أن عدة مواقف أثبتت أن الكثير من القضايا والشعارات التي رفعتها، كانت مجرد قضايا سياسية للتجارة، وأن تخليها عنها أدى الى خسارة تلك الحركات من مصداقيتها، وهو ما أدى الى تراجعها وفقدانها الحاضنة الشعبية أو السند السياسي التي تسمح لها بالعودة الى طرابلس واللعب بأبنائها وجرهم الى ما لا يحمد عقباه.

“هيئة العلماء المسلمين”

تزامنت تلك الفترة التي أخذت فيها الموجة السلفية التكفيرية تغزو طرابلس، محاولة عدد من المشايخ إطلاق ما سمي “بهيئة العلماء المسلمين”، وهي عبارة عن جمع لعدد من المشايخ المختلفين فكرياً وعقائدياً، في إطار واحد، علّه يشكل تنظيماً قانونياً يحاول أن يحمي المنتسبين إليه، وبالأخص الحركات السلفية. ولكن ومع مرور الأيام، ونتيجة للأراء والأفكار غير الجامعة، وانتشار التوجه المضاد لكل فرد من أعضاء الهيئة، بدأت المشاكل الداخلية تظهر الى العلن، وأدت حينها الى استقالة رئيسها وعدد كبير من المشايخ منها غير مرة، وسرعان ما استتبعت تلك الأزمات في عقدة البحث عمن يستطيع أن يتحمل هموم ومشاكل الهيئة، التي باتت اليوم مشتتة ومبعثرة.
وبدأت تطرح تساؤلات عديدة، عن من دفع الى تأسيس الهيئة؟ ومن عمل على تحجيمها فجأة؟ ولماذا باتت اليوم مغيبة عن الساحة الاسلامية والسلفية خاصة؟

بعيد اعلان إطلاق “هيئة العلماء المسلمين” شكّل الشيخ سالم الرافعي، الرافعة الأساسية لها، وهو من ساهم في تنامي حضورها، لدرجة اعتبر الرافعي حينها الرقم الأصعب في طرابلس، الا أنه سرعان ما خفت بريقه، وتدنى حجمه الى ما دون الصفر، وانكفأ في منزله دون أي اعتبار، وما عاد يسمع صوته حتى من على منبر مسجد التقوى الذي هجره.. لتزداد التساؤلات، عما إذا ما كانت الخطة التي وضعت لتلك المرحلة باءت بالفشل، ما ساهم في تراجعها بشكل واضح وما عاد يحسب لها أي حساب.

وبالعودة الى تلك الفترة فقد واكب ظهور هيئة العلماء المسلمين، بروز عدد من الشخصيات الدينية، أمثال داعي الاسلام الشهال، إضافة إلى عدد من المشايخ ورؤساء جمعيات دينية، وهي دعمت وساهمت في تنامي الحالة السلفية، مستفيدة من رعاية سياسية ومادية لها من قبل جهات داخلية وخارجية لم تعد خافية على أحد.
أمام هذا التراجع الكبير، لا سيما على مستوى الأفكار والممارسات المتشددة بات لزاماً السعي لتصحيح المفاهيم الاسلامية الخاطئة، التي ظهرت إبان تلك الفترة وما زالت تجد من يروّجها حتى اليوم. واذا لم يعمل على تصحيح الخلل الذي افرزته تلك الحركات بمختلف اتجاهاتها ومناحيها الفكرية، فحتماً سنشهد عودة قريبة لأفكارها وارائها المتشددة.

المصدر: العهد
لقراءة الخبر من المصدر (إضغط هنا)