-حسان الحسن
في هذه الأيام عين على الميدان السوري وما يشهده من خلط أوراق، وعين على الجولة الرابعة من محادثت جنيف وما تشهده من مفاوضات ومشاورات، ولكن في ظل تعدد المعارضات السورية ومنصاتها وغياب بعضها عن جنيف، وفي ظل الحسابات الدولية، هل من نتائج مأمولة من هذه الجولة؟
قبل ايام قليلة، أعلنت منصة موسكو المعارضة السورية برئاسة الوزير السابق قدري جميل، عدم مشاركتها في مؤتمر جنيف، وجاء هذا القرار، بعد لقاء الأخير مع الموفد الدولي الى سورية ستيفان ديمستورا، بسبب غياب التوازن في تمثيل منصات مختلف شرائح المعارضة السورية في الوفد الموحّد في هذا المؤتمر، ثم عادت لتشارك، ولكن عبر ممثلين من الصف الثاني.
ويؤكد عضو معارضة الداخل مازن بلال أن المنصة المذكورة لا تسعى الى اختصار التمثيل بنفسها، ولكن لن تقبل بهيمنة “منصة الرياض” على قرار الوفد في جنيف، لتفادي ما حدث في الجولة السابقة، عندما انسحب ممثلو الأخيرة من المؤتمر، وعطّلوا بذلك عملية التفاوض، وحمّلوا المسؤولية آنذاك لديمستورا.
ويرى المعارض السوري أن الموفد الأممي، “يلعب لعبة وقت راهناً”، أولاً في انتظار جلاء الموقف الأميركي الحقيقي من العملية السياسية في سورية ، وثانياً لأن الموقف التركي غير واضح في شأن القدرة على التمثيل، وثالثاً لأن وفد الرياض غير متوازن حتى في تمثيل المجموعات المسلحة عينها، فالأسماء التي رفعتها منصة الرياض لا تمثل فصائل المسلحين المشاركين في مؤتمر أستانة، وبالتالي فإن الدعوات التي رفعها الموفد الأممي، هي غير متوازنة، والجولة الرابعة هي مضيعة للوقت، برأي بلال.
ويعتبر أن ديمستورا يخالف القرار 2254 الذي يطالب بتمثيل الشرائح التي شاركت في الجولات التفاوضية السابقة، بينما يعطي الموفد الأممي الأولوية لمنصة القاهرة، ولا شيء يفسّر هذا السلوك، سوى إضاعة الوقت، أو محاولة إحراج الحكومة السورية.
وعدم مشاركة فاعلة لكل من منصة موسكو، والمعارضة السورية في الداخل في جولة جنيف الجديدة، تعني أن ليس هناك تمثيل كامل للمعارضة، يقول بلال، لافتاً إلى أن الإدارة الأميركية أوعزت الى منصة الرياض للمشاركة في لقاء المعارضة الذي انعقد في موسكو منذ أسابيع قليلة، إذ إن لهذه الإدارة أولويات داخلية، وتركت مهمة تنظيم العملية السياسية لروسيا والدول الإقليمية الفاعلة في الأزمة السورية.
ويتهم بلال منصة الرياض بتعطيل العملية السياسية، والمراهنة على موقف واشنطن، أو إحداث تغيير في موزاين القوى على الأرض، وهذا لم يحدث حتى الآن، فهجوم درعا لن يغيّر شيئاً وكذلك الهجوم على الباب، واصفاً سلوكها بالغريب.
وعن إصرار وفد الرياض على رفض وجود الرئيس بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، يجزم بلال أن هذا الكلام لم يعد واردا في مجلس الأمن في المرحلة الرهنة، مؤكداً أن المملكة السعودية تسعى الى إطالة أمد الأزمة، والولايات المتحدة غير معنية في هذه اللحظة بإنهاء الصراع، بينما الروس يريدون العكس.
وعن التقارب الروسي- التركي، يرى بلال أنه أبعد من الأزمة السورية، وهو لترتيب المنطقة ككل، لذلك جمعوا الأتراك والإيرانيين على طاولة واحدة، وبالتالي هم يحاولون إيجاد الظروف المناسبة لذلك.
في الشق الميداني، يعتبر بلال أن لا يمكن حسم مصير مدينة الباب في ريف حلب إلاّ بعد انعقاد جولة جنيف، مرجّحاً أن يتم تسلميها للقوات السورية على أن تؤازرها الفصائل المسلحة التي تدور في الفلك التركي. إلاّ أن ذلك لا يعني أن الإجراءات واضحة تماماً بين دمشق وأنقرة، لكنّ الأمور متجهة الى بداية تذويب الجليد بين البلدين، برأي المعارض السوري.
ويرى أن تركيا المعروفة تاريخياً كقاعدة إسناد لحلف الناتو تبدّلت راهناً، خصوصاً مع بداية ظهور كيان كردي في الشمال السوري، فلدى الأتراك مخاوف دفعتهم الى اللعب على التوازنات الدولية التي يجيدونها باتقان، ولكن إلى الآن من غير الواضح أين سيكون موقعهم المستقبلي، بحسب بلال.
وعن المسألة الكردية، يعتبر أن الأكراد أقرب الى روسيا من الولايات المتحدة، وحتماً سيصار الى إيجاد حل لهذه المسألة، من دون أن يستبعد نيل المناطق الكردية نوعاً من اللامركزية الإدارة، إلاّ أنه يسأل “هل تتحوّل الى لامركزية سياسية؟”، ليؤكد أن هذا الأمرغير مقبول لدى دمشق وطهران وأنقرة، لافتاً الانتباه إلى الدول الكبرى تستخدم المسألة الكردية للضغط على مختلف الأطراف الإقليميين.
ويستنتج المعارض السوري أن إنهاء الأزمة مرتبط بالتوازنات الدولية في المنطقة، وليس فقط بالحسم الميداني على رغم تأثيره المهم في أي عملية سياسية.
-الموقع الرسمي للتيار الوطني الحر-