عَ مدار الساعة


“إجر بالبور، وإجر بالفلاحة” (مارون الزغبي)


هذا هو حال معظم القوى السياسية في الوقت الحالي، فالساحة اللبنانية مليئة بالتشنج خاصّة بعد الخطابات الطاّئفية، الدّينية، الإرهابية الأخيرة التي تبعد كلّ البعد عن مفهوم الدّولة، البعض يتحدّى والآخر يردّ، إنّ الشعب اللبناني اعتاد على كثافة الخطابات ذات السّقوف العالية وقوتها، كما وأنّه اعتاد على النزاعات والمشاكل التي تحصل نتيجة هذه التّصاريح…

أمّا على الصعيد الحكومي، فهو حديث السّاعة ومنبع الصّراعات الطّائفية:

بعض القوى التي تتمثل بأمراء الحرب بالدرجة الأولى تحاول تصدّر ثورة التّغيير والإصلاح مع العلم أنها من أبرز المشاركين في الحكم خلال الأعوام الثّلاثين الماضية، فبعض هذه القوى يحاول وكعادته المشاركة في الحكومة بأيّ ثمن، فالحزب الإشتراكي من خلال رئيسه وليد جنبلاط لطالما كان “بيضة القبان” وهذا هو حاله في هذه الأحيان…

أمّا القوات اللبنانية فحسمت موقفها بعدم تسمية الرّئيس الحريري وبالتالي هناك استبعاد لمشاركتها في الحكومة “في حال” ترأّسها الحريري…

مع العلم أنّ علاقتها بالحريري تعود إلى أيام حلف الرابع عشر من آذار، الذي بات من الماضي، خاصّة بعد نكران الحليف لحليفه والطعن به – أكثر من مرّة .

على صعيد الثّنائي الشيعي، فبات من الشبه المؤكد تسميته للحريري!

مع العلم أن حزب الله كان المتهم الرّئيسي بالنسبة لتيار المستقبل ولسعد الحريري بإغتيال والده، “رجل الحجر ولا البشر” الرئيس رفيق الحريري، غير أنّه من المعروف لماذا يريد النّبيه سعد الحريري رئيسًا للحكومة، فمن أيّام الحريري الأب وصولًا إلى الإبن، كانوا شركاء في “تقسيم الجبنة” (مع غيرهم)، وبالنسبة لبيك زغرتا، فالأمور لا تزال كما كانت، وكأنه يرد جميل تفضيل الحريري للعماد ميشال عون وإنتخابه رئيسًا بعد ترشيحه لفرنجية، فهو لا يزال على موقفه الذي ينصّ على تسمية “وجه السّعد” رئيسًا للحكومة، لربما هي بمثابة درع شكر عن كل “قطعة جبنة”، أو حتّى ممكن أن تكون هذه التسمية تنفيذًا لأمر من أوامر “نبّيه”.

من الطّرف الآخر أعلن التيار الوطني الحرّ وحلفائه عدم تسمية الحريري، وذلك لأن سعد بعيد كلّ البعد عن الإصلاح ومحاربة الفساد والنزاهة، ولا يريد التغيير وتطوير الدولة إلى الأفضل بل هو فقط من “هواة المناصب” ومن هنا لا بدّ من الإشارة إلى أن الحريري إستقال بعد إنفجار بركان الثورة اللبنانية في العام الماضي، وذلك تلبية لمطالب الشعب، فأين الثوار من عودته؟!

كما وأن الأمير طلال إرسلان قد علّق:
“يلي بجرب مجرّب، بكون عقله مخرّب!”

من أجواء تكتل لبنان القوي ننتقل إلى كتل الطّاشناق، القومي السّوري، وتيار العزم اللذين بدورهم حسموا خيارهم بتسمية الحريري، فالحزب القومي السوري، الخصم التّاريخي للحريرية السياسية اليوم يسميّ سعد الحريري… هل يا ترى بكلّ قناعة، أم بأمر من أحد السفراء أو الحلفاء؟

أمّا لا يزال قرار شامل روكز، فيصل كرامة، وبعض النواب المستقلّين غير معلن حتّى السّاعة!

بات الوضع اللبناني متشنّج لدرجة أنّه يذكرنا ببداية الحرب الأهلية، فنرى السّباق المتواصل نحو التّسلح، التحدّي العسكري والشّحن الطائفي بين أبناء البلد الواحد،

متى ستفصل الأديان السياسة والدّولة؟

متى سينتهي الكلام الطّائفي الميليشياوي الهادف إلى شدّ العصب والحروب بين أبناء الوطن الواحد؟

متى سيكون الجيش وحده الجهة المقاتلة على الأراضي اللبنانية كافّة؟

متى ستعود هيبة الدّولة والقوانين؟

الكثير من الأسئلة تطرح، ويبقى الجواب الوحيد على كلّ تلك الأسئلة:

عند تحقيق “الدّولة المدنية”…