البروتستانت وحاجتهم للإصلاح: مئات الكنائس تقبلَ سيامةَ لوطيّين وسحاقيّات، وقبول قتل الجنين وتشريع للزّنى والشاذين بتزويجهم.
في 31 تشرين الأول/ أكتوبر علق مارتن لوثر (1483-1546) لائحة اعتراضاته على باب كنيسة ويتنبرغ وكان من نتائج ذلك اعتبار الكتاب المقدّس المرجع الوحيد في اللاهوت والأخلاق. فعبارة Sola Scriptura لم تُستعمَل قبل ذلك. وهذا أمرٌ جَلل بالنسبة إلينا نحن الكاثوليك لأنّ اللاهوت البروتستنتيّ:
- لأوّل مرّة في التّاريخ ألغى الذّبيحة الإلهيّة. والذّبيحة هي سرّ أسرار كنيستنا وقمّة العبادة بالنسبة إلينا. وأنكرت البروتستنتية تحوّل الخبز والخمر والحضور الفعليّ للربّ يسوع في القربان المقدّس.
- إلغاء سرّ الكهنوت، وبالتّالي إلغاء إمكانيّة إتمام سائر أسرار الكنيسة. فيسوع في العشاء السرّي أسس سرّي الكهنوت والأفخارستيّا، وفي كنيستنا تعود الرسامات الكهنوتيّة إلى عهد الرسل، في ما يُسمّى “التّعاقب الرّسولي”. فكلّ كاهن يتسلّم كهنوته عبر الأجيال من الرسل وخلفائهم. واستُبدِلَ الكهنة بـ”قساوسة” و”رُعاة”، لا تُعتبَر سيامتُهم سرًّا من أسرار الكنيسة.
- إلغاء سرّ الاعتراف، الذي ينال به المؤمنون حلّ الخطايا من الكاهن. واستُبدل سرّ الاعتراف بمقولة “إعترف مباشرةً إلى الله”. وهذه العبارة تسلّلت إلى عقول بعض مؤمني كنيستنا وسبّبت أذى شديدًا لأنها صرفت كثيرين عن التقدّم إلى سرّ التّوبة والاعتراف لدى الكاهن، مع ما قد يستفيد به من إرشاد روحيّ.
- إلغاء عقيدة الكنيسة كما وضعها الآباء القدّيسون، أي اللاهوت العقائدي واللاهوت الأخلاقيّ، وفي مقابل ذلك اعتُمد التفسير الشخصيّ للكتاب المقدّس، وهذا الأمر شجّع النّزعة الفرديّة في الدراسة والتعليم والوعظ وتبنّي العقائد اللهوتيّة والأدبيّة. وأسوأ عواقب هذا الأمر إلغاء مرجعيّة الكنيسة كمفسِّرٍ وحيد للنصوص المقدّسة. ونتج عن ذلك انحرافات لاهوتيّة كثيرة، وتعدّدت “الكنائس” البروتستنتيّة وصار عددها بالمئات.
- مع إلغاء “التقليد”، أي ما تسلّمناه من الآباء القدّيسين، أنكرت البروتستنتيّة مفهوم القداسة كما تفهمه كنيستنا، وألغيت الحياة الرهبانيّة وطرحت جانبًا روحانيّة الآباء القائمة على التقشف والجهاد الروحيّ. وبالمقابل قال كثرون بـ”لاهوت الرفاهيّة”، إذ يجوز للمؤمن أن يطلب المال من الله، الذي يُعطيه الغِنى والبحبوحة.
- أنكرت البروتستنتيّة على مريم العذراء وقدّيسي الكنيسة قداستهم وشفاعتهم وسموّ مرتبتهم عند الله. وعوضًا عن السعي إلى القداسة نشأ تيّار عقلانيّ يَدرُس النُّصوص المقدّسة بطريقة عِلميّة، حتى قال باروخ سبينوزا (1632-1677) إنّ النصوس المقدّسة يجب إخضاعُها للبحث العقليّ. بهذا جعل سبينوزا العقل أسمى مرتبةً من الوحي الإلهيّ.
- وبالنتيجة، فمقولة “الكتاب المقدّس وحده” أنتجت نمطًا من “المسيحيّة” ليس له مرجعيّة تعليميّة واحدة ثابتة، وليس له تعليم واضح وموحَّد وثابت في اللاهوت والأخلاق، وليس فيه كهنوت ولا أسرار، وقد أُخلي من مفهوم التّقوى والعبادة والجهاد الروحيّ كما عرفته كنيستنا ومارسه الآباء القدّيسون. ولم يبقَ ما يعمَلُه الإخوة البوتستنت في اجتماعاتهم سوى الترتيل والوعظ و”كسر الخبز” الذي يقوم به “قسيس” بمثابة ذكرى.
- أتقن القساوسة البروتستنت معرفة الكتب المقدّسة وبرعوا في الوعظ واقتصوا كثيرين جدًا من أبناء كنيستنا وأبناء كنائس أخرى إلى صفوفهم. لكن، من دون أسرار الكنيسة ومفهومها للقداسة والتّقوى، هل يجدي الوعظ وحده في تأسيس حياة روحيّة حقيقيّة تقود إلى قداسة حقيقيّة؟ ومع كلّ ما تقدّم، يزعم الإخوة البروتستنت إنّ ما عملوه هو “إصلاح”، ويسمّوننا “كنيسة تقليديّة” فيها شوائب وأخطاء وبحاجة إلى “إصلاح”.
- ويجادلوننا، وجوابنا إنه قبل أن تجادلونا قولوا لنا ما هو بالتّحديد لاهوتكم العقائديّ والأخلاقيّ، وهل تعلَمون أنّ بعضكم قد تقبَّلَ سيامةَ لوطيّين وسحاقيّات بمثابة قسيسين وقسيسات، وتقبلوا الإجهاض وشرّعوا الزّنى والشذوذ الجنسيّ وتزويج الشاذين. فهل صحيح أنّ كنيستنا وعقيدتنا وعباداتنا وقداساتنا وأسرارنا وممارساتنا التقويَّة، التي أنتجت قدّيسين عبر الأجيال، بحاجةٍ إلى إصلاح؟
رأي كاثوليكيّ في مَقولة “الكتاب المقدّس وحدَه” (أي تخريب كل ما هو كاثوليكي)