أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


جيزل فرح طربيه: الفرد بات رقمًا ضائعا”.. حرب المساحة الرابعة إنسان هوائي لاقط ومجتمع سائل (التفاصيل)..


عودة الوثنية من باب الحداثة..
نتساءل عن شكل هذا الاله المعدل جينيا”، المضاف بالرقاقات الالكترونية، المُسيَّر بالروبوتات والذكاء الاصطناعي؟؟!!
تجسد المسيح فلبس جسدا بشريا” ليخلصنا. أما سلالتهم المعدلة مصيرها الى هلاك!
ليرحمنا الرب!


إنه عالم انحلال وتفاهة، ذاك العالم الذي تخطط له نخبة ملحدة متكبرة لا تسام في قيمها، لا منطق ولا عقلانية ولا مرجعية عندها إلا ذاتها. إنها الليبرالية الجديدة new liberalism..

هذه الليبرالية تحت ستار التقدم التكنولوجي الذي أصبح إيديولوجيا تيار عبر الانسنة transhumanism ،
تعمل على التغيير الجذري للمجتمعات وتدمير الانسان في قيمه الروحية والاخلاقية والانسانية. وعلى شلّ قوة الدول ليصبح عملها مجرد عمل رقيب.

الوسيلة الجديدة التي تستعملها هي التكنولوجيا الرقمية.

  • قبل العالم الرقمي كانت الحروب تمارس على 3 مساحات: الارض، الهواء والماء (terre, air et eau)، المساحة الرابعة هي العالم الرقمي الذي يعمل على مساحة جديدة هي العقل والادراك واليقين، هدفه التغيير والتحكم بعقول الناس.
  • من هنا برز مصطلح الحداثة “السائلة” والمجتمعات “السائلة” التي أطلقها عالم الاجتماع البولندي زيغموند باومان(1925- 2017). الهدف هو تحويل المجتمعات الى مجتمعات سائلة اي مجتمعات لا انتماء عائلي فيها، ولا اجتماعي ولاديني وهكذا يصبح من السهل التعامل معها والسيطرة عليها والتحكم بها.
  • الانسان الشخص في مجتمع سائل يختزل برقم، بشيء، مع انتشار مفهوم إنترنت الاشياء، إن الحياة السائلة التي يتكلم عنها باومان هي حياة استهلاكية تجعل من العالم بكل أحيائه وجماداته موضوعات للاستهلاك، تفقد نفعها عند استخدامها.

هذا يتنافى مع التمايز الطبيعي الذي في المجتمعات، وكرامة الشخص البشري ككائن مسؤول وحر، والدور الأساس لعمل الدولة.

كتب الفيلسوف سبينوزا في عمل الدولة: «ليس الغرض الأقصى من الدولة أن تسيطر على الأفراد ولا أن تكممهم بالمخاوف، ولكن الغاية منها أن تُحرر كل إنسان من الخوف، حتى يستطيع أن يعيش ويعمل في أمنٍ تام دون أن يضر نفسه أو يؤذي جاره. إني أكرر القول بأن ليست غاية الدولة أن تحوّل الكائنات العاقلة إلى حيوانات متوحشة أو آلات، بل إن الغرض منها هو أن تمكّن أجسامهم وعقولهم من العمل في أمن، غايتها أن تهيئ للناس عيشًا يستمتعون فيه بعقول حرة، حتى لا ينفقوا قوتهم في الكراهية والغضب والكيد وإساءة بعضهم إلى بعض. إن غاية الدولة الحقيقية هي أن تكفل الحرية»

إنها حداثة الانقلاب على الانقلاب، كما وصفتها الفيلسوفة الفرنسية شانتال دلسول. فكما أحدثت المسيحية انقلابًا في الامبراطورية الرومانية فعكست كل شيء وغيرت رأسا على عقب كل القيم، فحرمت الزنى والمثلية الجنسية والاجهاض، ودعت الى المساواة وألغت العبودية وأعادت الكرامة للشخص البشري …

اليوم تنقلب الحداثة على المسيحية وتعيد إحياء العادات الوثنية القديمة، فتشرع الاجهاض وزواج المثليين وكل انواع الحريات الجنسية وتحلل المساكنة والقتل الرحيم حتى أنها تنظم الانتحار وتعطي الحق بالتحول الجنسي وتروج لنظرية الجندر وما شابه!

في العالم الرقمي هذا أصبح الانسان كهوائي لاقط يلتقط كل شيء، يعني ما هب ودب من المعلومات المتناقضة أحيانا” والملفقة أحيانا” أخرى، المروجة بقوة لفكر غريب، أو لنسبية أخلاقية تجعل العالم مسطحا”، لفكر هدام ينسف كل معتقد ودين، كل مرجعية موثوقة أو كل علم وحتى ما هو من البديهيات العلمية،…

الهدف أن يصبح الفرد- الرقم ضائعا” قلقا” لا يعرف أوله من آخره، في فوضى ذهنية حيث لا يقين ولا حقيقة مطلقة. عالم مسطح فارغ لا علاقة له بكل ما هو متسام. عالم عابث عاقر يأكل ذاته الى عدمية.
الهدف هو العودة الى الفوضى البدائية، حيث يسهل عندها التحكم بكل شيء وإعادة خلق جديدة بمزاجية نخبة الليبرالية الجديدة أسياد العالم الجديد والانسان الاله homo deus

نتساءل عن شكل هذا الاله المعدل جينيا”، المضاف بالرقاقات الالكترونية، المزاد بالاعضاء الاصطناعية، المسير بالروبوتات والذكاء الاصطناعي؟؟!

بالتأكيد لن يكون لهذا الكائن الهجين علاقة بجنس البشرية المخلوقة على صورة الله ومثاله.
تجسد المسيح فلبس جسدا بشريا” يشبهنا نحن، ليخلصنا. أما سلالتهم المعدلة فهي حتمًا مصيرها الى هلاك!
ليرحمنا الرب!

الليبرالية الجديدة
(جيزل فرح طربيه)