يا يسوع، أستسلم بين يدَيك وأضع إتكالي عليك!
صلاة لتسليم الذات ليسوع
“ثقوا! هذا أنا! لا تخافوا”: هذه هي الكلمات التي وجّهها يسوع الى تلاميذه عندما، وفي صرخة خوف، رأوه ماشيًا على المياه فيما خافوا من فقدان حياتهم وسط عاصفة على بحيرة طبرية. ألا نختبر نحن أيضًا لحظات مماثلة في حياتنا عندما تهبّ عواصف ولا نعود نجد حلاً بشريًا؟ وماذا نقول عن الوضع الحالي، خاصة وأنه منذ أشهر طويلة خيّم على جميع القارات جوّ قلق وعدم أمام جرّاء الوباء؟
يُخبرنا القديس متى، في الفصل الرابع عشر من إنجيله، كيف أتى يسوع لنجدة تلاميذه: “قال له بطرس: إن كنتَ أنتَ هو يا ربّ، فمُرني أن اجيء إليك على الماء! فأجابه يسوع: تعال. فنزل بطرس من القارب ومشى على الماء نحو يسوع”. وثق بطرس بربّه وسيّده إلى درجة أنّ يسوع تمكّن من اجتراح المعجزة. وطالما أبقى الرسول نظره على يسوع تمكّن من اجتراح المعجزة. وطالما أبقى الرسول نظره على يسوع، بدون أن يدع العاصفة والأمواج تؤثّر عليه، تمكّن من السير على الماء. لكن عندما أشاح بنظره عن يسوع نحو الموج العاتي، تغلّب عليه الخوف مجددًا وأدرك أنه يغرق وصرخ: “نجّني يا ربّ”. فمدّ يسوع يده في الحال وأمسكه وقال له: يا قليل الإيمان لماذا شككتَ؟”
إن سؤال يسوع هذا قد يُفاجئنا حيال شخص تشجّع في طقس مماثل وترك قاربه ليواجه البحر! في الواقع، إنّ الكلمات التي يوجهها يسوع إلى بطرس تُظهر نوع التخلّي الذي ينتظره منّا اله ليستطيع إنقاذنا عندما نكون في خطر. إنّه يطلب منّا أن نهبه ذاتنا بكلّيتها.
واللحظات التي نعيشها حاليًا مُشابهة لتلك العاصفة في البحر. لذا وعبر هذا الكتيّب، نضع في متناول الجميع أداة مقتصّةمن كنز الكنيسة، لتعلّم بلوغ الثقة المماثلة والإستسلام غير المشروط. إنّ الكلمات التي تؤلف هذه التساعيّة أملاها يسوع مباشرة على الأب دوليندو روتولو، وهو كاهن إيطالي تمّ فتح دعوى تطويبه.
( تساعيّة بحسب صلاة التسليم للأب دوليندو روتولو )
كيف نُصلّي هذه التساعيّة؟
بعد التأمّل بالنصّ المُختار لكل يوم وإدخال الكلمات التي يوجّهها يسوع إلى أنفسنا، نكرّر 10 مرّات “يا يسوع أستسلم بين يديك وأضع إتكاّلي عليك“. هذه الكلمات تُعبّر عن الثقة بَنَويّة. إذًا يتعلّق الأمر بقولها من صميم القلب. لذا، ننصح بلفظها فيما أعيننا مغمصة.
دانيال في عرين الأسود
إنّ مَن يُصلّي هو مُسلّح حقًا. وهو قويّ لا يُقهر لأن الصلاة لوحدها تُبطل جميع المُخططات البشرية والشيطانية، وقد تُظهر خططًا جديدة ربانية رسمها الله بطيبته الرحومة.
إن الصلاة قوة باهرة لديها أوجه عديدة، وهي تؤثّر على الروح والمادة والمخلوقات، وحتى على الخالق.
الأب دوليندو روتولو
(1882-1970)
“الجنّة برمتّها في نفسك!” هذه الكلمات المُذهلة وجهّها الأب بيو إلى الأب دوليندو روتولو خلال لقائهما في سان جيوفاني روتوندو بتاريخ 16 تشرين الأول 1953. ففي ضوء الله، عرف الأب بيو العَظمة الروحيّة لهذا الكاهن المتّحد بالله، ولم يتردّد في القول لِمَن كانوا يأتون من نابولي؟ إذهبوا للقائه، إنّه قديس”. لكن خادم كهذا لم يكن معروفًا بقدر “بادري بيو”. لم يكن يحمل آثار جراح المسيح الظاهرة، وكان الله يعمل فيه سرًّا. فهم الأب دوليندو، كما بادري بيو، معنى المعاناة، وكان يُقدّم معاناته بصمت وبروح التعويض، بما أنّه كان يخضع باستمرار للإفتراءات والظُلم والإزدراء. فأصبح كاهنًا بحسب الروح القدس بالنسبة إلى عدد كبير من الأنفس التي كان يُنقذها ويُعزّيها.
واليوم أيضًا، يقصد الناس نابولي من جميع أنحاء العالم تحديدًا كنيسة القديس يوسف للمُسنّين حيث يرقد جثمانه (الأب دوليندو روتولو)، لطلب شفاعته والقرع على لوحة القبر وكأنه يقرع بابً لأنه قال يومًا: عندما أموت، تعال إلى قبري؛ إقرع وسأُجيبك. ثق بالله!”.
ترك الأب دوليندو إرثًا روحيًا كبيرًا بحيث أنّه كتب التعليقات على جميع أسفار الكتابات المقدسة، ممّا شكّل مجموعة من 33 جزءًا. ويجب أن نضيف على ذلك أعماله اللاهوتية الزهدية والنسكية الروحانية كما مراسلات وافرة تظهر فيها موهبته كراعٍ إستثنائي. من بين كلّ كتاباته، ثمّة تميّر ظاهر في الجوهرة المدعوّة “صلاة تسليم الذات” التي علّمه إيّاها يسوع بذاته. وجرّاء هذه الوحي الإلهي، تمنح الصلاة العزاء والسلام.
وعانى الأب دوليندو روتولو، الكثير من الأمراض وأصيب بالشلل، لكنّه كان يُسمّي نفسه، “عجوز مريم الصغير”.. وكان سريع الذكاء وصاحب بديهة غير اعتيادية، وقد تحلّى بالعديد من الفضائل الروحية. عمل بكلل من أجل كنيسته الحبيبة، التي مزقتها النزاعات والاتهامات والإنشقاقات..
اليوم لا يمكن عدّ شهادات الشفاء العجائبية بسبب شفاعته قبل وفاته وبعده. أعلنته الكنيسة المقدسة “مكرّم” وهي مرحلة قبل التطويب.
اليوم الأول
(سلّمني ذاتك بكليّتها)
يسوع يخاطب النفس: لماذا تضطربون وتقلقون هكذا؟ ضعوا بين يديّ ما يُشغلكم، وكلّ شيء سيهدأ. أؤكد لكم هذا: عندما تستلمون بين يديّ فعليًا بشكل أعمى وكليّ، فإنّ ما تفعلونه يُنتج الأثر المرغوب ويحلّ المسائل الشائكة.
تسليم ذواتكم لي لا يعني القلق والتوتّر واليأس مع رفع صلاة قلقة كي أتبعكم وأغيّر توتركم إلى صلاة. إنّ تسليم الذات لي يعني أن تُغمضوا أعين النفس بسلام وأن تحولوا أفكاركم عمّا ينال منها والإستسلام لي كي أكون الوحيد الذي يتصرّف، مع القول لي: أضع إتكالي عليك؟
يا يسوع أستسلم بين يديك وأضع إتكاّلي عليك (10 مرات)
اليوم الثاني
(إسترّح فيّ)
من المُنافي لطبيع التخلّي (التسليم) الإستسلام للقلق والتوتّر والتفكير في العواقب الممكنة لعملٍ ما. هذا أشبه بالإضطراب بالفوضى التي يُحدثها الأطفال والأولاد عندما يطلبون من أمّهم أن تعالج احتياجاتهم، ثم يحاولون الإهتمام بتلك الاحتياجات بأنفسهم الى أن تعرقل جهودهم الطفولية عمل أمّهم.
أغمضوا أعينكم واتركوا تيّار نعمتي يجرفكم؛ أغمضوا أعينكم ودعوني أتصرّف؛ أغمضوا أعينكم ولا تفكرّوا إلاّ في اللحظة الحاضرة، مع الإمتناع من التفكير في المستقبل. استريحوا فيّ فيما تؤمنون بطيبتي وأنا أعدكم بإسم محبتي: إن كنتم مستعدّين وقلتُم لي “أضع اتكالي عليك”، أنا أعزّيكم وأحرّركم وأرشدكم.
يا يسوع أستسلم بين يديك وأضع إتكاّلي عليك (10 مرات)
اليوم الثالث
(أحملكم على ذراعيّ)
عندما يكون عليّ أن أنقلكم إلى سبيل غير الذي تعتزمونه، أنا أتولّى الأمر وأحملكم بين ذراعيّ وأجعلكم تبلغون الضفّة الأخرى كأولاد نائمين بين ذراعيّ أمهم. ما يجعلكم تضطربون وما يؤذيكم هو “تحليلكم”، طريقتكم في التفكير، الرغبة في السيطرة على ما يُقلقكم بأي ثمن. يا للأشياء التي أنجزها عندما تلتجئ إليّ النفس، في حاجاتها الروحيّة كما الدنيويّة، وتنظر إليّ وهي تقول لي “أضع إتكّالي عليك”، ثمّ تُغمض عينيها وترتاح.
يا يسوع أستسلم بين يديك وأضع إتكاّلي عليك (10 مرات)
اليوم الرابع
(ليتقدّس إسمك)
لا تتمتعون بالكثير من النِعَم إن أصريّتم على صنعها بذواتكم. لكن تنالون الكثير من النِعَم إن استسلمتُم لي كليًا في الصلاة. كم من الأمور أفعل، عندما تتوجّه النفس إليّ، بكل احتياجاتها الروحية والمادية، حين تنظر إليّ وتقول: إهتمّ أنت بالأمر، ثم تغمض عيناها وترتاح. في الألم أنتم تصلّون كي أتصرّف، لكن كما تريدون أنتم.. أنتم لا تلتجئون إليّ بل تُريدون أن أتأقلم مع أفكاركم. أنتم كمرضى يقترحون على الطبيب العلاج، بدلاً من أن يطلبوه منه.
لذلك لا تفعلوا هذا بل صلّوا كما علّمتكم في صلاة الأبانا: “ليتقدّس اسمك:، أي أن أتمجّد في احتياجاتكم (هذه الصعوبات). “ليأتِ ملكوتك”، أي ليكن كل ما هو فينا وفي العالم موافق مع ملكوتك. “لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض”، أي في حاجتنا وهذه الصعوبات، دبّر الظروف كما تراه أنسب لحياتنا الأبدية والزمنية.
إن قلتم لي بكل صدق: لتكن مشيئتك. الذي هو نفس القول: إعتنِ بالأمر، ويعني “أتكّل عليك”. عندها أتدخّل بكامل قدرتي، وأحلّ أصعب الحالات وأحلّ الأوضاع الأكثر تعقيدًا.
يا يسوع أستسلم بين يديك وأضع إتكاّلي عليك (10 مرات)
اليوم الخامس
(لتكن مشيئتك)
هل ترون الشرّ ينمو بدل أن يضعف، والمصائب تكثر بدلاً من ان تنتهي؟! لا تقلقوا، ولا تتوترّوا، أغمضوا عيونكم وقولوا لي بإيمان: “لتكن مشيئتك. إعتنِ بالأمر. أضع إتكالي عليك“. أقول لكم سوف أعتني به، وسأتدخل كما يفعل الطبيب وسأحقق المعجزات عند الحاجة.
هل ترون المريض تزداد حالته سوءًا؟ إن رأيت حالة المريض تسوء، لا تقلق ولا تنزعج، بل أغمض عينيك وقلك إعتنِ بالأمر. أضع إتكالي عليك” أؤكد لك أنني سأتولى الأمر وأنه ما من علاج فعال أكثر من تدخّل حبّي. وسأتدخّل فقط عندما تغمض عينيك.
يا يسوع أستسلم بين يديك وأضع إتكاّلي عليك (10 مرات)
اليوم السادس
(معجزات أجترحُها عَ قدر استسلامكم الكامل لي)
تعانون الأرق، تريدون الحكم على كل الأمور، وتوجيه كل شيء، والإهتمام بكل شيء، وتخضعون للقوة البشرية، أو الى ما هو أسوأ – للبشر ذاتهم، واثقون في تدخّلهم – إذًا كفوّا عن تحليل كلّ أمر وتفحّصه والتفكير فيه. لأنه بهذه الطريقة توقفون وتعيقون كلماتي وخططي وأفكاري.
كم أرغب في أن تسلمّوني ذواتكم. كي يعود عليكم ذلك بالفائدة، كم يُحزنني أن أرى أنكم متوترون!! كم أعاني عندما أراكم مهتاجين وغاضبين! هذا بالظبط وتحديدًا ما يبحث عنه الشيطان ويحاول القيام به: يريد توتيركم بإثارة غضبكمـ لإبعادكم عن تدخلي، فتكونوا فريسة المبادرات البشرية.. إذًا ثقوا بي فقط، ارتاحوا فيّ، واستسلموا لي في كل شيء!
إنّ المعجزات التي أقوم بها هي على قدر إستسلامكم الكامل لي، وتحصل هذه المعجزات عندما لا تفكروّن في ذواتكم أبدًا.
يا يسوع أستسلم بين يديك وأضع إتكاّلي عليك (10 مرات)
اليوم السابع
(كنوز في الفقر)
أوزّع كنوز النِعَم الدفينة عندما تكونون بحالة فقر تام. لا يقدر شخص منطقي، ولا مفكّر، بأي وقت القيام بمعجزات، ولا حتى من بين القديسين!! ما من شخصٍ يحلّل ويحسب، استطاع أن يجترح معجزة!! لا تظهر الأعمال الربانيّة الإلهية الاّ لدى المستسلمين لله.
لذا لا تفكروا بالأمر كثيرًا، تمهلّوا قليلاً إنكم سريعو الخاطر.. حتى لو رأيتم الأمور تتعقّد.. يصعب عليكم رؤية الشرّ والإتكال عليّ، ثقوا بي، لا تفكروا بأنفسكم. افعلوا هذا في جميع الظروف من أجل كلّ حاجياتكم، افعلوا ذلك وسترون معجزات كبيرة وصامتة وعظيمة وباستمرار. وأنا سأتولى الأمر، أضمن لكم ذلك.. وأغمضوا عيونكم وقولوا: يا يسوع، أضع إتكالي عليك”.
يا يسوع أستسلم بين يديك وأضع إتكاّلي عليك (10 مرات)
اليوم الثامن
(سلام هائل وثمر وافر)
حافظوا على موقف الإستسلام لي، عندما تصلّون ستتلقون سلامًا هائلاً وثمرًا وافرًا.. وإذا طلبت منكم حبًا بي، تقديم تضحية للتعويض، ما يفرض معاناة. هل تعتقدون أن هذا مستحيل!!؟؟
أغمضوا عيونكم واتركوا نفسكم تُحملون على تيّار نعمتي المتدفّق. أغمضوا عيونكم ولا تفكّروا بالحاضر، محوّلين أفكاركم بعيدًا عن المستقبل تمامًا كما تفعلون مع التجارب والإغراءات.
إستريحوا فيَّ، آمنوا بصلاحي، وقولوا من كل قلوبك “يا يسوع أضع إتكالي عليك!”؛ أعدكم بأني سأعتني بكل شيء، وسأعزّيكم وأحرّركم وأرشدكم.
يا يسوع أستسلم بين يديك وأضع إتكاّلي عليك (10 مرات)
اليوم التاسع
(لا تخف)
صلّي دائمًا بتسليم، وستحصل على سلام عظيم ومكافآت عظيمة، حتى عندما أمنحك نعمة التضحية والتوبة والمحبة.. لا تخف! سأتولى وأعتني بكل شيء، وستُبارك إسمي عبر إظهار تواضعك. ألف صلاة لا يمكن أن تساوي فعل تسليم واحد! نعم إنّ قيمة إستسلام واحدة لا تساويها 1000 صلاة..!! تذكّر ذلك جيدًا. لا يوجد تساعية أكثر فعالية من القول بإيمان:
يا يسوع أستسلم بين يديك وأضع إتكاّلي عليك (10 مرات)
صلاة الى الطوباوية مريم العذراء
يا أمّي، كلّي لكِ الآن والى الأبد. بواسطتك ومعكِ أرغب دومًا أن أكون بالكامل ليسوع. آمين..