في العام ١٩٧١ وفيما كان الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة في زيارة الى مدينة سوسة لتدشين مركز سياحي ، أبدى رغبته في زيارة بيت الدعارة المشهور في سوسة القديمة، إستغرب حاكم المدينة الامر لكنه نفذ طلبه وعند وصولهم الى المكان، سأل الرئيس عن امرأة كانت تعمل هناك منذ زمن وهل ما زالت على قيد الحياة؟ أجابوه نعم فطلب إحضارها ، وأتوا بالمرأة العجوز حيث أمر بمنحها منزلاً جديدًا وراتبًا قائلًا: لقد كانت هذه المرأة مناضلة في زمن الإستعمار حيث كانت تزودنا بمعلومات حول الضباط الفرنسيين الذين كانوا يترددون على بيت الدعارة
نعم قد يكون الانتماء الوطني للعاهرات أشرف وأنبل من إنتماء بعض المسؤولين اللبنانيين الفاسدين واللصوص والسارقين الذين يكذبون وينافقون بإسم الدّين والوطن ، والاسوا من ذلك هؤلاء الذين يقولون في العلن أنهم مع حقوق المظلومين والمودعين واصحاب المداخيل التي حرقها جنون الدولار وهم في الواقع يفعلون عكس ذلك ، وهكذا نجد ان العاهرة تضحي بنفسها لإسعاد الشعب فيما السياسي يضحي بالشعب لإسعاد نفسه
وبعد ما تقدم نجد أن لا فرق بين العاهرة والسياسي ونتأكد انه في حضرة العاهرة تختفي كل معاني المروءة والشرف والصدق والوفاء وتتغلب المصلحة ويصبح شعار من يدفع أكثر شعارًا مقدساً تتهاوى أمامه حرمة الجسد فالعاهرة لا تشترط لمن تكون بل لمن يدفع المال سلفًا بدل الخدمة، شانها في ذلك شأن السياسي ، ففي حضرة السياسة لا عداوة تدوم ولا صداقة تستمر حيث يتخلى السياسيون عن كل الشعارات التي طالما تشدقوا بها علنا في سبيل المصلحة وقد تكون في غالب الأحيان شخصية.”