- غوتيريش من قصر بعبدا: على الشعب اللبناني ان ينخرط بقوة في العملية الانتخابية***
القى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كلمة خلال المؤتمر الصحافي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال فيها:
“أهلا بكم سعادة الأمين العام في لبنان في زيارتكم الأولى إليه، وأنتم على رأس المنظمة الدولية بعدما توليتم من العام 2005 الى العام 2015 مسؤولية مفوضية شؤون اللاجئين.
بين لبنان والأمم المتحدة شراكة عميقة تعود جذورها الى انشاء المنظمة، حيث كان لبنان من الدول الخمسين التي شاركت في تأسيس الأمم المتحدة في العام 1945 في سان فرنسيسكو، ومن الذين ساهموا في وضع شرعة حقوق الانسان في العام 1948.
وخلال الأزمات العديدة التي عصفت بلبنان منذ العام 1948 واللجوء الفلسطيني وحتى يومنا هذا مرورا بالحرب اللبنانية، والحروب الإسرائيلية العديدة، وصولا الى انعكاسات النزوح السوري الكثيف، وانفجار مرفأ بيروت، والأزمة الاقتصادية المالية، وتداعيات الأزمات الحالية غير المسبوقة؛ فإن منظمة الأمم المتحدة كانت عامل دعم ومؤازرة للاستقرار خصوصا عبر قوات “اليونيفيل” في الجنوب، وشريكا في التنمية عبر أجهزتها العاملة في لبنان”.
أضاف: “لقد بحثت مع سعادته في الأزمات المتلاحقة التي يعاني منها لبنان، والسبل الايلة الى الخروج منها، لا سيما ما يتعلق منها بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تردت خلال الأشهر الأخيرة. وأكدت لسعادة الأمين العام أننا نعمل على تجاوزها، ولو تدريجيا، من خلال وضع خطة التعافي الاقتصادي لعرضها على صندوق النقد الدولي والتفاوض بشأنها كذلك بالتزامن مع إصلاحات متعددة في المجالات الاقتصادية والمالية والإدارية، وإعادة النظر بعدد من إدارات الدولة وضبط الانفاق ووقف الهدر ومكافحة الفساد وبلوغ التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان أهدافه في كشف المسؤولين عما لحق بالبلاد من خسائر على مر السنين الماضية. والهدف يبقى اعتماد حوكمة مستدامة تصحح الخلل الذي اعترى مؤسسات الدولة. وأكدت لسعادته ان لبنان سيشهد في الربيع المقبل انتخابات نيابية ستوفر لها كل الأسباب كي تكون شفافة ونزيهة تعكس الإرادة الحقيقية للبنانيين في اختيار ممثليهم. ونرحب بالمناسبة باي دور يمكن ان تلعبه الأمم المتحدة في متابعة هذه الانتخابات بالتنسيق مع السلطات اللبنانية المختصة”.
وتابع: “كذلك، تطرقنا الى موضوع النزوح السوري، وأكدت على سعادته ضرورة ايجاد مقاربة جديدة لموضوع النازحين السوريين الى لبنان، هذه الأزمة المستمرة والمتصاعدة منذ أكثر من 10 سنوات مع ما تشكله على لبنان من أعباء ضخمة خاصة في ظل الظروف الحالية، وضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته وتشجيع العودة الآمنة للنازحين الى قراهم ووطنهم”.
وأردف رئيس الجمهورية: “وفي ما يتعلق بالوضع مع اسرائيل، فقد أعدت التأكيد لسعادته التزام لبنان تنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته والحفاظ على الاستقرار القائم على الحدود الجنوبية، والتعاون الدائم بين الجيش اللبناني وقوات “اليونيفيل”، لافتا إياه الى “استمرار الانتهاكات الإسرائيلية البرية والبحرية والجوية، لا سيما استخدام الأجواء اللبنانية منطلقا لاعتداءات جوية متكررة على سوريا. وشددت امام سعادته على تمسك لبنان بممارسة سيادته على كامل أراضيه، وحقوقه الكاملة في استثمار ثرواته الطبيعية لا سيما منها في حقلي الغاز والنفط، والاستعداد الدائم لمتابعة المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية”.
وختم، مجددا الشكر “للمنظمة الدولية ولكل أجهزتها العاملة في لبنان على كل الجهود المبذولة، وأخص بالشكر سعادة الأمين العام على تضامنه الدائم مع لبنان، والذي تجلى بالموقف وبالمساعدات وبعقد المؤتمرات الخاصة دعما للشعب اللبناني. شكرا سعادة الأمين العام وأهلا وسهلا بكم”.
الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش لفت بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، الى ان “انا سعيد للغاية بالعودة الى لبنان. لقد حظيت بلقاء ناجح مع الرئيس عون، وشكرته على ضيافتهوعلى المحادثات الهامة التي اجريتها اليوم. كما اعربت عن تقدير الامم المتحدة والمجتمع الدولي على كرم لبنان في استضافة الكثير من اللاجئين بسبب الصراع في سوريا. لقد كنت في السابق مفوضا أعلى للاجئين لمدة عشر سنوات، ومن خلال تجربتي طوال هذه السنوات، وجدت القليل من الدول والشعوب التي كانت سخية الى هذه الغاية تجاه اللاجئين، كما كان لبنان تجاه اللادئين السوريين. ولقد ترك الأمر تداعيات جمّة على الاقتصاد اللبناني كما على المجتمع اللبنانيز وبسبب النزاع في سوريا، فإن الاوضع الأمني في لبنان تأثر كذلك. وانا اؤمن ان المجتمع الدولي لم يقم كفاية بدعم لبنان، كما فعل تجاه دول أخرى فتحت حدودها وابوابها وقلبها للاجئين، فيما للأسف بعض الدول الأكثر قدرة أقفلت حدودها الخاصة. من هنا فإن مثال لبنان هو مثل يستدعي تحمل مسؤولية من قبل القيمين على الأمن الدولي من اجل دعم لبنان بالكامل بهدف مواجهة الأعباء التي تواجهه في الملاحة الراهنة.
لقد ابلغت الرئيس انني اتيت ومعي رسالة واحدة بسيطة وهي ان الامم المتحدة تقف متضامنة مع الشعب اللبناني. وخلال زيارتي، سألتقي شريحة كبيرة من قادة المجتمع السياسي والديني والمدني، بمن فيهم النساء والشباب، بهدف مناقشة كيفية تقديم المساعدة الافضل للشعب اللنباني ليتغلب على الازمة الاقتصادية والمالية الحالية، والعمل على احلال السلام والاستقرار والتنمية المستدامة. واحثّ القادة السياسيين اللبنانيين، على العمل معاً لحل هذه الازمة، وادعو المجتمع الدولي الى تعزيز دعمه للبنان. وعلى سبيل المثال فإن برنامج دعمنا الإنساني قد تم تمويله فقط بنسبة 11% ونحن بجاجة ماسة الى تضامن اقوى من قبل المجتمع الدولي. ان الشعب اللبناني يتوقع ان يعيد القادة السياسيون ترميم الاقتصاد، وان يؤمّنوا فاعلية للحكومة ولمؤسسات الدولة، وانهاء الفساد، والحفاظ على حقوق الانسان. وهذا ما قاله فخامة الرئيس، وهو يصبّ في هذا الاتجاه.
لا يملك القادة السياسيون في لبنان، عند مشاهدة معاناة الشعب اللبناني، الحق في الانقسام وشل البلد، ويجب ان يكون رئيس الجمهورية اللبنانية رمز لهذه الوحدة الضرورية.
ان الانتخابات العام المقبل ستكون المفتاح، وعلى الشعب اللبناني ان ينخرط بقوة في عملية اختيار كيفية تقدم البلد. ويجب ان يكون للنساء والشباب كل الفرص للعب دورهم الكامل، فيما يسعى لبنان الى تخطي تحدياته الكثيرة ويضع اسس مستقبل افضل، وستؤازر الامم المتحدة لبنان في كل خطوة من هذه المسيرة.
وكجزء من الالتزام باستقرار لبنان، سأزور قوات “اليونيفيل” في الجنوب. ان الالتزام التام بتطبيق القرار الدولي 1701، والمحافظة على وقف الاعمال العدوانية على الخط الازرق، والعمل على تخفيف التوتر ببين الاطراف، هو امر اساسي. واغتنم المناسبة لتوجيه التحية الى الآلاف من النساء والرجال العاملين على الحفاظ على السلام، البعيدين عن عائلاتهم واوطانهم، ليخدموا السلام في لبنان.
كما اود ان اؤكد على ان استمرار الدعم الدولي للجيش اللبناني والمؤسسات الامنية الاخرى، هو اساسي لاستقرار لبنان. واحث كل الدول الاعضاء على الاستمرار وزيادة دعمهم للبنان، وعلى تحمل مسؤولياتهم بالكامل. ان لبنان يواجه مرحلة صعبة للغاية، وانا احث القادة اللبنانيين على ان يستحقوا شعبهم، كما احث المجتمع الدولي ان يواكبوا بما يتلاءم مع كرم الشعب اللبناني.