تشير الوقائع الميدانية الأخيرة في مختلف الأراضي السورية إلى أن القوات المسلحة التفّت على استراتيجية المسلحين التكفيريين، القائمة على توسيع جبهات القتال لإشغال هذه القواتومحاولة إنهاكها، وهذا ما تراهن على تحقيقه الدول الداعمة للمسلحين، الأمر الذي يعوق إتمام التسوية السياسية للأزمة الراهنة، مادامت هذه الدول تسعى إلى قلب موزاين القوى على الأرض لمصلحة التكفيريين، علّها بذلك تعزز أوراق قوتها في أي عملية تفاوضية مقبلة ترمي إلى إنهاء الأزمة.
وفي الوقائع، حتى الساعة لم تتحقق أهداف المحور المعادي لسورية، بل شهد الميدان السوري متغيّرات فرضها الجيش على امتداد الجغرافيا السورية في الجهات الأربعة لمصلحة دولته، فنجح في الالتفاف على استراتيجية المسلحين المذكورة إعلاه، من خلال اعتماد خطة هجومية جديدة قائمة على احتواء هجمات المسلحين، وشنّ هجمات مضادة عليها، لاسيما في ريفي حلب الجنوبي،ووادي بردى في ريف دمشق، حسب مصادر ميدانية.
بعد هذا العرض الموجز لأبرز التطورات الميدانية على الأراضي السورية، يظهر بوضوح أن الجيش السوري يركز عملياته في الشمال، والمناطق المتصلة به،خصوصاً محافظة حلب، وهنا يؤكد المرجع أن استعادة كامل محافطة حلب وضبط الحدود السورية – التركية تشكلان ضربة شبه قاضية للمسلحين في سورية، لاسيما بعد ضبط الحدود مع لبنان، وتوسع انتشار الجيش السوري في درعا المتاخمة للحدود الأردنية، بالإضافة إلى أن الحدود العراقية غير مؤثرة كثيراً في الأزمة السورية في الوقت الراهن، بسبب المعارك بين الجيش العراقي و”داعش”، فهو غير قادر على إمداد المسلحين في سورية، ومن ناحية أخرى يقوم الطيران الروسي بقصف أي قوافل تحاول المرور من العراق باتجاه سورية.
إذاً، في حال استمر الجيش السوري على هذه الوتيرة من التقدم وفي عزل الحدود التركية، لاسيما في حلب واللاذقية، يكون بذلك قد نجح قي قطع شريان الحياة عن الفصائل المسلحة في مختلف المحافظات، وحصر رقعة القتال الأساسية في الشمال، فلا جدوى فعالة للمسلحين في الوسط ومحيط دمشق بدون إمداد بشري ولوجستي من الشمال.
المصدر: الثبات