غريبٌ هو أمرنا..
لم نفقد الأمل بعد، بوجود رئيسٍ لا يستحقه كثيرون من أهل المزارع.. (أمين أبوراشد)
تدهور الأوضاع المعيشية والإجتماعية في لبنان نتيجة المراوغة في تشكيل الحكومة، قد تكون الطوابير هي السِمَة الظاهرة فيه، سواء كانت طوابير سفارات أو محطات محروقات، والناس يعيشون مرحلة صعبة رغم إتِّصاف اللبنانيين بالإيمان والصبر على المعاناة في حالات السلم والحرب، ولم تتَّعظ بعض الطبقة السياسية بعد، لا من عبرة الصديق ولا من عَبَرات العدو، فلا أخذنا العبرة من سوريا وإيران في ديمومة عمل المؤسسات، ولا بعبرات النائحين والمُهللين لرحيل ترامب ونتانياهو، وغريبٌ هو أمرنا، ونكاد نُصاب بالتقرحات الدماغية عندما نُهمِل أنفسنا الى درجة الإرتماء على قارعة الإنتظار عسى الحلّ يأتينا من الغرب، لأن بوابة الشرق شمسها حارقة لأصحاب الرؤية الضعيفة.
نحن لم نفقد الأمل بعد، بوجود رئيسٍ لا يستحقه كثيرون من أهل المزارع، ولن نتربَّع على القارعة بانتظار “المَنّ والسلوى” من الآخرين، ولدينا كامل الثقة بقامات وقيادات وطنية لن يهين عليها إذلال شعبها، وسط مسرحية “سعد غطّ وسعد طار”، والخيارات التي كانت ممنوعة سابقاً تحاشياً لِزَعل أميركا والغرب، ما كانت ولن تكون ممنوعة على كرام الناس، وربما وصلنا الى درجة العبور فوق محظورات “تبويس اللحى” لأن الكارثة قد لامست ذقون كل اللبنانيين دون استثناء طبقة أو منطقة أو مذهب.
وإذا شئنا أخذ العبرة من إيران أو من سوريا، فنحن البلد الأولَى بأخذ هذه العبرة لأننا نستحق، ومَن رسَّم حدوده بدماء الشهادة، يجب أن يُرسِّم في وجدانه الإنتماء القومي الذي يتَّصِف به الشعب الإيراني، والوفاء لوحدة الأرض التي يتمسَّك بها الشعب السوري، وهذا ما يُعِيبُ فئاتٍ من اللبنانيين بصرف النظر عن حجم إنتماء الزواريب لدى كل فئة منهم.
وزير بالزائد لهذا ووزير بالناقص لذاك، ليست هي المُعضلة، والقصة ليست رمانة بل قلوب مليانة من لا شيء سوى الحقد على العهد، والشعب اللبناني ولو إتَّصَفَ بالصبر، غير معتادٍ على الصبر المجَّاني، وهو على استعداد للوقوف في الطوابير متى كان الصبر يؤدي الى نيل الحق البديهي، لكن أن ينام منتظراً التوافق الهجين على حكومة نكايات، فلا نعتقد أن من حقّ أحد فرض هذه المسألة عليه، والحذر بات واجباً لو فكَّر الضعفاء والمظلومون من كل فئات الشعب الخروج من الطوابير الى حيث الثورة على حقيقتها، وليس هناك أقدر من فخامة الآدمي ميشال عون على إدارة ثورة واعية ضد المُعرقلين الحقيقيين لمسيرة بناء الدولة.
ومع إدراكنا للحصار السياسي والإقتصادي وحتى الديبلوماسي على لبنان، الذي جعل من حكومة تصريف الأعمال أسيرة الواقع، فإن الأمر لم يمنع وزراء من القيام بواجبهم في التواصل مع الدول الصديقة والشقيقة وفي مقدمتهم دول الجوار الإقليمي، وآن أوان “المُستغربين” المُتعلِّقة مصالحهم الشخصية بالغرب أن يدركوا، بأن العقل يفرض قبل القلب عبارة “الى الشرق دُرّ”، والشعب اللبناني لن يكون يوماً جاهزاً للموت اختناقاً ليحافظ هؤلاء “المُستغربون” على ولائهم المشبوه، سواء للغرب أم للدول الإقليمية التي تحمي عروش طغيانها من شعبها حتى لو استعانت على شعبها بخدمات “بلاك ووتر”…