أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


“ما حدا اكبر من بلده” (مقدمة نشرة اخبار OTV/السبت 12 حزيران 2021)

واقعياً، هذا هو وضع لبنان اليوم:***


أولاً، أزمة سياسية مستفحلة، أضيف إليها ليل أمس سجال بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، على خلفية مطالبة النائب جبران باسيل مجلس النواب بالقيام بدوره في ما يتعلق بترشيد الدعم وإقرار البطاقة التمويلية، ما استدعى رداً تصعيدياً من المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل. ومن علامات الأزمة المستفحلة أساساً، والتي لم تعد غالبية اللبنانيين تنظر إليها إلا من منظار فشل النظام الذي أرساه اتفاق الطائف، الانسداد تام في أفق تشكيل الحكومة، في ضوء الإصرار على خرق الأصول الدستورية وضرب المعايير الميثاقية، ومقابلة الإيجابيات الكبيرة بسلبيات مطلقة، وهذه هي حصيلة الأيام الأخيرة، التي شهدت انتعاشاً لآمال التشكيل بعد لقاء البياضة، قبل عودة انتكاسة التعطيل اثر مواقف بيت الوسط.
ثانياً، إنهيار تام في مختلف القطاعات، عنوانه ارتفاع غير مسبوق في سعر صرف الدولار لامس الخمسة عشر آلفاً، ومن تداعياته أزمات في البنزين والأدوية وحليب الأطفال والرغيف والكهرباء، بحيث لا يلبث المعنيون أن يجدوا حلاً لمعضلة، قبل أن تبرز أخرى.
ثالثاً، في موازاة لقاء شهدته بريطانيا في الساعات الأخيرة بين الرئيسين الأميركي والفرنسي، وقمة الرئيسين جو بايدن وفلاديمير بوتين في الايام المقبلة، مواقف إقليمية واضحة من ملف التشكيل، ومن رئيس الحكومة المكلف تحديداً، لم تنجح في تعديل مقاربتها كل المساعي الدولية التي صبَّت في هذا الاتجاه، على وقع المفاوضات النووية غير المباشرة بين واشنطن وطهران، واللقاءات الإيرانية-السعودية، إلى جانب التواصل السعودي-السوري المستعاد.
أمام هذا الواقع الثلاثي الأبعاد، يجد سعد الحريري نفسه اليوم. والقرار في المحصلة، يعود إليه.
فإما حكومة يترأسها، وفق الدستور والميثاق، وببرنامج إنقاذي محدد وفق ما يتمنى كل اللبنانيين، أو الاعتذار، إفساحاً في المجال أمام مكلف آخر علَّه يتمكن من تولي المهمة. أما الاستمرار في المراوحة، فتعمُّد في تمديد الأزمة، التي لا تستنثي مواطناً أو منطقة أو طائفة أو مذهب.
وبالمناسبة، ليس الهدف إطلاقاً أن يعتذر الحريري، بل أن يُنقذ لبنان. هكذا تشدد مصادر معنية بالتأليف عبر ال أو.تي.في. وكم كان اللبنانيون جميعاً يتمنون لو شكل سعد الحريري حكومة سريعاً، واستعاد بذلك دور الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي، وبغض النظر عن أي خلاف سياسي، كان يتطلع إليه جميع اللبنانيين والعالم، خاصة في المحن، كي يجد الحلول ويسهلها، وفق مقولته الشهيرة “ما حدا اكبر من بلده”… كل ذلك، على عكس ما يجري اليوم من استيلاد للعقد بدل حلها، واستجلاب الأزمات وتجديدها، بدل التخلص والخلاص منها.