الراعي يلتقي عون قبل سفره الى روما: أتمنى قيام حكومة اقطاب تنتشل لبنان من الجحيم.. وفخامة الرئيس، وبالرغم من كل شيء يريد الحكومة الآن وفوراً
استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا، البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وعرض معه الوضع العام في البلاد والتطورات المتعلقة بالاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة.
بعد انتهاء اللقاء، تحدث البطريرك الراعي الى الصحافيين فقال:
“تشرفت بزيارة رئيس الجمهورية قبل الذهاب الى روما تلبية للدعوة التي وجهها قداسة البابا لرؤساء الكنائس في لبنان من كاثوليك وارثوذكس وبروتستانت من اجل البحث في موضوعين أساسيين: التفكير معاً من اجل لبنان الذي يحمله قداسة البابا في قلبه، والصلاة من اجل خلاص لبنان وسلامه. ونحن نحمل معنا التوق كي يحافظ لبنان على كيانه وقيمته وخصوصيته، هو العيش معاً، هو الديمقراطي، هو الحريات والحوار، وهذا ما يحرص عليه البابا بصورة كبيرة وقد عبّر عن هذا الحرص في كل رسائله.
ومن الضروري ان نقوم بهذه الزيارة، لان الوقت ضيق، فالاسبوع المقبل ندخل في سينودس يستمر لاسبوعين ولن يكون من المستطاع القيام بهذه الزيارة. هذا السبب الأساسي، اما السبب الأساسي الثاني هو واقعنا المر الذي نعيشه ونعرفه جميعاً “ع الأرض يا حكم” على مستويات لا يمكن الاستمرار فيها، حتى ان البنك الدولي قال اننا بتنا ثالث بلد في العالم من حيث المآسي في القرن العشرين، وهذا ما يقتضي ضرورة قيام حكومة لمواجهة هذه الأمور، ولم يعد هناك من مبرر يمنع وجود حكومة وقيام تفاهم بين فخامة رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وهما المعنيان مباشرة بالتأليف. من منا يجهل ما يحصل؟ الحكومة يجب ان تكون فوق كل اعتبار، هذا وجع جميع اللبنانيين. ونحن نقول بأن لبنان بلد الحوار، يجب ان نتحاور وعدم إهانة بعضنا البعض. يمكن ان نختلف بالرأي والنظرة والتطلع والبرنامج والحل، اما ان نصل الى ان يهين الواحد الآخر، فهذا امر غير مقبول بأي شكل من الاشكال، وهو من خارج ثقافتنا اللبنانية. لذلك، نحن مجروحون اذا ما كانت هذه اللغة التي ستعتمد للتخاطب، وقد استهجنت كل هذا الموضوع.”
وأضاف: “في كل هذه القضايا، نتوقف عند عدد 24 او غيره، وتقسيم الحصص، ومن يعيّن الوزراء، كل هذه الأمور “بيبوخوا” امام الواقع الذي نعيشه في لبنان. منذ فترة وانا افكر وأقول بصوت عال، واقولها اليوم معكم، اذا عدنا الى الوراء يوم خرجنا من ثورة العام 1958، والرئيس شهاب شكّل حكومة اقطاب من أربعة اشخاص وانشأوا دولة ومؤسسات لا يختلف اثنان على انها كانت اهم دولة، فهل سنبقى نختلف على العدد والتسميات؟ لماذا لا تقوم حكومة اقطاب كما حصل سابقاً، ما الذي يمنع؟ نحن نريد حكومة انقاذية تنتشل لبنان من الجحيم الذي هو فيه، وعلينا الا ننسى انه حين نقول لبنان انما نعني الشعب والأرض والكيان. وعندما نقول دولة لا نقول بأشخاص، بل بشعب، فلماذا لا يشكل الامر مخرجاً، ونسأل عن المسؤولين السياسيين الذين ارغب في تسميتهم بالارادات الطيبة، أين دورهم وما هو عمل السياسي؟ هو فن خدمة الخير العام، اين “الخدميون”، فليتفضلوا لان البلد بحاجة الى انقاذ وليس الى اطلاق نار معنوي، وعلى الاعلام مساعدتنا في هذا المجال ليقيم السلام بين الناس. اتينا وكلنا امل في ان نسير الى الامام، وإذ نقرأ ما تناقلته وسائل الاعلام وكأننا نعود الى الوراء،و هذا امر غير مقبول. هذا الجرح في القلب”.
سئل: فشلتم سابقاً في جمع الرئيس عون بالرئيس الحريري… وفي ظل الخلاف في وجهات النظر بينهما هل تقبلون في تسمية الوزيرين المسيحيين؟
أجاب: تمنيت وأتمنى يومياً ان يحصل هذا اللقاء. وطبعاً لا اقبل بتمسية الوزيرين لانه ليس من شأني تسمية الوزراء ولا تحديد وزارات… نحن موقفنا بتشكيل حكومة انقاذية ومن اشخاص غير حزبيين.
سئل: هل طرحت على فخامة الرئيس حكومة اقطاب؟
أجاب: اليوم لم يتسن لي المجال ان اطرح الفكرة معه، فقد خطرت لي خلال حديثي الآن معكم، وكنت قد تحدثت معه سابقاً في حكومات سابقة، وأتمنى من كل قلبي قيام حكومة اقطاب للخروج من هذه الحالة التي نعيشها. وما الوقت المتبقي من الحكومة؟ عام واحد، الا نريد انقاذ البلد؟ ان العالم يرجونا من اجل تشكيل الحكومة، ونحن نعاني من نقص في الرغيف والدواء والمحروقات… ما الذي ننتظره؟ الشكليات ام الجوهر؟ فلنذهب الى الجوهر ونترك الشكليات، وعلينا احترام بعضنا فالاهانات لا تساعد لا بل تعكّر الأمور، وهي سيئة وبعيدة عن الثقافة والحضارة، ماذا سيقول عنا الناس في ظل ما تنقله وسائل الاعلام؟ نحن بلد الحوار والديمقراطية، علينا الحفاظ على كرامتنا وكرامة بعضنا البعض.
سئل: بعد ارتفاع حدة السجال، هل من الممكن العودة الى المبادرة المطروحة والى حل مشكلة الوزيرين؟
أجاب: تصور ان البلد ينازع والشعب يموت، ونحن نتكلم عن وزيرين.
سئل: ماذا تحدثتم اليوم مع فخامة الرئيس، وماذا تعنون بحكومة اقطاب؟ هل هي حكومة سياسيين؟
أجاب: ما المانع؟ نريد اقل عدد ممكن من الوزراء وان يكون بإمكانهم اتخاذ القرارات، والاقطاب هم الذين يقررون وغير مضطرين للعودة الى من كلّفهم. هذا ما أقوله، وهذا ما حصل مع الرئيس شهاب.
سئل: قبل اشهر عديدة، تحدثتم بعموميات على مستوى الوطن لتقريب وجهات النظر. وما دمتم المرجعية الأولى على المستوى المسيحي ولدى الكثير من المسلمين، فلماذا لا تتخذ موقفاً في الشأن الحكومي؟
أجاب: نحن لا نقف جانباً، بل نعمل من اجل التقريب بين المسؤولين، ونحن نقول ونسعى وسنبقى في هذا السعي، ولكن نرغب في مساعدتهم لنا كي يبقى الجو محترماً، وعدم انتهاك الكرامة فهي تعطّل.
سئل: تقصد بيان تيار المستقبل؟
أجاب: طبعاً. علينا ان نعرف كيفية التخاطب مع بعض ولو اختلفنا في الرأي والتطلع انما من دون إهانة، هذا يتنافى مع ثقافتنا اللبنانية والعالمية. ونحن سنواصل السعي لتقريب السياسيين والمسؤولين، فهذا هو عملنا من دون الدخول في التقنيات لجهة العدد والتعيينات، ولكننا نريد حلاً، “متنا”.
سئل: تم انتخاب الرئيس شهاب توافقياً بعد حرب أدت الى ثلاثة آلاف قتيل. هل تخشى سيناريو مماثل قبل الوصول الى تسوية جديدة؟ وترددت معلومات انك كنت تنوي الاتصال بالرئيس الحريري من قصر بعبدا لاعادة التواصل مع رئيس الجمهورية، فهل حصل ذلك؟
أجاب: من الواجب الوطني والضميري ان يلتقي فخامة الرئيس ودولة الرئيس المكلف، حول طاولة لتشكيل الحكومة.
سئل: هل تؤيدون الدعوة الى طاولة حوار؟
أجاب: ليس من الضرورة قيام طاولة حوار، اذ يمكنهما التحاور دون الحاجة الى طاولة واسعة. وقد ذكرت المغفور له الرئيس شهاب للقول انه شكّل حكومة من أربعة اقطاب واثمرت افضل دولة في تاريخ لبنان، وبعدها انطلقت الأمور من جديد، فقبلها وبعدها كانت الحكومات تضم اكثر من أربعة اشخاص، ولكن خلال هذه الفترة انقذوا البلد. وما أقوله ان الوضع الحالي، يقتضي اتخاذ قرار من هذا النوع، وهذا ما اتمناه.
سئل: هل صحيح ان الوقت لم يعد يسمح بتشكيل حكومة؟ ماذا قال لك فخامة الرئيس في هذا المجال؟
أجاب: فخامة الرئيس، وبالرغم من كل شيء يريد الحكومة الآن وفوراً.
سئل: وهذا ما يقوله الرئيس الحريري ايضاً، فمن الذي لا يريد الحكومة؟
أجاب: يجب ان يجتمعا معاً، ونحن نسعى عندهما في سبيل ذلك.