حسان الحسن – الثبات-
لا مستجداتٍ تذكر في شأن تأليف الحكومة، بما في ذلك مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فهي ليست بطرحٍ جديدٍ، فهو عرّاب تكلّيف الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة منذ البداية، كذلك يشكل دعم رئبس المجلس للرئيس المكلّف، الرافعة الأساسية لإستمراره في التكلّيف، بعدما كان يعزم على الإعتذار عن “تكلّيفه”، غداة زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان للبنان في الأسابيع الفاتئة، بحسب معلومات مصادر متابعة لمسار “التأليف”.
وإنطلاقاً من هذا المعطى (أي تمسك بري بتكليف الحريري)، جاءت دعوة الأمين العام لحزب السيد حسن نصر الله، الى بري لتفعيل مبادرته الحكومية، وفقاً لقاعدة “مادمت متمكساً بتكليف الحريري، تفضل أعطنا الحل خلال أيام، لأن الأوضاع في لبنان، لم تعد تحتمل المماطلة في عملية التأليف”، على حد تعبير المصادر. وتشير الى أن “الحزب” لا يمانع منذ البداية بوصول الحريري الى السرايا الكبيرة، التزاماً من الأول بالحفاظ على التوازن المذهبي في مؤسسات الدولة، ولكن من جهة أخرى، بدأ صبر الحزب وأمنيه العام ينفذ، بعد مضي أكثر من سبعة أشهر على تكليف رئيس تيار المستقبل، من دون إحراز أي تقدمٍ، في وقتٍ يعاني فيه البلد أزماتٍ إقتصاديةٍ ومعيشيةٍ وماليةٍ وإجتماعية غير مسبوقة، ودائماً وفق المصادر عينها. أضف الى ذلك، من المؤكد والمحسوم، بأن “الحزب”، لن يضحي بعلاقته وتحالفه مع حليفيه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، و التيار الوطني الحر، كرمى لعيون الحريري وسواه، لذلك إتخذ نصرالله في خطابه الأخير في ذكرى التحرير، موقفاً حاسماً من إستمرار المماطلة في “التأليف”، مشدداً على ضرورة التوصل الى ولادة الحكومة المرتقبة في غضون أيامِ. وبناءً على ما قد تحمله الأيام المقبلة من تطوراتٍ في الشأن الحكومي، سيتخذ حزب الله القرار الملائم، بحسب معلومات المصادر. وتجزم أن الوضع بعد كلام الأمين العام لحزب الله، ليس كما قبله، رافضةً الغوص في التفاصيل في الوقت الراهن.
وتعقيباً على ما ورد آنفاً، لا تعوّل كثيراً مصادر مراقبة لحيثيات الشأن الحكومي على نجاح مبادرة بري، لافتةً الى تراجع حماسة رئيس المجلس مؤخراً، خصوصاً أن الرئيس المكلّف، لايزال موجوداً خارج البلاد، وسط الأزمات السياسية والمعيشية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، التي يتخبط فيها لبنان، على حد تعبير المصادر. وتعتبر أن الحريري، بات مرشح الثناثي بري – إيلي الفرزلي، بعد التخلي الخارجي والداخلي عنه، خصوصاً إثر إمتعاض البطريرك الماروني بشارة الراعي من مواقف رئيس تيار المستقبل، تجاه رئيس الجمهورية، بالإضافة الى إنكشاف دور الحريري التعطيلي أمام رأس الكنيسة المارونية، على حد تعبير المصادر. وتقول : “إذا تم التوافق بين المعنيين على تأليف الحكومة من 24 وزيراً، على قاعدة 8+8+8، لا ثلثاً ضامناً لأي طرفٍ فيها، فاين العقدة إذا؟ ولنفترض أنها قائمةً في تسمية الوزيرين المسيحيين من خارج حصة رئيس الجمهورية، فلها إخراج أيضاً، قد يكون من خلال التوافق على اسم بين رئيس الجمهورية والحكومة المكلّف، وآخر قد يسميه الراعي، هذا في حال كان لدى الحريري نيةً جديةً بالتأليف”، تختم المصادر.
ويؤشر سلوك الحريري السياسي هذا، الى الإستنتاجيّن الآتيين : إما أن الرئيس المكلّف، ينفذ أجندة خارجية، تفرض عليه المماطلة في عملية التأليف، حتى نهاية عهد الرئيس عون، حليف المقاومة، إنتقاماً من خياراته السياسية والاستراتيجية. وإما أن الحريري عاجز عن التأليف، بعد الغضب السعودي عليه، وفي غياب الدعم الأميركي الفعلي له، كي يحقق نوعاً من التوازن للدعم الدولي لحكومته المرتقبة، وتراجع الدعم الفرنسي له أيضاً، وبدا ذلك جلياً من خلال تعاطي رئيس الدبلوماسية الفرنسية مع الرئيس المكلّف، خلال الزيارة الأخير للأول الى لبنان.
أمام هذا الواقع المأزوم، وفي إنتظار ما قد تحمله الأيام المقبلة من تطورات ومفاجأت في الشأن الحكومي، لا يستبعد مرجع سياسي، إعتذار الحريري عن التكليف، خلال شهر حزيران المقبل، وسط غيابٍ للغطاء الخارجي له، وفقدانه للدعم الداخلي أيضاً، آخره كان تململ البطريرك الماروني من أداء الرئيس المكلّف. ويرجّح المرجع عينه، تكليف النائب فيصل عمر كرامي، بتشكيل الحكومة العتيدة، لما له تربطه من علاقاتٍ جيدةٍ على المستوىين الداخلي والخارجي، خصوصاً مع دول المنطقة العربية والإسلامية، بالإضافة الى ذلك، لم يلق ترشيح الدكتور نواف سلام لتولي رئاسة الحكومة، قبولاً داخلياً، من دون الدخول في التفاصيل، يختم المرجع. وفي هذا الصدد، يرى مرجع مسؤول في حزب الله أن فرص نجاح مبادرة بري، تبقى ضئيلة، بسبب أداء الحريري، ومن يقف خلفه، مؤكداً في الوقت عينه، أن من المبكر الحديث عن تكلّيف شخصية جديدة، لتأليف الحكومة الجديدة.