عناية الله بالإنسان – أطلبوا أولاً ملكوت الله
الله لا يترك جباته.. هناك إيمان أم لا..!! وفخٌ الشيطان ذرّ الرماد على عيون إلإنسان لمنعه مشاهدة عناية الله..
الله أرسلُ المنّ يوميًا في الصحراء وإن احتفظوا به لليوم التالي كان يفسد..
س: الله يعطينا الخيرات السماوية، ماذا عن الخيرات الأرضية؟
ج: عن أية خيرات أرضية؟
س: عن كل ما نحن بحاجة إليه.
ج: أحسنت. الله يحبّ جبلته – أيقونته – ويوفّر لها ما تحتاج إليه.
س: إذً هل نؤمن بذلك ونطمئن بالاً؟
ج: إن لم يؤمن الفرد بذلك، وجاهد بمفرده من أجل إقتناء هذه الخيرات فسوف يتعذّب. من يَعِش روحيًا لا تعني هذه الخيرات له شيئًا ولا يحزن على فقدانها. متى كان ملكوت الله طلبنا الأول واهتمامَنا الأوحد فكل الأمور الأخرى تُعطى لنا. (متى 6: 33) هل ترك الله جبلته؟ كان الله يرسلُ المنّ الى الإسرائيليين يوميًا في الصحراء لئلا يَفسُد إن احتفظوا به لليوم التالي. هكذا كان تدبير الله لكي يضع الشعب ثقته بالعناية الإلهية.
الموضوع يتعلّق بالإيمان أو عدمه. عندما ذهبتُ الى سيناء لم أكن املك شيئًا ولم أفكّر البتّة بما سيحلّ بي أو بطريقة السكن مع غرباء أو بالطعام وطريقة العيش. فمنسكُ القديسة “آبيستيمي” الذي كنتُ مزمعًا الذهاب إليه كان مهجورًا وكان الماء شحيحًا، ولم أطلب شيئًا من الدير حتى أني أعدتُ القليل من الخبز الذي أرسلوه اليّ. لماذا التلف؟ ألم يقل المسيح “أطلبوا أولاً ملكوت السموات””! كنتُ أملكُ مقصًا فقط. فككته الى نصفين وسننتهما على صخرة وتناولت خشبةً وبدأت أصنع أيقونات محفورة. كنتُ أعملُ وأردّد الصلاةَ وسرعان ما ألِفتُ العمل العملَ وأجدتُه. كنتُ أضعُ التصميم نفسه وأنجزُ العملَ في ساعات بدل أيامٍ ورحتُ أساعد البدو. مضت فترة زمنية كنتُ أكرّس للعمل اليدوي ساعات عديدة في اليوم.
ولكن في ما بعد وصلتُ الى حالةٍ روحية فأردتُ طلاق العمل اليدوي، ولكن مشاهدتي البدو وحاجاتهم حالت دون طلاقَ العمل اليدوي، إنّ قبعّة وزوجًأ من الصنادل كان بركةً تحلّ على البدو. وفجأة خطرت في بالي فكرة: هل أتيت الى هنا للصلاة أم لمساعدة البدو؟
وهكذا ضاعفت أوقات الصلاة وخفّفت من ساعات العمل من دون أن أنتظر مساعدة تأتيني من أحد الأشخاص.
في اليوم الذي قرَّرتُ في مضاعفة أوقات الصلاة جاء أحد الأشخاص الى القُلّاية ووضعَ في يدي مئة ليرة طالبًا مني مساعدة البدو وعدم الإخلال بمواعيد وأوقات الصلاة. لم أستطع الإحتمال وهرولت الى القُلاية وتركته في الخارج مخافةَ أن يرى دموعي تتساقط عرفانًا بمحبة بمحبة الله وعنايته الإلهية.
أرأيت كيف يُدبّر اللهُ الأمورَ عندما تكون النيّة حسنة؟ كم شخصًا من البدو كان بامكاني تقديم المساعدة له؟
س: مرات كثيرة نشعرُ بقوة الله الكلية القدرة ولا نشعر بعنايته!
ج: إنه فخٌ من الشيطان. إنّه يذرُّ رمادًا على عيني الإنسان ليمنعه من مشاهدة عناية الله. فعندما يشاهد الإنسانُ عناية الله يلين قلبُه الحجري ويرهفُ إحساسُه ويفيض من “الذكصولوجيا” وكلّ هذا لا يصبّ في مصلحة الشيطان.
كتاب اليقظة الروحية
ترجمة دير الشفيعة الحارّة
الحرش – بدبا – الكورة
سلسلسة ياروندا الناسك المغبوط باييسيوس الآثوسي -2-
ص: 219-220-221