أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


نصف ساعة لعودة الهدوء الى باحة الكنيسة وشجرة الدُّلْب الضخمة ترقد عَ الأرض في نيويورك..


كيرين ابنة مديوغوريه تنقل عن الرائية ماريا الشعور التي تخصّه العذراء للرؤاة.. مريم مريم هي الأصغر بين جميع البشر..

يتّفق القدّيسون وآباء الكنيسة أن من أكثر الفضائل التي جذبت الله نحو العذراء هو تواضعها السحيق، وأن أكثر ما يمجّده هو تواضع مريم!

لفضيلة التواضع سلطان خارق العادة. وقد سبق لخوري آرس القديس جان ماري فيانّي أن عظّم هذا السلطان يوم سُئِل ما هي أعظم الفضائل، فأجاب على الفور:
– التواضع!

– والثانية؟
– التواضع!

– والثالثة؟
– التواضع!

كيرين ابنة مديوغوريه تجمعها صداقة مع الرؤاة سألت الرائية ماريا يوماً:

عندما تكون العذراء أمامك، بأية نظرة ترمقك؟ من تشعرين بأنك بالنسبة لها؟

ابتسمت ماريا وأطرقت لثوانٍ كأنها تريد أن تحيا الظهور في قرارة نفسها وأن تجد الكلمات الصائبة. قالت:
– عندما تأتي السيدة العذراء وعندما تنظر إليّ يتكوّن لدي انطباع بأنني أنا بالنسبة لها ملكة السلام، وأنها هي المنذهلة لأنها نالت حظوة المجيء لتراني”.

– ماذا تقولين؟!
– أجل، هذا هو الواقع! إنها منذهلة بهذه الحظوة التي منحها الله إياها.
– لكنها عكس الحقيقة!
– أجل، إنه تواضع مريم!

دُعيت كيرين يوماً للتحدّث عن مديوغوريه في كنيسة القديس بيوس العاشر في نيويورك. احتشدت الجماهير لتستمع إليها، وكان ذلك في أحد ليالي الصيف المقمرة.

بدأت كيرين بوصف العذراء مستوحية من كلام الرؤاة، وتحدّثت عن تواضع العذراء مريم، مردّدة ما قالته لها ماريا سابقاً، فقالت:

مريم أقدر المخلوقات ضد الشيطان، لأنها الأشدّ تواضعاً.

ثم توقّفت، ابتسمت وقالت:
– ما سأقوله لكم – أحّذركم – لا يروق للشيطان أبداً، لأنه لا يستطيع أن يخترعه أو يقلّده أو أن يقبله: مريم هي الأصغر بين جميع البشر.

ما كادت تلفظ الكلمة الأخيرة حتى دوّت ضجّة جهنمية في كل أرجاء الكنيسة، وانقطع التيار الكهربائي، وغرق الجميع في الظلمة. تجمّدت الجماعة برهة وقد أخرسها الرعب. حينها سُمع صوت كيرين تقول:

– أرأيتم؟ لقد قلت لكم لا يحب الشيطان البتة أن تكون مريم صغيرة الى هذا الحد!

لزم من الوقت نصف ساعة ليُعاد بعض الهدوء الى الحاضرين الذين كانوا يصلّون.

بعد انتهاء اللقاء خرج الجميع، وعلى بعد أمتار من باحة الكنيسة، شاهدوا شجرة الدُّلْب الضخمة ترقد على الأرض منشقّة قسمين وقد تفحّمت كما لو أن صاعقة ضربتها. مع أنه لم يكن هناك ذاك المساء، لا مطر، ولا عاصفة، ولا حتى برق. كانت النجوم تتلألأ في سماء نيويورك.

كان ذلك غضب الشيطان من التحدّث عن التواضع، ليس مجرّد أي تواضع، بل تواضع مريم!