الراعي: لقد أصابَنا الذهولُ واقِعةً قضائيّةً لا تَـمُتُّ بصلةٍ إلى الحضارةِ القضائيّة..
كتب الدكتور جورج حرب عبر صفحته الخاصة، تعليقًا على عظتي البطريرك بشارة الراعي، ومطران بيروت للروم الأرثوذكس الياس عودة، كاتبًا:
“بيت أبي بيت صلاة يُدعى، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص”البارحة، واحتراماً لسرية التحقيق القضائي، امتنعتٌ عن تسمية أي إسم من محوّلي ٩ مليار دولار الى الخارج عبر مكتف مما سبب ارتفاع سعر صرف الدولار وتجويع الناس، أما بعد عظة تاجر الهيكل اليوم، فإني أسمح لنفسي بالجزم بما نُمي إليّ، بأنه هو نفسه من بين المحوّلين بطريقة مموهة عبر شركة مكتّف مبلغ بقيمة ١٥ مليون دولار الى قبرص.
الراعي
وكان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أشار في عظة الاحد، (25 نيسان 2021) في قداس الاحد، “لو يسمع المسؤولون عندنا صوت الله في ضمائرهم، وصوته من خلال معاناة المواطنين اللبنانيّين الذين أصبح 50% منهم تحت مستوى الفقر، فيما كانت الطبقة المتوسّطة تفوق 80 % من الشعب اللبنانيّ وتشكّل ركيزة إستقراره، وصوته من خلال انهيار الدولة بمؤسّساتها واقتصادها وماليّتها ومعيشة شعبها، لكانت تألّفت الحكومة منذ تعيين رئيسها بالإتّفاق مع رئيس الجمهوريّة، وزُلّلت العقبات، وبُوشر سريعًا بالإصلاحات وترميم المرفأ وإعادة إعمار بيروت، وأُوقف الهدر، وأُقفلت معابر التهريب المستور والعلنيّ، وضُبطت مداخيل المرافئ والمطار، وأُجريت الإصلاحات الأساسيّة والملحّة. فبانتظار عودة دورة الحياة الإقتصاديّة إلى طبيعتها، من الضرورة بمكان إصدار البطاقة التموينيّة للعائلات المعوزة، تعويضًا عن إعادة النظر بسياسة الدعم”.
وشدد الراعي على ان لبنان بحاجة، لكي ينجو من حالة بؤسه وتفكّك مؤسّساته، إلى حكومة وطنيّة من إختصاصيّين مستقلّين عن الأحزاب، يتمتّعون بالقدرة على التعاطي في الشأن العام، وحُسن الحوكمة، ومعرفة التوفيق بين الخبرة المهنيّة والحسّ السياسيّ. حكومةٍ يتمّ تأليفها بمنطوق الدستور وروحه، وبالمساواة الميثاقيّة، بعيدًا عن المحاصصة السياسيّة واستملاك الطوائف.ورغم إقدامِ البعض على ربطِ تشكيلِ الحكومةِ بالتطوّراتِ الإقليميّةِ والدوليّة، فهناك أكثرُ من مَسعى عربيٍّ ودوليٍّ لدفعِ المسؤولين إلى الإسراعِ بتأليفِ الحكومة سريعًا. وآخِرُ رسالةٍ بهذا الشأن أتت من قداسةِ البابا فرنسيس الذي ربط زيارته إلى لبنان بوجود حكومة. فجريمةٌ أن يُفوِّتَ المسؤولون هذه الفرصةَ، خصوصًا أنَّ بها يتعلقُ مصيرُ المساعداتِ والإصلاحِ، ونهضةُ الاقتصاد، وعودةُ أموالِ المودعين، وعودةُ لبنان إلى نفسه والعالم.
وتابع الراعي قائلا “لقد أصابَنا الذهولُ ونحن نرى على شاشاتِ التلفزة واقِعةً قضائيّةً لا تَـمُتُّ بصلةٍ إلى الحضارةِ القضائيّة ولا إلى تقاليد القضاءِ اللبنانيّ منذ أن وُجِد. فما جرى يشوّه وجه القاضي النزيه والحرّ من أيّ إنتماء، ذي الهيبة التي تفرض إحترامها واحترام العدالة وقوانينها. نحن نُصِرُّ على أن يكافح القضاءُ مكامنَ الفساد والجريمة بعيدًا عن أيّ تدخّل سياسيّ. ونصرّ على أن تعودَ الحقوقُ إلى أصحابها، لاسيّما الودائعُ المصرفيّة. ولكنّ ما جرى، وهو مخالفٌ للأصول القضائيّة والقواعد القانونيّة، قد أصاب هيبة السلطة القضائيّة واحترامها وكونها الضمانة الوحيدة لحقوق المواطنين وحرياتهم في خلافاتهم في ما بينهم، وفي نزاعاتهم مع السلطة والدولة، وبتنا نتساءل بقلق عظيم عن ماهية ما حصل وخلفياته. وإن كان ليس من شأننا، أو من شأن أحد، التدخّل في مسار التحقيقات القضائية، أو إتّخاذ موقف من صحّة أو عدم صحّة الأفعال موضوع التحقيقات، إلّا أنّنا لا يمكننا السكوت عمّا يجري والتعبير عن مخاوفنا من مثل هذه الممارسات التي تضرب ما تبقّى من صورة الدولة، ما يدفعنا إلى رفع الصوت لإعلان رفضنا المطلق لهذا الانحراف ومطالبة المسؤولين بضبط هذا الانفلات الخطير وتفادي سقوط السلطة القضائية بالكامل،إذ أنّ سقوطها يشكّل الضربة القاضية لدولة الحق والمؤسسات”.
وعن موضوع وقف السعودية إستيراد المنتوجات الزراعية، قال الراعي: ان عمليّة تهريب مخدّرات الى السعودية داخل إحدى المنتوجات الزراعيّة، وهي ليست لبنانيّة ولا على إسم أيّ مزارع أو مصدّر لبنانيّ ولمطالبة الدولة اللبنانيّة إجراء تحقيق سريع لكشف الفاعلين والمهرّبين وإنزال أشدّ العقوبات بحقّهم، وبالتالي معالجة هذه المشكلة مع السعوديّة الصديقة. وهي السند الاكبر للمزارع اللبنانيّ من خلال تصدير أكثر من ثمانين بالماية من الإنتاج إليها. ونحن من جهتنا إتّصلنا ظهر أمس بالسفير السعودي وليد البخاريّ الموجود حاليًّا في الرياض، وأبلغناه إستنكارنا، وطلبنا إليه نقله إلى المملكة مع التمنيّ بأن تأخذ بعين الإعتبار أوضاع لبنان والمزارعين الشرفاء. وفي المناسبة نطالب الدولة اللبنانيّة بالمحافظة على صداقاتها مع الدول العربيّة، وبخاصّة مع السعوديّة لما لها دائمًا من مواقف ومبادرات إيجابيّة لصالح لبنان واللبنانيّين، وإنضمّت إليها دول التعاون الخليجيّ التي نعبّر لها هي ايضًا عن أسفنا الشديد لما جرى. كما يؤسفنا في العمق تهريب مخدّرات عبر دولة صديقة أخرى هي اليونان، هل هكذا أصبح لبنان في أيّامنا؟”.