عَ مدار الساعة


في خيار المقاومة، ماذا يخبّأ؟


رئيس الجمهوريّة اِختار مواجهة الخارج قبل الداخل. فالداخل ليس سوى أحجار شطرنج.. (جاد جابر)


ثلاثة أهداف فرضتها التطوّرات السياسيّة السنة الماضية:

تجنيس الفلسطينيّين، وتوطين السوريّين، كما التنازل عن قسم من الغاز لإسرائيل.

ممّا لا شك فيه أنّ رئيس الجمهوريّة اِختار مواجهة الخارج قبل الداخل. فالداخل ليس سوى أحجار شطرنج يحركها الخارج كما يشاء لتحقيق أهدافه في سبيل بنيان ذلك الشرق الأوسط الجديد.

نعم العماد عون اِختار المقاومة، وهو ليس بالخيار الجديد عليه.

اِختارها برفع الصوت من على منبر الأمم المتحدة متمسّكًا بحق لبنان في المقاومة، ومتمسّكًا بحق العودة.

اِختارها برفع الصوت تجاه المجتمع الدوليّ مناديًا إيّاه بتحمّل مسؤوليّته بموضوع النزوح السوريّ، ومصرًّا على عدم اِنتظار الحلّ السياسيّ.

والأهم من كلّ ما سبق أنّه اِختارها لمواجهة الاِسرائيليّ بملفّ الحدود البحريّة رافعًا سقف التحدّي بموضوع المساحة المتنازع عليها والّتي تساوي ٢٢٩٠ كلم مربّع.

إختارها متسلّحًا بسيف التدقيق المالي الجنائي، وبما هو متبقى من صلاحياتٍ دستورية لموقعه.

خيار ربّما يكون قاسيًا بنتائجه على مستقبل لبنان الماليّ، والاِقتصاديّ، والاِجتماعيّ القريب. ففي قاموس العماد عون، ليس بالاِنصياع للخارج والرضوخ له سوى شكليْن من أشكال الموت. إذ إنّه ناضل وما زال يناضل وسيستمرّ بنضاله حتّى أنفاسه الأخيرة.

أمّا بالنسبة إلى الوسائل، فهي تتغيّر أو تزيد حدّة متى لم تحقق الأهداف. فكيف سيترجم ذلك فيما يخصّ المسألة اللبنانية؟

بدايةً يكون ذلك انطلاقًا من حاكميّة مصرف لبنان، وبالتحديد من سياسة الدعم. هنا يمكن تفسير وسيلة رياض سلامة، الآمر والناهي في تحديد توقيت رفع الدعم، في إخفاء أرقام اِحتياطي مصرف لبنان. فلو حقّق قطع الطرقات، والضغط السياسيّ، والاِقتصاديّ، والمعيشيّ الأهداف، لما سيضطر الخارج للعب هذه الورقة. وهذا ما سنراه في القريب العاجل حيث سيعمد سلامة  إلى رفع راية وقف الدعم بعد فشل قطع الطرقات.

هذا فضلًا عن الشقّ المتعلّق بسعر الصرف الّذي لن يعمد إلى الإنخفاض، بل سيرتفع وبالتّأكيد خارج قاعدة العرض والطلب. هذا ما أصبح جليًّا عبر المنصّات الّتي يرتفع فيها الدولار وينخفض بحسب المزاج السياسيّ في البلاد.

وهنا سنكون أمام وضع معيشيّ ماليّ أصعب، يحرك الشارع أكثر فأكثر، ويزيد الضغط أمنيًّا.

وعلى الصعيد الأمنيّ، فإنّ تردي الوضع المعيشيّ سينتج ارتفاعًا في معدّلات الاِشكالات، والسرقات، والقتل.

ولا يمكن اِستثناء أيّ حالة اِغتيال تزيد الوضع سوءًا، كتلك الّتي أودت بحياة المغدور لقمان سليم. فتوضع الاِغتيالات في خانة الجرائم الناتجة عن السلاح المتفلت، بينما تعود أسبابها إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير على أرض الواقع.
وأيضًا يمكن لاِغتيالات شخصيات مؤثّرة أكثر أن تساهم في شدّ عصب المحاور. وهنا يكمن الخطر في مواجهة السلاح بالسلاح، عائدين بنا إلى سيناريو الحرب اللبنانيّة لينتهي كلّ ذلك باِنصياع الكيان اللبنانيّ إلى أهداف الخارج.

يشكّل المجال الاِعلاميّ الحلقة الأهمّ في القرن الواحد والعشرين. إذ سيعتمد الاِعلام سياسة التشهير، والتركيز على وجع اللبنانيّين وجوعهم بالإضافة إلى اِستضافة كلّ حاقد أو سخيف ينسب الأزمة السياسيّة إلى “الطبقة السياسيّة الحاكمة حاليًا”، بحسب قوله، متناسيًا السياسات الاِقتصادية “الحريريّة”، و”الترويكا” الحاكمة، والنظام السياسيّ اللبنانيّ، وفساد الوزارات والصناديق، وجرائم الحرب، إلخ.

رفع الدعم، اِنقلابات هنا وهناك، اِغتيالات، اِرتفاع سعر صرف الدولار، اِختلاق أزمات حكومية، أزمة بنزين، تهديد بالعتمة، بروبغندا إعلامية، سباق تسلح، خطابات طائفية، إلخ. كلّها وسائل ستودي بنا ربّما إلى المجهول دفاعًا عن سيادة لبنان، وحريّته، واِستقلاله.

وهنا إمّا الصمود أو الاِنصياع. الخيار لنا…