إشكرن الله على كل شيء. إني أعاين ماذا ينتظرنا ولذلك أتألم. لا تدعن التراخي يتسلل الى نفوسكنّ.
موجة الجنون تضرب العالم اليوم. لقد فككوا كل شيء: العائلة – التعليم – الخدمات وإنتشرت اللامبالاة الى أقصى حدود.
قال لي أحد الضباط وكان مسؤولاً عن مستودعات الوقود: إني أواجه صعوبة كبرى في إختيار جندي يقظ مستقيم لأُقيمه حارسًا على مخازن الوقود، فلا يسمحُ لأحدٍ باشعال النار فيها عن قصدٍ أو غير قصدٍ بالقاء إحدى السجائر المشتعلة دون إنتباه.
أين التفاني! أين النبل!
واجهت روسيا سنة 1991 مجاعة، رغم المحصول الوافر، لم يحصدوا القمح في حينه ومضوا ليحصدوه في فصل الخريف. وهل يُحصد في فصل الخريف؟ ولكن القمح ليس ملكهم فكيف يحصدونه في أوانه أو يتوجّع قلبهم على المحصول؟ حياتهم روتينية..
اللامبالاة بالله تستدعي اللامبالاة بكل شيء. من لا يحب الله لا يحبّ شيئًا وبالتالي لا يحب وطنه، لأن الوطن هو العائلة الكبيرة. فمن لا يحبّ عائلته الصغيرة لا يحبُّ عائلته الكبيرة.
هناك حالات تتطلب ملازمة الصمت، وحالات أخرى تتطلب الجهر بالإيمان بجرأة.. إن كان المسيحيون لا يجاهدون من أجل الإيمان ولا يقاومون فغنّ الأعداء عندها يرتكبون أمورًا أسوأ وتخلو لهم الساحة… المسيح صُلبَ لكي نقوم معه بقيامته ونحن نعيش في لامبالاة.
إن كان الكنيسة لا تتكلم منعًأ لحصول نزاع مع الدولة، وإن كان الأساقفة يلازمون الصمت حرصًا على علاقات جيدّة مع الجميع كونهم يدعمونهم ماديًا من أجل المؤسسات الإنسانية.. فمن يتكلّم إذاً..؟
أساتذة اللاهوت لا يُبدون معارضة خوفًا من فقدان وظائفهم وخسارة رواتبهم… وبماعاشات التقاعد.. ليس بالأمر المشرّف أن يكون الراهبُ مضمونًأ في إحدى مؤسسات الضمان. الأمر المُشرّف هو أن يكون مضمونًا كونه فقيرًا.
هل يتخلّى الراهب عن معاشات تقاعدية كثيرة ويترك العالم ليأتي الى الدير ليتقاضى معاشات تقاعدية من جديد. وهذه المعاشات تُبعدنا عن المسيح وتدفَعُنا لخيانته!
إشكرن الله على كل شيء. إني أعاين ماذا ينتظرنا ولذلك أتألم. لا تدعن التراخي يتسلل الى نفوسكنّ.
المصدر: الناسك المغبوط باييسيس الآثوسي – اليقظة الروحية – دير الشفيعة الحارة الحرش بدبا – الكورة (الفصل الأول – من أقوال الشيخ باييسيوس ص: 30 – 41)