أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


خوف اسرائيل (ميشال غنيم)


ازداد خوف اللبنانيين في الآونة الأخيرة من حرب قد تحدث بين لبنان واسرائيل بعد التشنجات الأخيرة التي حصلت بين الطرفين. فالطيران الحربي الإسرائيلي لم يهدأ في سماء لبنان وجيش الإحتلال لا يضيع أي فرصة يستطيع من خلالها أن يخرق فيها سيادة لبنان بحرًا وجوًّا وبرًّا. فهل من مصلحة العدو الإسرائيلي أن يدخل في حرب مع لبنان؟ أو أن الطيران الشبه يومي هو لتوجيه رسائل للدولة اللبنانية؟

دخل لبنان في عدة حروب واضطرابات مع العدو الصهيوني على مر التاريخ، ولكن لماذا ازداد خوف اللبنانيين في الأشهر القليلة الماضية؟

إن تفجير مرفأ بيروت الذي حصل في ٤ آب ٢٠٢٠ خلق حالة خوف كبيرة عند المواطنين لم يخرج منها الكثير.

فبالرغم من التقصير والفساد لدى السياسيين الذي يُعتبر عامل أساسي لوصول وترك الأمونيوم في المرفأ، إلّا أن سبب رئيسي كان وراء التفجير ويرجّح الكثيرون بأنها اسرائيل، وازداد هذا الشك بعد رفض الدول الكبرى من تسليم لبنان صور الأقمار الجوية. لذلك، الخوف الذي يمكن أن يكون حقًا بمكانه فهو أن تقوم اسرائيل بضربة مماثلة على إحدى المرافق الحيوية ومن ثم تلعب دور المتضامن مع الشعب اللبناني كما فعلت بعد تفجير المرفأ حينما أضاءت العلم اللبناني في عاصمتها.

من الواضح أن وضع اسرائيل اليوم لا يسمح لهم بالدخول في حرب مدمرة مع لبنان والدليل الأول هو ما حدث في لعبة التضامن الإحتيالية التي قاموا بها في ٥ آب. ثانيًا، إن اسرائيل اليوم تعاني من تفشي وباء كورونا داخل صفوف جيشها وشعبها مما خلق حالة هلع لدى قياداتها، دفعتهم إلى أن يكونوا ضمن الدول الأكثر سرعةً في تلقيح شعبهم. أمًا ثالثًا والأكثر أهمية، فهو حملات التطبيع التي تقوم بها اسرائيل ومن مصلحتها المحافظة عليها. فالتطبيع ليس اتفاقًا سياسيًا وحسب، بل يشمل اتفاقيات اقتصادية وتجارية ثنائية بين المطبّعين، ومن هنا تأتي مصلحة اسرائيل بالإستقرار الأمني عندها كي لا تتأثر مصالحها في مرفأ حيفا ومطار بن غوريون. لذلك، أي ضربة من العدو قد تدخل البلدين في حالة حرب ممّا يعني أن كل الإحتمالات مفتوحة وفرضية ضرب مرافق اسرائيل الحيوية واردة. أخيرًا، اسرائيل تسعى بكامل جهدها أن تنتهي من مفاوضات ترسيم الحدود ولكن بشروطها، كي تستطيع أن تبدأ عقودها مع شركات تنقيب النفط والغاز في بحرها، ولكن ما لم يكن يتوقعه أحد هو موقف الوفد اللبناني الصارم بأخذ حقوقه كاملةً وصولًا إلى حقل غاز كاريش في الأراضي المحتلّة.

كل هذه المعطيات حقيقة واضحة، ولو كانت اسرائيل مستعدة لضرب لبنان، لما كانت أفرجت عن الراعي اللبناني حسن زهرة وسلّمته إلى قوات الأمم المتحدة. أما بما يخص الطيران الحربي في سماء لبنان، فهو لقصف مواقع سورية من داخل الأراضي اللبنانية. كما تجدر الإشارة إلى أن الطيران على علو منخفض من قبل طيران الـ F-15 له إحتمالين: إما لعدم قدرة الرادارات السورية من رصد مسار الطائرة الحربية، أو لتوجيه رسائل سياسية وعسكرية إلى الدولة اللبنانية، لأن لو كانت نية العدو من ضرب لبنان واردة، لكانت فعلت ذلك الطائرات الحربية على علو أكثر ارتفاعًا.

كلما تحسن الإقتصاد وزادت الإتفاقيات الثنائية، كلما أصبح الدخول بحرب مكلفًا أكثر. من الطبيعي أن يكون هناك خوف لدى اللبنانيين من ضربة اسرائيلية قادمة وتحديدًا بعد خسارة ترامب وجنونه المحتمل الذي قد يشعل المنطقة بأكملها في حال تم ضرب ايران مباشرةً، ولكن كل المؤشرات تدل بأن ليست من مصلحة العدو الإسرائيلي أن يدخل في نزاع جديد قد يهدد مصالحه الحيوية والإقتصادية والبشرية.