أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


الثورة الثقافية (ميشال غنيم)


لا بد أن نتعلم من أخطاء حكامنا


يعاني لبنان منذ الحرب الأهلية من أزمات واضطرابات تعرقل حياة المواطن اللبناني وخصوصًا من الناحية الإقتصادية-الإجتماعية. فالبعض يتهم السلطة السياسية والبعض منها المتجذر في المؤسسات من أكثر من ٣٠ سنة، أما البعض الآخر فيتهم النظام القائم الذي يُعدّ نظام ديمقراطي على الورق ولكن بالحقيقة هو نظام إئتلافي توافقي يعرقل كل عملية فعلية للإصلاح. ولكن هل المشكلة الحقيقية هي في النظام أم في ثقاقة الشعب اللبناني؟

إذا أردنا أن ننظر إلى أوروبا، أي القارة العجوز، فقد عانت الكثير في الحربين العالميتين بالإضافة إلى الثورات والحروب الأهلية التي ذهب ضحيتها ملايين الجرحى والضحايا. ولكن ما سرّ النهضة التي حصلت فيها؟

اهتمت الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا في التربية والتعليم حيث أصبحت اليوم الدولة المتصدرة على لائحة أفضل مناهج دراسية في أوروبا رغم هزيمتها في الحرب العالمية الثانية ومعاناتها من الإنشقاق الداخلي أثناء الحرب الباردة. وإن أردنا أن ننظر إلى الجمهورية الصينية، فكان أكثر من ٨٠% من شعبها سنة ١٩٤٩ لا يجيد القراءة والكتابة، أما اليوم وفي سنة ال٢٠٢٠، فهبطت هذه النسبة إلى ١% بعد تركيز السلطات الصينية على جعل التعليم في المرحلة الإبتدائية مجاني.

ما يمكننا أن نستنتجه عن ألمانيا والصين، هو أن لبنان شبيه لهما من حيث المعاناة التي مرّ بها من حروب واحتلالات وضغوطات خارجية. فما المانع أن يصبح هذا البلد الصغير شبيهًا لهاتين الدولتين من حيث التعليم والثقافة؟ صحيح أن المشاكل في لبنان لا تُعدّ، وصحيح أن الحل بالنسبة لمعظم الشعب هي الإطاحة بالحكم أو بالنظام القائم، ولكن ليس هناك أي ضمانة تؤكد أن الذين سيتولّون الحكم هم أقل فسادًا من الذين كانوا قبلهم، كما أن لا شيء يضمن التزام الشعب في تطبيق القوانين الجديدة التي قد تظهر في النظام الجديد في حال تغيّر. لذلك، الحل لدولة صغيرة مثل لبنان، قد تكون وضع التربية والتعليم أولوية وإلزامية في مرحلة الإبتدائي وذلك للتعلم من تجربة الإتحاد الأوروبي عمومًا وألمانيا خصوصًا بالإضافة إلى جمهورية الصين الشعبية التي استفادت من هذه السياسة وقامت بالنهضة الإقتصادية التي جعلتها اليوم أكثر دولة نامية في العالم. وبالرغم من أن المقارنة مع لبنان من حيث المساحة وعدد السكان لا يتشابه مع هذه الدول، إلّا أن المقاربة فهي من حيث تجربة دعم التعليم عندهم.

أخيرًا، يستطيع أن يقوم لبنان بالثورة الثقافية ويتعلم من تجربة غيره. فالتعليم هو أساسي وأولوية لشعب تعيش نسبة كبيرة منه الأمية ولا تجيد القراءة والكتابة. لذلك، لا بد أن نتعلم من أخطاء حكامنا ونطالب أن يصبح التعليم إلزامي في المرحلة الإبتدائية لتتخرّج أجيال متعلمة ومثقفة قادرة على إدارة البلاد واحترام القوانين فيها مثل أي دولة تحترم نفسها.