تجري الإنتخابات الديمقراطية في معظم بلدان العالم لترجمة قرار الشعب في السلطة ويكون تأثيرها على الإقليم بحسب عظمة الدولة وفاعليتها في العلاقات الدولية. أمّا الإنتخابات الرئاسية الأميركية، فلديها نكهة خاصة ينتظرها العالم بأكمله لمعرفة نتائجها والسياسات التي ستليها بعد فوز المرشح الأقوى. وفي هذه السنة، تدور معركة طاحنة بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشح الديمقراطي جو بايدن. كثرت التحليلات والدراسات التي يرجح البعض فيها فوز ترامب بولاية ثانية، أمّا البعض الآخر فيعتقد أن بايدن سيحسمها بحسب أرقام التصويت حتى الآن. لذلك، ما هي السيناريوهات الثلاثة المحتملة، وكيف ستؤثر على لبنان والمنطقة؟
السيناريو الأول المحتمل هو فوز دونالد ترامب بولايته الثانية ويخسر في المقابل جو بايدن بالرغم من كل المؤشرات التي تدل على أن بايدن متفوق حاسمًا أكثرية الولايات، ولكن ماذا يمنع تكرار إنتخابات ٢٠١٦ مثلما فاجأ ترامب خصمه الديمقراطي هيلاري كلينتون؟ مع العلم أن ترامب صوّت باكرًا في ولاية فلوريدا وهي تعد من الولايات المتأرجحة وبوابة للإنتصار في السباق الرئاسي. في حال حصل ذلك، من المتوقع أن يبقى ترامب في سدة الرئاسة وقد يقبل بهذا الأمر خصمه بايدن من دون اللجوء إلى الطعن بنتيجة الإنتخابات.
السيناريو الثاني قد يكون فوز المرشح الديمقراطي وخسارة ترامب. في هذه الحالة، قد يرفض الأخير النتيجة ويلجأ حينها إلى الطريقة السلمية، أي الطعن بنتيجة الإنتخابات ويكون الفائز عندئذٍ من يتبيّن أنه على حق.
أمّا السيناريو الثالث المحتمل، فهو الأخطر والأكثر مفاجئًا. في حال فاز بايدن في ٣ تشرين الثاني، قد يرفض ترامب الطعن بالإنتخابات بحجة تحيّز القاضي ووقوفه إلى جانب الديمقراطيين. فسنكون هناك أمام إحتمالين: إمّا صفقة يطرحها ترامب على نظيره أو سيستخدم ورقة الحرب والتصعيد.
في الحالة الأولى، من الممكن أن يرفض الرئيس الأميركي الخروج من البيت الأبيض وإعطاء الكرسي لخصمه إلّا في حال قبل بايدن أن يمنح ترامب العفو الذي يحميه ويعطيه الحصانة من الملاحقة القانونية نظرًا لوجوده في قفص الإتهام بالتهرب الضريبي والتحرش الجنسي. لقد سبق وحدث ذلك سنة ١٩٧٤ مع الرئيس السابق نيكسون والذي حصل على عفو من الرئيس فورد الذي خلفه بعد فضيحة “واترغايت” الشهيرة وتورط نيكسون بها.
أما في الحالة الثانية، فقد يرفض ترامب الخروج من البيت الأبيض وعندها ستشهد الولايات غليان في الشارع وعصيان مدني قد يؤدي إلى فتنة ما بين الأميركيين وينتج من خلالها استخدام السلاح المتفلت. قد لا يكتفي ترامب بإحداث حرب أهلية ثانية في تاريخ الولايات المتحدة، فربما يلجأ أيضًا إلى التصعيد الدولي ليفتعل حربًا مع الصين في بحر الصين الجنوبي بالإضافة إلى إشعال الشرق الأوسط ربما بحرب مع إيران أو مع الداعمين للسياسة الإيرانية في المنطقة ممّا سيهدد الأمن العالمي والتجارة الدولية.
كيف ستؤثر هذه السيناريوهات على لبنان والمنطقة؟
إن فوز المرشح الديمقراطي قد يرد عقارب الساعة إلى الوراء وقد نرى تجدد لرياح الربيع العربي التي رسمها باراك اوباما وعندها قد تشهد إحدى المناطق حلبة صراع جديدة شبيهة بسوريا مع ظهور منظمة إرهابية جديدة. والحديث عن القيام بإتفاق نووي جديد كما يدّعي بايدن قد لا يحدث لأن لا مؤشر فعلي حتى اليوم يؤكد على قبول إيران بإتفاق مع الولايات المتحدة في حال فاز بايدن. أمّا ترامب الجمهوري، فأدرك خسارة أميركا جراء تواجد الجنود الأميركيين في الشرق الأوسط وتحديدًا في العراق، وهو يفضل لعبة الإقتصاد وإجراء الصفقات على عكس الديمقراطيين الذين يشجعون على التدخلات العسكرية تحت عنوان “الحرية”.
في الحالتين، لبنان والجوار سيتضرران من السياسات الأميركية التي سيقوم بها أي فائز من بين المرشحين. ولكن من الواضح أن في حال فاز ترامب بالإنتخابات الرئاسية، سيكون هناك اتفاق نووي مع إيران كما يرجح الكثير من المحللين السياسيين. فهذا الإتفاق المرجح سيأخذ المنطقة بكاملها إلى الإستقرار والأمان لتنفيذ سياسات الولايات المتحدة الإقتصادية وفرض التجارة من دون أي عرقلة ناتجة عن حادثٍ أمني بالإضافة إلى هدف الأميركيين بالحصول على حصص من التنقيب عن النفط والغاز قبالة الشاطئ اللبناني.
أخيرًا، السباق نحو البيت الأبيض يبدو غامضًا هذه المرة ويحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب استخدام ورقتي دواء الكورونا وتخفيض الرسوم على المواطنين كوسيلة للفوز، ولكن لا تجري الرياح دائمًا كما تشتهي السفن. فإن ترامب الذي قدم اقتراح بتمديد الولاية الرئاسية لمرة ثالثة، فهل سيقبل خسارة السباق نحو البيت الأبيض؟