– كنت ألعب مع فتى من الحي. عاد والده من الحج في مكة، وانتهى اللعب مع كافر.
تأخذكم أليتيا في رحلة للقاء مسيحيي الشرق الأوسط المضطهدين. وتقودنا الرحلة إلى لبنان وسوريا والعراق. في سوريا، رأينا محردة، القرية المسيحية الصغيرة الغارقة تحت قذائف النصرة، حمص حيث بدأت الحرب الأهلية، وتدمر، لؤلؤة الصحراء السورية التي استعادها تنظيم الدولة الإسلامية. وفي العراق، سنكتشف شهادة المسيحيين اللاجئين في بغداد وإربيل، وقرقوش المدينة الشبح، القوش، ومنجيش الواقعة عند حدود كردستان. اكتشفوا الرواية الاستثنائية عن هذه المغامرة على خطى المسيحيين الشهداء الغارقين في حرب لا تعرف نهاية.
لدى المسيحيين السريان، لم يكن الأساقفة يرتدون صليب الصدر. من ثم، بدأوا يرتدون ميدالية تمثّل أيقونة وتُعلَّق حول عنقهم بسلسلة ذهبية أو فضية على طريقة البيزنطيين. في الشرق، بإمكان الأساقفة ورؤساء الأساقفة أن يختاروا ارتداء إحداهما وحتى الاثنتين في حالات الاحتفالات الاستثنائية. ووحده البطريرك يرتدي ثلاثاً منها: أيقونتين من جانبي صليب المسيح. ترك المونسنيور نيقوديموس علامات تكريسه الأسقفي الموقّرة في الموصل التي استولى عليها تنظيم الدولة الإسلامية. ليست لديه أنباء عن الموصل. ويشعر بحنين كبير إلى مدينته وأرضه وكل تاريخه الماضي. لكنه لا يشتاق كثيراً إلى آخر سكانها الذين بقوا فيها…
أليتيا: ألستم قلقين حيال السكان الذين بقوا في الموصل؟
المونسنيور نيقوديموس داود شرف: هرب جميع المسيحيين من المدينة سنة 2014 أمام زحف قوات داعش التي رحب بها معظم الذين بقوا، متعاطفين معها أحياناً. إن العرب المسلمين السنّة الذين يعيشون هناك متعصبّون جداً! وهم لا يتقبلون أي شخص لا يشاطرهم رأيهم. لا بد أن نتذكر أن المسيحيين شهدوا أسوأ أنواع الإذلال غداة محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي جرت سنة 1959 وكانت الموصل مركزها. في المدينة التي تُركت لتسوية الحسابات بين العشائر ولإثبات إسلام أكثر تطرفاً أمام “الخطر” العلماني، كان المسيحيون يتجولون واضعين على كتفهم ممسحة. كانوا يمدونها لشركائهم في الوطن المسلمين الذين كانوا قد اعتادوا على مسح أيديهم على ثيابهم. آنذاك، لم هناك احترام لـ “الكفّار” على حد قولهم. واليوم أيضاً، لا نحظى به.
تفاقم الوضع، أليس كذلك؟
حتى الثانية عشرة من عمري، كنت ألعب مع فتى من الحي. لم أكن أعلم إذا كان مسلماً، وكان يسخر مني بجنون لأنني مسيحي. في أحد الأيام، عاد والده من الحج في مكة، وانتهى اللعب. قال لي رفيقي: لا يحق لي أن ألعب مع “كافر”… يجب أن تفهموا أن 800 إرهابي من داعش “أقنعوا” في الموصل – التي يجد الجيش العراقي المدعوم من التحالف صعوبة في استعادتها – 50000 رجل بالانضمام إلى صفوفهم. انضموا إليهم للقيام بأسوأ أعمال الرعب: رمي النساء والأطفال في الشوارع، قطع الرؤوس، الاغتصاب، الاسترقاق. كان لا بد أن تكون التربة خصبة من أجل حشد الناس بسهولة إلى قضيتهم.
هل التعايش مع المسلمين لا يزال ممكناً؟
نحن لا نكره المسلمين. في ظل سيادة القانون، كما هو الوضع هنا في كردستان، نستطيع أن نتعايش جميعاً. وحده الإسلام الذي يطبقه داعش بغيض. هل يجب أن يكون إلههم ضعيفاً وجباناً جداً لدرجة أن يشعروا بأنهم مجبرون على حمايته بهذه الطريقة؟ إلهنا يحمينا وسوف يحمينا على الدوام. كما أقول في أحيان كثيرة: الله ليس بحاجة إلى رجال يظنون أنهم محققو العدالة وذراعه المسلحة. هل تعتقد أن هذا الشخص كافر ويجب أن يموت؟ إذاً، ليقتله الله بنفسه! سوف نرى من سينتهي أولاً.
هل لديكم رسالة إلى المسيحيين الغربيين؟
استيقظوا لا تقبلوا عندكم لاجئين جعلونا لاجئين هنا. في 24 نوفمبر الفائت، كُرست في لندن كنيسة جديدة للسريان الأرثوذكس بحضور سمو الأمير تشارلز. ورفضت السفارة إعطائي تأشيرة دخول خشية ألا أعود إلى العراق. لديّ إقامة دائمة في أستراليا، بالإضافة إلى التأشيرات الضرورية التي تسمح لي بالذهاب إلى الولايات المتحدة وكندا وحتى فرنسا. فماذا كنتُ سأفعل في انكلترا فيما يتألم شعبي هنا؟
المصدر: اليتيا الرابط (إضغط هنا)