الله يحمي لبنان ورئيسه.. لأنّ السياسيين مع زعماء الطوائف بمعظمهم، يَعسِلون بالكلام وعاجزون لألف سببٍ وسبب.. (بول باسيل)
ردّد الرئيس ميشال عون أمام الجماهير الذي أمّت قصر بعبدا (بيت الشعب) في تشرين الثاني 2016، بُعيد إنتخابه، مقولة المفكّر اللبناني ميشال شيحا “من يحاول السيطرة على طائفة، يحاول الغاء لبنان”.. لأنّه برأيه “لبنان يبقى مُحصنًّا طالما يحافظ على وحدته الوطنية.
ولأنّ السياسات الدولية بأغلبها “خسيس”، يدعّي المساعدات والإصلاح ويمتهن الإنشقاقات وتعزيز الفساد، ما اشبه أزمة لبنان عام 2020 والكلام المعسول بخصوص حكومة المستقلين، بما حصل أمس عام 2005..
فرغم إختلاف الأدوات وبعض الأسماء، يجب أن تكون السلطة التنفيذية في محور وخط سياسة “الولايات المتحدة/ السعودية”.. بالأمس عام 2005 وعائلة الحريري بعزّ الإستثمار في دم “الرفيق” عزلوا الأكثرية المسيحية في حينها (العماد عون وحلفائه الحائز على 69% من أصوات المسيحيين) ومدّوا يدهم فجأة للرئيس اميل لحود، وللثنائي الشيعي (أمل وحزب الله) .. لتمرير الخديعة (شراء وقت) لحين الإنقلاب على حزب الله والودائع المخفية من عدة وزراء، فرزقتنا “حكومة بتراء”…
بالأمس الرئيس الأسبق للحكومة السنيورة، شكّل حكومته من حزبيين يدورون بفلك ما سُمّي بالرابع عشر من شباط، ومن مستقلين مسيحيين أغلبهم موظفين لمصالح الأوامر العليا الآتية من الغرب الأطلسي..
اليوم…
واليوم السنيورة ومعه رؤساء الحكومات السابقين، كانوا يختارون أسماء/ الموظفين لحكومة مصطفى أديب على شاكلة أوّل حكومة شكلّها فؤاد السنيورة سنة 2005 ( كالوزراء جهاد أزعور – شارل رزق – جان أوغاسابيان – سامي حداد – طارق متري – ميشال فرعون – نعمة طعمة.. ) مع فارق توسيع اللائحة لتطال بقية الوزراء من الطوائف الأخرى..
الذريعة
ولأنّ اليوم الأغلبية الشعبية والنيابية بمكانٍ آخر، السبيل الوحيد لأخذ “السلطة الإجرائية” وتكون ضمن المحور الأميركي / السعودي بعد النكسات السياسية لشعارات فريق الرابع عشر في لبنان وإنتفائها، من محكمة الدولية وإخفاق مشروع حرب تموز بتغيير موازين القوى في لبنان وصولاً الى مشروع حكم الأخوان..
كلّ ذلك إستدعى قبلاً مع تراجع محورهم، شدّ العصب فسجن الحريري في السعودية وذُلَّ.. فاستغلّت الغرف الكبرى في السفارات ذلك لتقوية السنّية السياسية المتهالكة في الإنتخابات النيابية مع تراجع تضخيم المستقبل بعد إسقاط قانون الستين لصالح قانون نسبي يعيد للمسيحيين بعضًا من دورهم..
وبغية إعادة التوازن للسنية السياسية مع تأكيد علم الإحصاء إستمرار الثنائي الشيعي السيطرة شعبياً على مقاعده.. تمّ تقوية سعد الحريري بتذليل بعض العقبات، منها أقلّه ريفي في طرابلس، والبعريني الثائر على والده في عكار..
الطائفة الشيعية
وبغضِّ النظر عن الآراء السياسية والأخطاء من هنا وهنالك، تشعر الطائفة الشيعية اليوم أنها مُستهدفةً، وأنه يُحاك ضدّها مؤامرة عزلها من السلطة.. والهدف طبعًا كسر حزب الله وتحجيم دوره المتعاظم إقليميًا، بتأليب الناس عليه، (في بيئته الشيعية إن أَمكن، والبيئات الأخرى سيما المسيحية باستهداف الرئيس عون والتيار الوطني الحر).. فهل يوجد أفضل من شعار بناء الدولة ومحاربة الفساد وكلُّن يعني كلُّن لتأليب الناس، خصوصاً وأنّ مسألة تعطيل بناء الدولة (تعطيل العهد) زاد من تيئيس الناس.. فكيف إذا رافق ذلك جملة وقائع غير بريئة، من تفجير مرفَأ هنا، وتوليد أزمة “دولار” من هناك..
ولأنّ المطلوب وضع لبنان تحت الوصاية الدولية بشكل واضح.. تتمسكّ (الغرف السوداء) الأطلسية بتعطيل تشكيل الحكومة بعدم إعطاء حق الطائفة الشيعية تسمية وزرائها لطمأنتها..
لماذا..!!
هل لأن المشاريع المخفية مستمرّة على العمل بغية إغراق حزب الله أكثر في الوحل اللبناني.. الجميع لا يريد الدفاع عن إتفاق الطائف المُتهالك أصلاً.. فهل من خيوط تُنسج لبناء نظام جديد في لبنان عَ الحامي..
عودٌ على بدء..
قال الرئيس عون لمؤيديه: من يحاول السيطرة عَ طائفة يحاول الغاء لبنان.. ولكنه أضاف في الخطاب عينه، الفساد سيُستأصل، وستعود البيئة نظيفة مهما كلف الامر.
فعون الملقّب بجبل بعبدا لن يسمح طبعًا بإستهداف أيّة طائفة.. لكن ماذا فعلت تلك الطائفة المُستَهدَفة لإستئصال الفساد، ومرّ على العهد 4 سنوات..
الكلام كثير والعتب أكثر والأخطاء مجزأة على حزب الله والتيارالوطني الحرّ اللذين كانا يعوّل عليهما فقط بناء الدولة..
اليوم مع عدم تبديد الجهاد الأكبر للرئيس بري وبقاء حزب الله متفرجًا، جاء وقت الجودة.. من اليد التي توجعك مسَكَك العدو..
الله يحمي لبنان ورئيسه.. لأنّ السياسيين وحتى زعماء الطوائف بمعظمهم، يَعسِلون بالكلام وعاجزون لألف سببٍ وسبب..
***
كلمة رئيس الجمهورية 06/11/2016
كلمة رئيس الجمهورية 06/11/2016 “اخواني واحبائي، اعتدتم ان ترونني في بزة اخرى، الا ان الكلمة والفكر لم يتغيرا، يا شعب لبنان العظيم، كنتم شعبا عظيما واصبحتم شعبا اعظم. في هذه الساحة التقينا في ظروف صعبة للغاية. لكننا كنا فخورين وكان لدينا كل العنفوان وكل الالم ايضا لسقوط شهداء منا نواصل استذكارهم. لقد اختفى وفقد منا اناس، وما زال لدينا اليوم اناس مفقودين من جيشنا واحبائنا العسكريين، لذلك لا يجوز في اي ذكرى وطنية الا ان نذكرهم وان نقدم كل المحبة لاهلهم، الى كل اب واخ فقد احدا من اهله. ولكننا نريد ان نكمل الحياة مع الاحياء. نذكر شهداءنا دائما ولكن الحياة ستستمر وسنبني المستقبل. لقد عرفتكم هذه الساحة على مدى سنتين ولم تتركوها ابدا في احرج الظروف، ولكن مع الاسف، فان لعبة دولية كبيرة هي التي انتصرت علينا وسمحت للجنود غير اللبنانيين ان يقتحموا بلدنا. عندما استلمت الحكومة كان لبنان عشرين قطعة، لبنان السوري، لبنان القواتي، ولبنان الاشتراكي والفلسطيني والاملي، كان هناك العديد من “اللبنانات” ولكننا لم نحارب اللبنانيين ولم يكن هدفنا الوصول الى السلطة، بل ان نعطي الحرب معناها الحقيقي، كانت الحرب من اجل حرية وسيادة واستقلال لبنان. لاجل هذا الهدف، لم نحاول مرة ان نتجاوز خطوط التماس لانه لم يكن على ارضنا غير لبنانيين، اكان في سوق الغرب او في خطوط التماس في بيروت او اية جهة اخرى. لذلك لم نتجاوزها كي نحتل ارضا او منازل مواطنين لبنانيين لاننا كنا ندرك ان القضية لا تنتهي الا بالحوار، فماذا كنا سنعمل لو قمنا باحتلالهم، كان علينا ان نحاورهم لذلك لم يكن هناك فهم لهذا الموضوع. وبقي الوطن مشرذما بالرغم من اعلان حربنا من اجل السيادة والحرية والاستقلال. واستفاد الغريب من هذا الوضع كي يكمل حربه علينا. لا اذكر الا الطائرات تحمي بعضها طبقة فوق طبقة، طيران غريب لا اريد ان اسمي لانه لم يعد لدي الان من سبب للتسمية. إن خروجنا من هذا المكان لم يكن مذلّاً .لقد خسرنا المعركة ولم نسحق. بقينا واقفين ورأسنا مرفوع. ذهبنا من هنا وابتعدنا عن لبنان ولكن نشاطنا لم يتوقف. بل بقينا نجاهد، وانتهت حينها مرحلة النضال المسلح وبدأ النضال السلمي مع الطلاب واللبنانيين الذين كنت اوصيهم دائماً بتجنّب العنف في تظاهراتهم وفي سلوكهم. وهكذا مضى 15 سنة ولم يتحطم اي زجاج على ايديهم. لقد كنتم بذلك الاكثر تمثيلاً لأكثر الشعوب تحضّراً وليس تخلّفاً. من الممكن ان يكون الجميع قد ظنّ انه باستطاعته كبتنا. ولكن احداً لم يستطع. لأن الحرية والكرامة هما من قيمكم الداخلية ومن غير الممكن ان تنتزع. ولا زلتم تحافظون عليها حتى الآن وسوف تبقى في داخلكم لأنها إرث لبناني تكوّن عبر العصور. لقد لجأنا الى الجبال الوعرة كي لا يصل الينا احد ويتمكن من حكمنا وإذلالنا. واليوم نستطيع ان نقف بكل عزة وعنفوان امام الناس والشعوب جميعها لاننا عدنا وصنعنا وحدتنا الوطنية. واليوم سنبدأ مرحلة ثانية، مرحلة بناء الوطن. عدنا بعدما انجزنا نشاطاً كبيراً في كل انحاء العالم واسسنا للتيار الوطني الحر الذي اصبح ارثكم انتم، في جميع انحاء العالم. في اوستراليا، في الولايات المتحدة، في انكلترا وفي كل بلدان اوروبا والمدن الكبيرة وكذلك في افريقيا. لذلك في حال مُسّت اي شعرة منكم، سوف يهتز قلب كل بلدان العالم معكم. نحن اليوم امام مشروع كبير. ان وصولنا الى رئاسة الجمهورية ليس الهدف بل الهدف ان نبدأ بناء وطن قوي عبر تعزيز وحدته الوطنية. إن الوطن القوي يحتاج الى دولة قوية تبنى على دستور يحترمه السياسيون جميعاً. و”ما في راس رح يخرق سقف الدستور من الآن فصاعدا”. كنت دائما اردد قولا للكاتب والصحافي الكبير ميشال شيحا الذي ساهم في وضع دستور لبنان وهو: “من يحاول السيطرة على طائفة، يحاول الغاء لبنان“. ان لبنان بني على الوحدة الوطنية التي ستعطينا القوة في الوطن والتزامنا تجاه ارضنا واستقلالنا. سيحترم الشعب اللبناني القوانين التي تشكل العقد بين اللبنانيين الحافظة لحقوقهم، وستظهر للبنانيين عدالة وقوى امنية غير مسيّسة وغير تابعة للقوى السياسية، لانها مؤتمنة على احترام وفرض احترام القوانين، وبالتالي لا يصبح شعار “ان ينام المواطن وبابه مفتوح” شعاراً فارغاً. تنتظرنا مشاريع كبيرة، ونعلم ان المجتمع اللبناني لديه حاجات بدائية غير متوفرة بعد، فقد تم اسقاط المشاريع وايقافها، وتم التعاطي بكيدية سياسية لعرقلة عملنا، أي مشاريع الكهرباء والمياه وتحسين اوضاع الطرقات في المناطق. لذلك، من اول الامور التي سنباشر في تنفيذها هي تأمين هذه الحاجات بالسرعة الممكنة. كما يجب استثمار الموارد الطبيعية التي ستجعلنا نتخلى عن الاستدانة بعد ان وقعنا بعجز مادي، ويجب ان تتحقق هذه الامور بالسرعة المطلقة، كي تشعروا كمواطنين بانفراج اقتصادي ويعود لبنان المزدهر والمنفتح على العالم وخصوصاً العالم العربي. الآمال كبيرة، والارادة متوفرة لدى جميع اللبنانيين، لذلك وصلنا الى السلطة ولدينا خطط تنموية، مع المحافظة على استقلالنا وسيادتنا وحريتنا، ولن نكون مرهونين لاي بلد آخر. واهم ما لدينا هو انه يمكننا تدبر شؤوننا ونتعاطى مع الآخرين بصداقة ومحبة، فاستقلالنا وسيادتنا ليسا عداوة ولا يشكلان خصومة مع دول اخرى، لا بل صداقة صريحة وقدرة على احترامها، لاننا نكون قد تخلصنا من التأثيرات الخارجية. في النهاية، مشاريعنا كثيرة كما آمالنا، ولكن عليكم انتم ايضاً مسؤولية كبيرة، فنظافة الكف والسياسة هي من الثقافة، ولا يجب ان تبقى سياستنا قائمة على الشائعات، او على الفساد وفق مبدأ الاستفادة كما غيرنا. ان الفساد سيستأصل، وستعود البيئة نظيفة مهما كلف الامر. وكي لا اكرر كل ما سنقوم به، استودعكم لاراكم في مناسبة اخرى. عشتم وعاش لبنان”. |