أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


المحقق الدولي السويدي بو أستروم: وسام الحسن تخلّف عن موكب الحريري في اللحظة الأخيرة.. وهو الشخص الوحيد الذي يقرر الطريق التي ينبغي سلوكها..!!


لأنّ العدالة من حق المواطن اللبناني.. هذا المقال.. (Agoraleaks)

كاميرات سجلّت الإنفجار إختفت.. سألت وسام عيد وأشرف ريفي. كانوا يحتفظون بها في مكان آمن لكنهم لم يعثروا عليها.

اسرائيل رفضت تزويدنا بصور الأقمار الإصطناعية وأميركا تذرعت بعطل حصل..

مخابراتيًا العديد من الأشخاص أو الجهات ترغب برؤية وسام الحسن ميتاً وهو الحلقة الأضعف.

معلومات تشير إلى أن المرتكبين الذين ضغطوا على الزر قد لقوا مصرعهم في المكان على الفور

سألت غازي كنعان في فيينا بنهاية المقابلة عمّا إذا كان يوّد تغيير شيء من أقواله فأجاب ليس الآن أو هنا. وهذا ما ولّد لدي إحساساً بأن ثمة أموراً أخرى. وفي اليوم التالي قيل إنه إنتحر.

ترتسم الابتسامة على وجهي كلما تذكرت نهاية أسبوع أمضيناها في لبنان. كان مسموحاً لنا التجول بحرية. قصدنا يوم السبت فاريا للتزلج ويوم الأحد قصدنا الشاطئ لنستمتع بأشعة الشمس والسباحة في البحر المتوسط. وخلال ذلك كنا نستمتع باحتساء النبيذ الفاخر وتناول أشهى الأطباق في العالم. عانيت من ذلك حقاً. لقد زاد وزني 10 كيلوغرامات خلال الاشهر الثلاثة الأولى في لبنان.

يقول بو أستروم: «كان وسام الحسن مصدرنا للحصول على معلومات من عائلة الحريري أو وثائق عن الحريري أو مذكراته وهواتفه الخلوية. لكن المشكلة كانت بالنسبة لي، وما زالت، الدور الذي لعبه صباح 14 شباط عندما ترك الموكب وإختلق ذلك الهراء حول الامتحانات وكل تلك الأمور التي تثبتنا من عدم صحتها. لذا لم نكن نعرف نوع المعلومات التي يخضعها للغربلة قبل تسليمنا إياها»

واليكم المقابلة الكاملة دون إجتزاء


شهر كانون الأول 2013 / أكّد المحقق السويدي بو أستروم أن رئيس فرع المعلومات الراحل اللواء وسام الحسن تخلّف في اللحظات الأخيرة عن الالتحاق بموكب الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005. وأوضح أستروم، الذي كان كبير المحققين الدوليين الى جانب ديتليف ميليس بين حزيران 2005 وشباط 2006، في مقابلة بثّت أمس على قناة «الجديد»، أنه كان يفترض أن يكون الحسن في الموكب. «الا انه في اللحظة الأخيرة أبلغ الشخص الذي حل مكانه مباشرة قبل انطلاق الموكب بسلوك طريق مينا الحصن». وأضاف أن الحسن «قال إنه ذهب إلى الجامعة وأنه عرف بأمر الاغتيال في وقت متأخر لأن هاتفه كان مغلقا. لكننا لم نستطع أن نبرهن أنه كان حقا في الجامعة، ولم يكن هاتفه مغلقا. كما كانت تلك المرة الوحيدة التي ترك فيها الموكب»!

■ على مدى أكثر من 10 أشهر كنت كبير المحققين، إلى جانب ديتليف ميليس. ما مدى اقترابكم من معرفة الأشخاص الذين يقفون وراء الهجوم الارهابي؟

– عندما غادرت لبنان في شباط 2006 كنّا على المسار الصحيح. استلم التحقيق من بعدنا سيرج براميرتس، ثم رئيس لجنة التحقيق الكندي (دنيال بلمار). أعتقد أن التحقيق حدّد اللاعبين الأساسيين، وكانت المسألة مجرد مسألة وقت حتى تتضح ادوار كل من اشترك في الاغتيال.

■ من هم اللاعبون الأساسيون؟

– عليك أن تضع بعض الأمور ضمن السياق. كيف كان الوضع في لبنان قبل الاغتيال واللغط الذي رافق تنحي الحريري عن رئاسة الوزراء والمواجهة مع السوريين ولقاؤه مع الأسد وكل هذه الأمور. العقبة الأكبر كانت أنه لدى وصولي الى لبنان أواخر أيار او مطلع حزيران عام 2005، كنّا متأخرين عن المرتكبين بنحو ثلاثة اشهر. لكن كانت لدينا ميزة، وهي أنه ايًا كان من قتل الحريري، فإنه لم يكن ليعلم قط أن لجنة تحقيق دولية مستقلة ستأتي لمعاينة الموقع. لذا كان المرتكبون متهورين بعض الشيء. على سبيل المثال طريقة تعاملهم مع مسرح الجريمة. إذ طلبت بعض الشخصيات الأمنية بفتح الطريق الرئيسي في موقع الانفجار وأمرت بإزالة السيارات وتنظيف المكان. لكن هذا لم يحصل لحسن الحظ. لذا كان أول عمل لي ولفريق المحققين لدى وصولي إلى بيروت هو عمن قد يرغب في رؤية الحريري مقتولاً. آخذين في الاعتبار كل العوامل المختلفة التي تمكنّا من تحديدها بناءً على الوضع العام للتحقيقات، كان الجميع على لائحة الاتهام. قد تكون إسرائيل أو «القاعدة» أو السوريون أو أي شخص آخر. إنما كان علينا أن نركز بصورة خاصة على الفترة التي سبقت الانفجار. وعندما دققنا في التفاصيل، حصلنا على بعض الوقائع. على سبيل المثال كان جهاز الاستخبارات اللبناني يقوم بعملية مراقبة شاملة ومتماسكة لتحركات الحريري، ويتنصت على هاتفه. وبالطبع كان الحريري يدرك جيدًا أن ثمة خطراً يهدد حياته. أعني لاحظ سياراته المصفحة وأجهزة التشويش وما إلى ذلك.

كان الانفجار هائلا بالفعل. بلغت زنة العبوة حوالى ألف كيلوغرام من مادة «سي فور». من بإمكانه حيازة هذه الكمية الكبيرة من المتفجرات؟ لا أملك الاجابة. أنا اطرح فرضية: أعني أنها كمية كبيرة جدا لا بدّ أن يكون مصدرها جيش ما أو دولة ما أو ما شابه.

تمكنّا من ملاحظة التدابير الاولية التي اتخذتها السلطة اللبنانية. لقد كانوا يعبثون بالادلة في كافة مراحل التحقيق. كانوا يقولون إن مادة «تي أن تي» هي المادة المستخدمة، وثبت لاحقا عدم صوابية هذا التخمين. كانت لديّ شكوكي الخاصة منذ البداية. إذا نظرنا إلى الاضرار الناجمة عن الانفجار ندرك على الفور أن هذه الآثار لا تنجم عن مادة «تي أن تي». كانت فرضيتي الخاصة خلال كل المراحل أنها مادة «سي فور»، وتبيّنت لاحقا صحتها. وأعتقد أن ثمة معلومات وردت في التحقيق تشير إلى سرقة كمية كبيرة من هذه المادة من أحد المخازن في سوريا. وهناك أيضا قصة أبو عدس والشريط المصور الذي بثته قناة الجزيرة والذي يرسم العديد من علامات الاستفهام.

لكن عندما حصل تعاون وثيق مع السلطات اللبنانية لا سيما مع قوى الأمن الداخلي والنقيب وسام عيد الذي كان يعمل في فرع المعلومات، وضعنا خريطة لكافة تحركات الحريري وتنقلاته، قبل شهر واحد أو ستة اسابيع من وقوع الانفجار. واكتشف عيد الخطوط الهاتفية الثمانية التي كانت تتعقب تحركات الحريري.

■ متى بدأ فريق التحقيق يصدق تورط حزب الله والنظام السوري؟

– عندما كنا نجمع كل هذه المعطيات، كان السؤال الرئيس المطروح: من يملك القدرة على ارتكاب جريمة بهذا الحجم، ومع كل الأشخاص المتورطين في العملية. عندئذ يصبح بإمكاننا تعديل كافة الأسماء المدرجة على اللائحة. وكما اشرت سابقًا، فإن اللائحة كانت تضم الجميع تقريبا. لاحقاً، وبعد أن نجمع المعطيات، سيتكوّن لدينا نمط واضح عن كل هذه الأمور. من وجهة نظري، كان إحتمال أن يكون حزب الله قد لعب دورا أساسيا قائما. لذا كان علينا بعد ذلك أن نحدد هوية الأفراد الذين ضغطوا على الزناد أو المنفذين.

■ ماذا تقصد بالدور الأساسي؟

– بداية هناك الارتباطات الوثيقة مع سوريا. كنا نتحدث عن الدافع المحتمل لقتل الحريري وأيضا عن امتلاك القدرة.

■ إسرائيل أيضًا تملك القدرة، وكذلك «القاعدة»؟

– أخذنا في الاعتبار كل هذه الجهات. هذا النوع من الفرضيات التي ترسم بها مسار التحقيق وتتابعها حتى نهاية الطريق فتتخلى عنها وتختار مسارا جديدا. لكن هذا المسار لا يزال المسار عينه الذي يسلكه التحقيق على رغم أنه لا ينبغي لنا أن نغض الطرف عن البدائل الأخرى. برأيي الخاص يتعين علينا متابعة المسار الأول والانتهاء منه.

■ هل يسير التحقيق في الاتجاه الصحيح الآن؟ وهل كان كذلك طوال الوقت؟

– تركت التحقيقات عام 2006، ولا أملك تفاصيل. لكن بالطبع، ما زلت أستقي بعض المعلومات من الأشخاص المنخرطين فيه، ويقولون لي إنني كنت أسلك المسار الصحيح. لدينا الآن 5 متهمين.

■ لمَ قد يقدم حزب الله على قتل الحريري؟

– لم يكن هناك دافع شخصي لكنه كان مجرد أداة بيد جهة أخرى تربطه بها علاقات متينة.

■ ومن كانت تلك الجهة؟

في رأيي، سوريا هي العقل المدبر.

■ حزب الله عرض صوراً لطائرات اسرائيلية تصوّر المناطق التي كان يقصدها الحريري. ألا يتعين على المحققين أخذ هذه في الاعتبار؟

– اثناء جمع المعلومات نستند إلى مصادر عديدة، وبالطبع إذا كان حزب الله يملك بعض المعلومات الحيوية بالنسبة للتحقيق، ينبغي أخذها في الاعتبار.

■ هل طلبتم صوراً التقطت عبر الأقمار الاصطناعية من اسرائيل والولايات المتحدة؟

لا أظن إن الاسرائيليين أجابوا على رسالتنا. حصلنا على رد من الولايات المتحدة تفيد بأن مشاكل تقنية حدثت خلال الفترات التي كنا نطلبها، لذا لم نحصل على اي معلومات حيوية أو صور الأقمار الاصطناعية لا من اسرائيل ولا من الولايات المتحدة .

■ الولايات المتحدة تساهم في تمويل المحكمة. أليس لامتناعها واسرائيل عن تزويدكم بصور الأقمار الاصطناعية دلالات ما؟

– غالبا ما يكون الأمر على هذا المنوال لدى التعامل مع كيانات كهذه لا تفشي بأي معلومات عن أساليب المراقبة أو القدرات التي تملكها… لعل الأمر مجرد سياسة. لكن بالطبع إن كنت تفكر بعقل ميال للشك قد تضع هذه المعطيات في سياق آخر.

■ ربما هم من قتله؟

– كل هؤلاء المعنيين كانوا على اللائحة. لكن تذكر ان التحضيرات التي قامت بها الجهة المرتكبة ضخمة جدا. كان عليهم القيام بأبحاث ووضع الخطط، والتدابير اللوجيستية. كما تجدر الإشارة إلى أن الحريري كانت لديه أيضا اجراءاته الأمنية الخاصة، وكانت حوله تلك الخطوط الهاتفية الثمانية، ومراقبة أجهزة الدولة. بعد الانفجار بفترة قصيرة كل الشخصيات الرئيسة داخل جهاز المخابرات وأجهزة التحقيق في لبنان كانت في الموقع، لكنهم لم يحركوا ساكنا. ريمون عازار مدير المخابرات كان هناك. سألته ما الذي فعلته؟ قال لا شيء. سألته: لمَ ذهبت إلى الموقع إذاً؟ فأجاب: أردت جمع المعلومات، هذا ما تتطلبه وظيفتي في المخابرات العسكرية. إعتقدت أن هذه كانت مهمة علي الحاج الذي كان مديرا لقوى الأمن الداخلي. وعلي الحاج اعتقد أن هذه المسؤولية تقع على عاتق جميل السيد الذي كان مدير عام الأمن العام. ومصطفى حمدان قائد الحرس الجمهوري في حينه كان أيضا في المكان. ولكن أحدا لم يفعل شيئا.

■ هل ما زلت تظن أن الجنرالات الأربعة كانوا متورطين؟

– لقد أمضوا بضع سنين في السجن بعد توجيه التهم إليهم وأُطلق سراحهم لاحقًا. ولا أعرف سبب ذلك بالتحديد. لكن الاهمال وعدم التحرك يثيران الدهشة والذهول، وهذا يرسم علامة إستفهام كبيرة. وإذا أخذنا في الاعتبار بأنه كان أيضا اعتداء على الدولة اللبنانية ونظرنا إلى التدابير التي اتخذت في ما يتعلق بالتحقيق في هذه الجريمة، نرى أن الأمر غريب جدا.

■ اليس من الغريب أن يكون هناك هذا العدد الكبير من الأشخاص المتورطين في اغتيال الحريري ولم يقل أحد للحريري بأنه سيقتل؟

– كما أشرت، ينبغي أن نضع كل ذلك ضمن السياق. أي ما الذي حصل في لبنان خلال عامي 2004 و 2005؟ ما الأسباب التي دفعت الحريري إلى التنحي؟ كيف كانت علاقته بسوريا؟ جُمعت كل هذه المعلومات وضمت إلى التحقيق. لذا، كل الأمور التي حدثت لاحقا، تسمح على الأقل بتكوين فهم لنوع القوى التي كانت في السلطة في ذلك الوقت وتآمرت ضد الحريري. وايضا السبب الذي دفعهم إلى اختيار 14 شباط. في ذلك اليوم تحديداً، كان الجميع يعلمون بأنه سيكون في مجلس النواب، وكان معلوما أيضا أنه سيقيم مأدبة غداء في قصر قريطم.

■ لم يكن الجميع يدركون أنه سيسلك تلك الطريق؟

– لا. كانت هناك ثلاث طرقات بديلة للانتقال به من ساحة البرلمان إلى قصر قريطم.

■ من يقرر أي طريق ينبغي سلوكها؟

– الشخص الذي يقرر الطريق التي ينبغي سلوكها كان وسام الحسن الذي كان مسؤولا عن التفاصيل الامنية للحريري.

■ متى قرر اياً من الطرقات ينبغي ان يسلكها موكب الحريري؟

– لا أعلم متى قرر. لكن في صباح 14 شباط كان يفترض أن يكون وسام الحسن في الموكب. الا انه في اللحظة الأخيرة قال إنه يتعين عليه الذهاب إلى الجامعة لاجراء امتحان. وأبلغ الشخص الذي حل مكانه مباشرة قبل انطلاق الموكب أن عليهم اختيار طريق مينا الحصن. هذه المعلومات مصدرها وسام الحسن.

■ كان الوحيد الذي يعلم عن الطريق التي ينبغي أن يسلكها الموكب؟

– نعم.

■ أتقصد أنه أعطى القتلة هذه المعلومات؟

– لم أقل ذلك. قلت إنه لم يكن هناك سوى شخص واحد حتى اللحظة الأخيرة قبل مغادرة الموكب، يملك المعلومات حول الطريق التي سيسلكها.

■ كانت هناك ثلاث طرقات مختلفة. هل يمكن أن يكون الأمر صدفة؟

– بالطبع لا. بصفتي محققاً متمرساً في ما يتعلق بجرائم القتل، أول ما تقوم به هو إلغاء فكرة حدوث الامور بالصدفة. لكل عمل تفسير منطقي نوعا ما، أو غير منطقي في نهاية المطاف. هذه حقائق إستنادا إلى أقوال وسام الحسن نفسه. لقد اختار الطريق التي ينبغي سلوكها وكان الشخص الوحيد الذي علم بذلك، ونقل هذه المعلومات إلى الشخص الذي حل مكانه وتولى مسؤولية الموكب قبل اللحظة الأخيرة من المغادرة.

■ هل سألته عن ذلك؟


– نعم، وقال إنه ذهب إلى الجامعة وأنه عرف بأمر الاغتيال في وقت متأخر لأن هاتفه كان مغلقا وما إلى ذلك. بداية، لم نستطع أن نبرهن أنه كان حقا في الجامعة، ولم يكن الهاتف مغلقا، فقد أجرى عشرات الاتصالات في ذلك الصباح. ولم يحصل يوما ان تخلى عن مهمته الأمنية في اللحظة الأخيرة، وكانت تلك المرة الوحيدة التي ترك فيها الموكب. يا لها من مصادفة!

■ لمَ لم تستجوبه أكثر؟

لقد فعلنا. كان وسام الحسن شخصية محورية لدى لجنة التحقيق الدولية لأنه كان صلة الوصل التي تمكننا من الحصول على المعلومات من عائلة الحريري. وعلى رغم هذه الأفكار المشبوهة التي نشير إليها عن وسام الحسن أعاده سعد الحريري إلى عائلة الحريري، وعاد وتولى المنصب عينه كمسؤول عن الجهاز الأمني. وبعد ذلك عاد إلى قوى الأمن الداخلي.

■ لماذا برأيك قُتل وسام الحسن بعد أعوام على الجريمة؟

كما في جريمة اغتيال الحريري، لدينا العديد من الأشخاص أو الجهات التي ترغب برؤيته ميتا. أعتقد أنه تلقى تهديدات قبل أن يقضي في ذلك الانفجار. لكن، من وجهة نظري، عندما غادرت لبنان وتركت لجنة التحقيق الدولية، قلت بيني وبين نفسي أنك ستحاسب على فعلتك أنت أيضاً. بالطبع علينا إجراء تحليل عن الحلقة الاضعف في هذا الإطار. في علاقته بعائلة الحريري، أعتقد أنه كان الحلقة الأضعف وهذا سبب وجيه. ثمة أسباب أخرى محتملة أخرى. على سبيل المثال، خلال فترة عمله في فرع المعلومات كان يفضح (قضية) ميشال سماحة والمتفجرات التي حاول إدخالها إلى لبنان.

هناك أيضاً وسام عيد الذي كان يتعاون بصورة وثيقة مع لجنة التحقيق. كان الشخص الذي توصل إلى اكتشاف خطوط الهاتف الخلوي الثمانية التي تعقبت تحركات الحريري. وهو أيضا قضى في انفجار سيارة مفخخة. أجهل الوضع الحالي للتحقيق في قضيتي الحسن وعيد.

■ لم قد يمنح وسام الحسن القتلة هذا النوع من المعلومات؟ طمعا بالمال؟

– ليس لدّي ادنى فكرة، لكنها بالطبع خيانة عُظمى. إنها خيانة لرب عمله والمنصب الذي كان يشغله. لا اعتقد أن المال كان السبب، لكن لا بدّ أنه كان هناك، لنقل، حافز أو قوة ما. قد يكون تهديدا.

■ أنت لا تصدق فرضية الانتحاري؟

قطعا لا. هذه الحقيقة تؤيدها معلومات وردت في التحقيق لكن لم تتم متابعتها. إن انطلقنا من البداية واقتفينا أثر أبو عدس، والمعلومات الواردة عنه نرى أنه أصبح أصوليا قبل الاغتيال بفترة قصيرة. كذلك الشريط المصوّر الذي عرضته قناة الجزيرة وتبنى فيه عملية الإغتيال وزعم انتماءه إلى جماعة لم يكن أحد قد سمع بها من قبل. وهناك السرعة، إذ لم يتضمن الشريط المصور سوى وجه شخص حُددت هويته بعد نحو ساعة من عرض الشريط واُعتقل أفراد أسرته.

كانت هناك كاميرا مراقبة مثبتة على مبنى مصرف «إتش اس بي سي» سجلت اللحظة التي سبقت مرور موكب الحريري في المنطقة التي تغطيها الكاميرا. كان فان الـ «ميتسوبيشي» يسير ببطء بسرعة 22 كيلومترا في الساعة، علما أن حركة السير في شارع مينا الحصن عادة ما تكون سريعة في هذا الوقت. عبرت الـ «ميتسوبيشي» ثم جاء موكب الحريري وبعدها دوى الانفجار الهائل. لمَ إستندوا إلى الصوّر التي التقطتها هذه الكاميرا دون سواها؟ علماً أنه كانت في الطرف الآخر من شارع مينا الحصن كاميرات مراقبة أخرى.

■ ماذا حصل لها ؟

– لا نعلم. إختفت. زعموا في قوى الأمن الداخلي أنهم إحتفظوا بالدليل في مكان آمن. لكن لا احد كان يعرف إلى أين ذهبت تلك الاشرطة، وهذا أيضا يرسم علامة إستفهام.

■ هل سألت عن الكاميرا الثانية؟

سألت وسام عيد واللواء (أشرف) ريفي عن الموضوع. لم يتمكنوا من العثور عليها. كانوا يحتفظون بها في مكان آمن لكنهم لم يعثروا عليها.

كذلك وردت في سياق التحقيق معلومات تفيد بأنه عشية الانفجار، الأحد في 13 شباط، مرّ سائح أميركي من أصل لبناني برفقة زوجته بسيارة مستأجرة في تلك المنطقة، وشاهدا آليات عسكرية وأشخاصاً يرتدون زيا عسكريا كانوا يضعون منصة نقّالة بقياس متر مربع تقريبا عليها صناديق زيتية اللون تحت الارض في الحفرة. أرسلنا محققين إلى الولايات المتحدة لمقابلة الرجل الذي أكد هذه المعلومات، وتأكدنا أن الشاهدين كانا فعلا في بيروت في تلك الفترة. جرى تجاهل هذا النوع من المعلومات بالكامل من قبل لجنة التحقيق. خضنا نقاشات مطولة لأنه كان لديّ شعور ما ينبئني بأن العبوة كانت مزروعة تحت الأرض نظرا لما شاهدته في الموقع، أعني الحفرة والمباني المتضررة، وأيضا مع الاخذ في الاعتبار المعلومات التي أدلى بها هذا الرجل، ولا تنس عدد فتحات المجاري التي اقتلعت من أساسها على مسافة كيلومترات في دلالة على أن العبوة كانت مزروعة تحت الأرض. لكن النقاش إنتهى. كنت وديتليف (ميليس) نناقش المسألة عندما قال: «ليس لذلك أي أهمية فقد مات الرجل سواء كان الانفجار فوق الأرض أم تحتها»، ولم أوافقه الرأي لأنه لو كان تحت الأرض لتطلب تحضيرات إضافية. ألغ قصة ابو عدس، وعندئذ تصبح السيارة المفخخة مجرد مكيدة. لو كانت العبوة تحت لأرض، لتعين عليهم إستخدام أجهزة تحكم عن بعد أو اجهزة لا سلكية؟ وموكب الحريري مزود بأجهزة تشويش. من المؤكد أنه لا يمكن استخدام أجهزة التحكم عن بعد عبر هواتف الخليوي والا كانت حكما تعطلت من قبل أجهزة التشويش. إن كنت تستخدم جهاز تحكم عن بعد، سيتيعن عليك حيازة هاتف يعمل بالأقمار الصناعية مثل الثريا الذي يُمكن إستخدامه إذ أنه لا يحتاج هذا النوع من الموجات الطولية. غير أننا أجرينا تحقيقا معمقا في هذا الاتجاه، واعتقد أن الامر توضّح في نهاية المطاف، حيث لم يجر إستخدام أي هاتف يعمل بالاقمار الاصطناعية في ذلك الوقت، ما يعني بأنه كان هناك سلك ومنفذ ضغط على الزر.

■ إذا لا بدّ أنه كان ثمة أشخاص يختبئون في مكان ما، وهم من ضغطوا على الزر؟

– نعم. أعتقد أنه لدينا معلومات مفادها أن عددا من الشهود لاحظوا وجود أشخاص على سطح فندق السان جورج، وأعتقد ايضا أن التحقيق تضمن معلومات تشير إلى أن المرتكبين الذين ضغطوا على الزر قد لقوا مصرعهم في المكان على الفور. غير أنه من الصعب تقفي أثر هذا النوع من المعلومات.

■ قبل عام من مقتل الحريري، كان خالد طه الذي ينتمي الى مجموعة الـ13 يملك واحدا من الخطوط الخلوية يعتقد أن المتورطين في العملية إستخدموها، وهو كان صديقا لأبو عدس. لديكم هنا السلفيون والقاعدة وأبو عدس؟

– نعم، لكن إن افترضنا بأن مسار أبو عدس مجرد مكيدة، من المؤكد هناك فائدة من تعزيز الرابط بين أبو عدس وكل تلك المعطيات الأخرى. أعني أن خط الهاتف الخلوي الذي كان يملكه طه لا نعرف كيف إنتهى به الأمر ليكون واحدا من الخطوط الثمانية التي كانت تتعقب تحركات الحريري، هذا أولاً. بالعودة إلى حزب الله، أنا لم أقل ذلك. قلت إنه ساهم في التنفيذ، وإنه متورط في الجريمة. أعتقد أنه لدى الشروع في تحقيق من هذا النوع تتساءل عن الجهة أو المجموعة التي تملك القدرة على ارتكاب جريمة بهذا الحجم. بالطبع ، لدينا عدد كبير من المتورطين وعلينا أن نبدأ بنمط من الأفكار. لدينا عقل مدبر في مكان ما يتعامل مع وسطاء يملكون شبكة من العلاقات والانتماءات المطلوبة لتعبئة الأشخاص الملائمين والتخطيط والتحضير لما سيحدث لاحقًا. هذه إحدى الصعوبات الأساسية التي تعترض التحقيق وتحول دون اكتشاف الأدوار المختلفة. هؤلاء الأشخاص كانوا يراقبون تحركات الحريري اعتبارا من مطلع كانون الثاني، وأغلقت هذه الخطوط مباشرة بعد الانفجار. لا أعتقد أنهم هم من نفذ العملية، لذا لا بدّ أن يكون هناك شخص آخر متورط.

■ أتعني أن أفراد حزب الله لم يكونوا المنفذين؟

– أعتقد أنهم متورطون في التحضير والتخطيط بناء على فرضياتي. تلك حقيقة لم تُستكشف بالكامل لذا علينا أن نتتبع ذلك المسار في التحقيق، وكما ذكرت سابقا لا ينبغي أن نغض الطرف عن أي شيء.

■ يوم اغتيال الحريري غادرت مجموعة من ستة سلفيين بيروت إلى أستراليا؟

– صحيح ، وكان هناك أيضا آثار متفجرات على الطائرة. حققنا في هذه المسألة، وأغلقنا هذا الملف. أعتقد أنه اتضح لنا أنه ليست لهم علاقة بالجريمة. كانت هناك بعض الأدلة التي تؤيد الأماكن التي قصدوها والأعمال التي قاموا بها وما إلى ذلك وقت وقوع الاغتيال.

■ هسام هسام، وعبد الباسط بني عودة، ومحمد زهير الصديق. ثلاثة أسماء مشهورة جدا. شهود الزور. من أحضرهم إليك؟

– لا أذكر من أحضر الصديق إنما كان يُفترض به أن يكون مصدرا حساسا. أما هسام هسام فقد حضر بمبادرة شخصية واستجوبته بنفسي. وبني عودة اتصل بقوى الأمن الداخلي التي أوصلته إلينا.

■ متى بدأت تظن بأنهم يكذبون؟

عندما تحققنا من التفاصيل لم تتطابق مع المعلومات التي أدلوا بها. لكن في الوقت عينه، ينبغي أن يكون عقلك منفتحا إذ ربما لا يكون كل ما يقولونه كذبا. وربما هناك معلومات لا يمكن التثبت من صحتها. عندما جاء هسام وبني عودة ، لم يُسلما المعلومات التي لديهما مباشرة. بني عودة الذي كنت مسؤولا عنه بما أنه يقيم في السويد، كان لديه العديد من المطالب وكان يطالب بتنفيذ طلباته مقابل منحنا المعلومات. كان كلما التقيت به أو استجوبته يرمي لنا طعما جديدا ويقول إنه سيطلعنا على كذا وكذا، لكنه لم يقل شيئا في نهاية المطاف.

■ هل أعطاك زهير الصديق أي معلومات؟

نعم، العديد من المعلومات لكن لم نتمكن من التثبت من صحتها. بل على العكس، كانت أكاذيب لا تنسجم مع الوقائع. ولا أدري كيف أدخل الى التحقيق.

■ كيف أثّر شهود الزور في مسار التحقيق؟

استطيع القول إن هسام وبني عودة لم يؤثرا فيه بتاتا. أما الصديق فقد أعاق التحقيق لأنه هدر وقتنا الثمين وأبعد مصادر ثمينة للتثبت من صحة كل المعلومات التي تركها. كان هناك تركيز كبير عليه لبعض الوقت وكان ذلك مزعجا بالفعل.

■ زرت سوريا اثناء فترة عملك في لبنان؟

نعم. مرة واحدة، غير أنني قابلت لاحقا شخصيات سورية في فيينا. سمحوا لنا بالمجيء إلى سوريا بعد فترة من الوقت لمقابلة اصف شوكت الذي كان مدير المخابرات العسكرية وغازي كنعان الذي كان وزيرا للداخلية وعدد من كبار الجنرالات في الجيش وفرع المخابرات.

■ هل أدلى كنعان بمعلومات قيمة؟

كانت معلومات عامة غير جديدة، لكن ساورني شعور بأنه يعرف أمورا أخرى. ورد اسمه في عدد من المقابلات وذُكر في التحقيق أنه يملك معلومات حيوية حول الجوّ السائد في أوساط القيادة السورية والنقاشات التي كانت تدور حول الحريري وتورّطه في أمور أثرت على سوريا. سألته في نهاية المقابلة عمّا إذا كان يوّد تغيير شيء من أقواله فأجاب ليس الآن أو هنا. وهذا ما ولّد لدي إحساساً بأن ثمة أموراً أخرى. وفي اليوم التالي قيل إنه إنتحر. لا أصدق ذلك. هذا رأيي الشخصي.

■ أتظن أنه كان يملك معلومات عن اغتيال الحريري؟

– اظن ذلك. نعود إلى المنطق عينه: من هو الحلقة الأضعف في المؤامرة؟ إن تبيّن أن سوريا متورطة بطريقة ما في مقتل رفيق الحريري سيدمرها هذا الأمر. كما أن كنعان لم يكن يُعد من ضمن دائرة عائلة الأسد الضيقة.

سيجار ونبيذ فاخر

■ تلقيت وميليس دعوات عديدة وتسلمتم هدايا كالسيجار الفاخر والنبيذ. هل هذا صحيح؟

نعم، أكيد.

■ من قبل رئيس الوزراء في ذلك الوقت؟

لا أعلم، ربما كانوا رؤساء بلديات محليين، لقد لبيت دعوة عشاء لدى أحدهم. حظينا بمعاملة جيدة. الجميع كانوا متحمسين لتوفير الراحة لنا. ترتسم الابتسامة على وجهي كلما تذكرت نهاية أسبوع أمضيناها هناك. كان مسموحاً لنا التجول بحرية في لبنان في نهاية الاسبوع. قصدنا يوم السبت فاريا للتزلج ويوم الأحد قصدنا الشاطئ لنستمتع بأشعة الشمس والسباحة في البحر المتوسط. وخلال ذلك كنا نستمتع باحتساء النبيذ الفاخر وتناول أشهى الأطباق في العالم. عانيت من ذلك حقاً. لقد زاد وزني 10 كيلوغرامات خلال الاشهر الثلاثة الأولى في لبنان.

■ ألا تؤثر أمور كهذه على سير التحقيق؟

عليك أن تسأل ديتليف ميليس. حاولت جاهدا تجنب هذه الامور.

■ ميليس لم يفعل ذلك؟

أنت قلت هذا وليس أنا.