– لهذه الأسباب.. تركيا و امريكا و “اسرائيل” يطالبون برأس حزب الله..
بحسب المعطيات الميدانية، فان المعارك الرئيسية «الاقتحامية» المباشرة للاحياء الشرقية خاضتها اربع قوى عسكرية، وحدات الحرس الجمهوري، وقوات العقيد سهيل الحسن المعروف «بالنمر»، و«صقور الصحراء»، ومعهم وحدات عسكرية من «لواء القدس» الفلسطيني، تلك القوات كانت رأس حربة في المواجهات على الارض، وكان دور حزب الله في هذه المرحلة لوجستيا، وكان شريكا فاعلا في غرفة العمليات التي كانت تدير المعركة لحظة بلحظة…
لكن الدور المركزي الحاسم في الحرب لم يبدأ مع بدء عمليات قضم الاحياء الشرقية، فمقاتلي الحزب خاضوا معركة مفصلية في منطقة الـ «1070» شقة، وضاحية الاسد ومحيطهما، كان لها الفضل في تحرير المدينة لاحقا، فقد تمكنت وحدة خاصة من «قوات الرضوان» لا يزيد عديدها عن المئة مقاتل من افشال هجوم شنه نحو 4 الاف مسلح، ولم يكن الهدف يومها فقط فك الطوق عن الاحياء الشرقية، بل الدخول الى المنطقة الغربية واسقاط كامل حلب بيد المجموعات المسلحة، كانت تقديرات الاجهزة الاستخباراتية ان مقاتلي الحزب لن يصمدوا في تلك الجبهة وحدهم بعد تراجع قوات الحلفاء من الخطوط الامامية تحت ضغط العمليات الانتحارية والقصف المدفعي العنيف وعبر راجمات الصواريخ الحديثة التي تسلمها المسلحون قبل الهجوم، لكن المفاجأة كانت في «تكتيكات» ميدانية نجح من خلالها مقاتلو الحزب في تعطيل الموجة الاولى والثانية للهجوم، عبر منع الآليات المفخخة من الوصول الى اهدافها، ما افقد المجموعات المهاجمة القدرة على احداث «الصدمة» «والترويع» التي كانت كفيلة باسقاط خطوط الدفاع الاولى عن المدينة، بعدها انهار الهجوم، وتكبدت المجموعات المسلحة خسائر كبيرة بفعل تدخل سلاح الطيران في مرحلة لاحقة واستهدفت القوات المنسحبة من ارض المعركة وكانت «نقطة التحول» في معركة حلب…
ولم تتوقف «خطورة» حزب الله في المواجهات الميدانية فقط، فهو تحول الى «شوكة» امنية في «حلق» تلك الاجهزة الاستخباراتية بفعل قدرته على تحقيق اختراقات تقنية لمنظومة الاتصالات الموجودة لدى المسلحين، ما سمح له في معظم الاحيان التقدم بخطوة على هؤلاء، وفي هذا السياق يحمّله هؤلاء افشال «التهريبة» التي حاولوا تمريرها على الجانب الروسي بعد الاتفاق الذي حصل على اخراج المسلحين من حلب الشرقية، فبنود الاتفاق تعدلت بعد دخول حزب الله بقوة على خط الاعتراض على حصول انسحاب احادي الجانب دون مقابل او ثمن، وهو امر تبناه الجانب السوري والايراني ما شكل «موجة» ضغط على الروس لادخال تعديلات على التفاهم مع تركيا، وهكذا حصلت «المقايضة» مع المحاصرين في بلدتي كفريا والفوعا في ريف ادلب… لكن القصة لم تنته هنا، فهؤلاء يحمّلون مقاتلي الحزب مسؤولية فضح محاولة تهريب المسلحين للاسرى والسلاح الثقيل والمتوسط من الاحياء الشرقية، ويتهمون مقاتليه بانهم المسؤولين عن توقيف نحو 900 من المقاتلين في قافلة كانت تهم بالخروج من حلب عبر منطقة 1070 شقة، حيث اصر مقاتلو الحزب على تفتيش الحافلات، وتمت مصادرة كل «الممنوعات»، واستعادة بعض الاسرى، واعيد المسلحون الى الاحياء الشرقية لكن ثمة من يؤكد ان عدد العائدين لم يكتمل بعد ان نجح الحزب باعتقال قيادات كبيرة من جنسيات عربية وغربية على درجة كبيرة من الاهمية… هذه الحادثة عدلت مسار عملية التبادل، وفرضت معادلة امنية وعسكرية على الارض لم تكن ملحوظة في التفاهم الروسي ـ التركي…
انه النذر اليسير من معلومات موثقة عن دور حزب الله المؤثر في المواجهة المفتوحة المستمرة على الارض السورية حيث يحاول لاعبون كبار رسم معالم ومستقبل المنطقة، ويتمنون لو ان “اسرائيل” استطاعت في حرب تموز سحق الحزب وقادته الذين اجهضوا مشروعهم، ويشكلون اليوم «العلامة الفارقة» في الصراع الدائر… ومن هنا فان ارتفاع منسوب القلق الامني على الساحة اللبنانية منطقي وجدي.
لذلك .. لم يكن اصرار وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو على احراج نظيريه الروسي والايراني في موسكو من خلال محاولة اجراء مقايضة علنية بين حزب الله والمجموعات الارهابية في سوريا، مجرد «زلة لسان» عابرة، بل استكمال لضغط علني واكبته بعد ساعات وزارة الخارجية الاميركية، وهو جزء من نقاشات خلف «الابواب المغلقة»، هدفها الرئيسي اخراج حزب الله من المعادلة السورية..طبعا لن ينجح الامر، ولن يكون تمريره سهلا، لكن هذا الاصرار على ان يدفع الحزب «الثمن» يزيد من القلق، ويرفع منسوب التحديات الامنية على الساحة اللبنانية في مرحلة مفصلية من تاريخ الصراع على سوريا.
A.W.