عَ مدار الساعة


الراعي وانحيازه لمنظومة المصارف والحاكم والحريرية السياسية- نسيم بو سمرا

  • نرفض شيطنة الحزب وتحميله مسؤولية الانهيار الاقتصادي***

هي سياسة النعامة، تلك التي يتبعها البطريرك الماروني بشارة الراعي، وهو الذي لم يرقى منذ تبوئه سدة البطريركية المارونية، التي “أعطي مجد لبنان لها”، كما تقول الرواية، الى مصاف الدفاع عن مصالح المسيحيين ولقمة عيشهم المغمسة بالعرق والدم، في هذه الايام، وهذه هي أولوية بكركي اليوم، بدل إثارة ملفات سياسية جديدة، وبخاصة إذا كانت خلافية بين اللبنانيين، كمسألة حياد لبنان، واختلاف المقاربات بين اللبنانيين في شأنها.

لكن للأسف ان هناك أناس يؤيدون الخطأ ويسيرون به، فقط لأن البطريرك يمشي به، متناسين ان موقع البطريرك يضعف حين يسير في القضايا الخاسرة والتي تضر بالوطن وبتاريخ المسيحيين في وطننا؛ فالبطريرك ومؤسساته التعليمية والاستشفائية يجب ان تكون في خدمة المسيحيين وليس العكس، في حين تحولت هذه المؤسسات  عن هدفها من رسالة الى التجارة؛ البطريرك يجب ان يسعى الى حماية امن المسيحيين الغذائي، بينما لا يوجد خطة إنتاج زراعي منظم ومتطور، وأراضي البطريركية شاسعة ولكنها تسخر للمتمولين والفاسدين وموزعة بمعظمها على سياسيين ومنتفعين، فيما كل ما تفعله بكركي اليوم هو زيادة الضغوط المعيشية على المسيحيين متناسية جوع المواطنين ومشاكلهم الاجتماعية؛ الراعي المتلهي بالقضايا الهامشية مثل الحياد، يتناسى خطر التوطين وخطر النزوح السوري على لبنان، وبدل ان يتناول الراعي القضايا الكبرى التي تشكل خطرا وجوديا على لبنان، يتماهى مع المطالب الاميركية ويلاقي الضغوط الاميركية على العهد، فلا صفقة القرن تعنيه ولا قانون قيصر على باله.

مع كل ذلك، نحن نحترم موقع البطريرك، ولكن يحق لنا انتقاد مواقفه ومساره السياسي، وبخاصة في إطار انحيازه لخصوم واعداء المقاومة، وانا هنا لا أدافع عن حزب الله، ولكن وإن كان الحزب منحازا بطبيعة الحال لمحور المقاومة وينصب العداء للخليج، إلا ان الراعي ليس افضل، حين ينحاز سياسيا الى المحور المعادي للحزب؛ أما اقتصاديا فموقف الراعي ليس بأفضل، وهو المنحاز الى سياسات الحريرية السياسية التي أغرقت لبنان في الديون وافقرت شعبه، فيستميت الراعي في الدفاع عن المصارف وسياسة الحاكم التي تسببت بالانهيار المالي، نتيجة ادارة مالية كارثية وهندسات مالية أغنت الغني وافقرت الفقير وأفلست البلد، أما تحميله وحلفائه لحزب الله، المسؤولية عن حصار لبنان اقتصاديا، فهذا غير صحيح، وإن كنا من أصحاب مبدأ، ان الجوع لن يدفعنا الى الرضوخ والاستسلام للشروط الاميركية بالتنازل عن حقنا بأرضنا والدفاع عن نفسنا، في حين تسبب أصدقاء الراعي، من أصحاب المصارف وحاكم المصرف ورموز فساد الحريرية السياسية الذين استقبلهم منذ أيام في الديمان، هؤلاء الذين بفسادهم طوال الثلاثين سنة الماضية،  تسببوا بخسائر اقتصادية تجاوزت المئة مليار دولار ديون ، أكثر من نصفه دخل خلسة الى جيوب الفاسدين وعلى رأسهم السياسيين، في حين ان الاقتصاد اللبناني يستفيد بمئات ملايين الدولارات من الرواتب المحولة من ايران لصالح الحزب والتي تصب بالنتيجة في شرايبن الاقتصاد، فضلا عن المليار دولار التي دخلت في اخر عمليتي انتخابات نيابية من الولايات المتحدة لسخرية القدر، كانت لضرب الحزب واخصامه، ولكنها فشلت وحصل الحزب وحلفائه على الاكثرية النيابية.

هذا لا يعني اننا نطالب بالعداء للدول العربية ولأميركا، فإسرائيل هي وحدها عدوة لبنان، والتي تسعى اليوم الى سرقة نفطنا من بحرنا، وبدعم أميركي، فلبنان هو صديق كل دولة، لا تسعى الى احتلاله وتدميره وتهجير شعبه وإبداله باللاجئين الفلسطينيين كما بالنازحين السوريين، وما عدا ذلك، نحن جزء من المشرق وبالوقت نفسه منفتحون على الغرب بطبيعتنا، ونشكل جسر تواصل حضاري بين الشرق والغرب، فلا نسعى الى حروب عبثية، فنحن سعاة سلام وانفتاح ومحبة، انما لا يمكن ان نقبل بشيطنة الحزب تمهيدا لضربه من الخارج، فنحن دائما مع الداخل مهما كان، ضد الخارج، ولا يتحمل الحزب بالأساس مسؤولية الانهيار الاقتصادي كما اوضحنا، بل نحمّل ما وصلنا اليه من انهيار للعملة وتدهور القدرة الشرائية للبنانيين فضلا عن خسارة ودائعهم، أي جنى عمرهم، كل هذا تتحمل مسؤوليته منظومة الفساد، المشكلة في النظام المصرفي الغبي وسياسة الحاكم الغبية، وزمرة السياسيين المستفيدة من هذا النظام، فضلا عن غياب الرؤيا لدى الحكومات السابقة المتعاقبة على السلطة.

 أما بالعودة الى أصل الموضوع، فالمشكلة عندنا وليس عند غيرنا، فبعض الداخل هو الذي يحرض الخارج على عدم التجاوب مع حكومة حسان دياب بتمويل لبنان، بهدف اسقاطها وضرب العهد برئاسة العماد ميشال عون، ما سيؤدي الى انهيار الوطن على الجميع، فهؤلاء يفتحون الباب لدول الخليج ولواشنطن لحصار لبنان وخنقه اقتصاديا، وأسفنا أن يشكل الراعي جزءا من هذه المنظومة، التي يرحب بها بالاحضان، ويدعوها الى مائدته ويعطيها الاوكسجين، فيما يسعى العهد من خلال القانون والقضاء، لتجفيف مصادر تمويلها، المتأتية من أموال الشعب المنهوبة والمحولة الى الخارج، والتي سنستمر في معركة استردادها وبالتالي محاسبة الفاسدين على مد يدهم اليها، حتى النهاية، وان انتصارنا في معركة مكافحة الفساد، لناظره قريب.