كلمات .. بلا كمَّامات (أمين ابو راشد)
دخل مواطن لبناني مؤسسة صغيرة للمنتجات الزراعية، وطلب بعض الشتول والبذور لزراعتها على شرفة مطبخ منزله وقال للبائع: “حتى حشايش ما عدنا قادرين نشتري، تركنا أرضنا بالضيعة كرمال وظيفة ببيروت، لا عالضيعة قادرين نرجع ولا ببيروت قادرين نعيش”.
مواطن هو نموذج عن مئات آلاف اللبنانيين، ماذا يُمكن أن نقول له عن الملفات الكبيرة و”الكلام الكبير”، سواء في أروقة السراي الحكومي أو المجلس النيابي؟
هل نُطمئنه أن “الكابيتال كونترول” تمَّت إحالته الى لجنة المال والموازنة لمزيد من الدرس والتمحيص؟ وهل يعنيه موضوع “الهير كات” الذي يُهدِّد ثروات لا يمتلك منها ليرة لبنانية واحدة، أم أن التشكيلات والتعيينات القضائية هي التي تُعيق اللقمة من بلوغ أفواه عائلته؟، وهذه الملفات على أهميتها لا تعني شيئاً لِمَن يبحث عن العيش الحلال.
نكتب من واقع الأرض، وقليلون من أهل السياسة مَن يُلامسون بخطابهم هذا الواقع، وكأن الحبر ما عاد مادة لبعض الإعلام في لبنان، بل الزيت المُلتهِب المسكوب على نار مُعاناة الناس، وإذا كان قانون العفو على سبيل المثال من ملفات العيار الثقيل غير التوافقية، فها هو النائب حسين الحاج حسن غادر جلسة مجلس النواب قائلاً “لم يتم الإتفاق على القانون” وانتهى الأمر، فعلامَ دخل البعض في سجالات إعلامية هجومية متبادلة بعد الجلسة أشعلت بعض الشارع وكأن الشارع يلزمه المزيد من التزييت على نار الفتنة؟!
الشعب اللبناني بلغ مرحلة باتت “عصافير البطن” تتحدَّث نيابة عن الحنجرة المُختنِقة، وإذا كانت الملفات الكبرى مادة سجالية، فليس كل اللبنانيين في الشارع، وهُم في بيوتهم قابعون بين “الحجر الصحي” وحَجَر المجاعة الراقد على الصدور، والنزف الإقتصادي مستمرّ، وهؤلاء الأوادم ينتظرون قضاءً يُسارع البتّ بالكثير من الملفات المشبوهة.
ويتبادر الى ذهننا عشرة ملفات عمِلت عليها لجنة من حزب الله برئاسة النائب حسن فضل الله، وتمّ إيداعها القضاء المختص منذ أشهر طويلة، ومنذ فترة أودع النائب فضل الله نُسخاً عنها لدى لجنة الإدارة والعدل النيابية، فما هو المطلوب بعد لتحريك هذه الملفات، والمواطن اللبناني يُتابع عبر الإعلام توقيف فُلان وإطلاق سراح فُلان، دون أن يرى بصيص أملٍ يُنير في قلبه الأمل أن ملفات الفساد قد سلكت طريقها تحت قوس العدالة؟!
القضاء، وحده القضاء، قبلة العيون التوَّاقة الى العدالة، وكفى ترجيح كفَّة الميزان لصالح هذه القوى السياسية أو تلك، والشارع اللبناني ينتظر مًن يُحاكي واقع أوجاعه بعيداً عن “الكلام الكبير” والملفات الخلافية الكبرى.
المصدر: موقع المنار