- حمد حسن يكشف عن فضائح مالية بالمستشفيات: سيتم تحويل المتورطين للنيابة العامة فور مباشرتنا بالتدقيق المُباشر!!
***
هي فضيحة من العيار الثقيل كشفها اليوم وزير الصحة حمد حسن، وتتعلق بمافيا المستشفيات، والسؤال البديهي الذي يتبادر الى الأذهان: أين كان وزراء الصحة السابقون وعلى رأسهم الوزير القواتي غسان حاصباني؟ بما ان القوات تدعي انها حققت الانجازات في وزارة الصحة وحاربت الفساد في الوزارة، فيما أعلن حسن اليوم وجود تلاعب في رموز العمليات؛ فوترة أعمال جراحية وهمية؛ تسجيل مرضى يستفيدون من خدمات شركات التأمين على حساب وزارة الصحة وتقاضي بدل الاستشفاء من الجهتين؛ فوترة صور شعاعية “شكلية” غير مرفقة بنتائجها؛ تسجيل فحوصات مخبرية وهمية وتلاعب في عدد أيام مكوث المريض في المُستشفى؛ إدخال مرضى وهميين وتقاضي بدل “مكوثهم” أياماً في المستشفى، من دون أن يعبروا أبوابه أساساً؛ سرقة بعض مديري المستشفيات الحكومية في الأطراف المازوت المخصص للتدفئة، ما يضطر المرضى الى إحضار “دفّاياتهم” معهم. ولفت الى ان هذه وغيرها الكثير نماذج مما كشفه التدقيق في فواتير قدّمتها مُستشفيات، حكومية وخاصة، إلى وزارة الصحة التي رصدت شبهات نهب ممنهج للمال العام أثناء مراجعتها ملفات “مرضى الوزارة”، أي أولئك الذين لا يستفيدون من أي تغطية صحية تقدمها بقية الجهات الضامنة، وتكون نفقة استشفائهم وعلاجهم على حساب “الصحة”.
هذه أمثلة عن عمليات الهدر والفساد الصحي في القطاع الاستشفائي “تعكس عقلاً مافيوياً يستخفّ بعقل الوزارة والدولة في آن”، وفق ما لفت وزير الصحة الذي فسخ في 21 نيسان الماضي، العقد الموقّع مع مُستشفى المشرق وأوقف عقد الطبيب المراقب وأحال الملف على النيابة العامة المالية بمفعول رجعي بكافة الفواتير للمؤسسة.
أما المستشفيات التي من المفترض ان يكون عملها نزيها وشفافا، نظرا لدورها الانساني، لا التجاري كما يجب أن تكون عليه الامور، فتحتج بكل وقاحة على الرغم من سرقة المرضى الممنهجة التي تتبعها، فتطالب بمستحقات لها على الدولة، فيما اتخذ حسن، قرار التشدد في التدقيق في تجاوز السقوف المالية، وتتجلى هذه الوقاحة، برئيس نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون الذي يطل علينا كل فترة من الزمن، ليستغل ضعف المرضى الذين يتعالجون في المستشفيات، ويبتزهم بصحتهم الجسدية والنفسية، فيما مكان هارون يجب ان يكون وراء القضبان الى جانب الفاسد الكبير الذي يعادله بالفساد، نقيب الصرافين محمود مراد.
وفي تفاصيل ما كشفه حسن في حديث صحفي بأن “أحد المُستشفيات الخاصة يعمد إلى التلاعب برموز العمليات “الكودات” وتزوير العمل الجراحي بهدف مضاعفة الكلفة”، فيما لدى مُستشفيات أخرى “استشارات طبية شبه ثابتة… فهناك، مثلاً، 270 ملفاً لمرضى في شهر واحد، جميعها تتضمن معاينة من قبل الطبيب نفسه”. كما أن ثمة ملفات لمرضى تفيد بأنهم أُدخلوا المُستشفى لثلاثة أيام، فيما تبيّن أنهم مكثوا يوماً واحداً فقط. كما تبيّن لوحدة التدقيق في الوزارة أن عدداً من المرضى أجروا فحوصات مخبرية فقط في المستشفى، في وقت تتضمّن ملفاتهم مكوثهم في المُستشفى خمسة أيام. وفي بعض الحالات، هناك ملفات تفيد بخضوع المريض لعدد كبير من الفحوصات المخبرية والصور الشعاعية، من دون أن ترفق نتائجها بالملف، ولدى التدقيق تبيّن أن هذه الفحوصات لم تجرَ أصلاً. واللافت أن موظفي وحدة التدقيق، أثناء محاولتهم التواصل مع المرضى للتأكد منهم بشأن طبيعة العلاج الذي تلقوه، فوجئوا بأنّ أرقام هواتف عشرات المرضى غير صحيحة.
و أوضح حمد أن “مُستشفيات جامعية كبيرة لا يقلّ سقفها المالي عن ثلاثة مليارات ليرة تزعم أمام بعض المرضى أنها غير متعاقدة مع وزارة الصحة، و تخصّص السقف لمرضى محظيين”. و أكّد أن عمليات التدقيق “أظهرت نتائج كارثية”، مشدداً على أن الوزارة “ستعمل على مكافحة الفساد الصحي من خلال التشدد في الرقابة على تجاوز السقوفات المالية”. الهدف من القرار، وفق حمد، هو “وقف الهدر في وقته ولحظته وليس عبر إجراءات لاحقة”، وهو من ضمن “استراتيجية صحية واستشفائية سليمة تحمي المواطن وتحفظ حق المؤسسة من دون تحميل أعباء مشبوهة لوزارة الصحة وللمال العام”. ولفت الى “حق المواطن بالاطلاع على الفاتورة وعلى الإجراءات الطبية المنفذة التي خضع لها والمُطالبة بالتدقيق مع طبيب الوزارة المنتدب في الفاتورة قبل دفع الفارق. ولم يعد مسموحاً أن يُقال للمريض إن الفاتورة لم تجهز بعد، إذ يجب أن تكون جاهزة قبيل خروج المريض من المؤسسة الاستشفائية”.
و أقرّ حمد بأن “كثيرين من هؤلاء مشتبه في تورطهم وتواطئهم، وسيحوّلون إلى النيابة العامة فور مباشرتنا بالتدقيق المُباشر، وهو أمر لم يكن يحصل سابقاً”.
الجدير بالذكر أنّ كلفة الاستشفاء التي تتكبدها وزارة الصحة سنوياً تُقدّر بنحو 425 مليار ليرة. ومع تخطي المُستشفيات الحكومية للسقوف المالية المخصصة لها، فإنّ الكلفة تلامس أحياناً الـ 500 مليار ليرة؛
في المحصلة، نستنتج من كل ما يحصل في العقود الثلاثة الأخيرة، أن مافيا المستشفيات لا تقل فسادا عن باقي مافيات لبنان من الصرافين والترابة والموتورات والفيول وغيرها من كارتيلات الاحتكار.