استشهد ميشال عون بكلام ونستن شرشل ابّان الحرب العالمية الثانية حين كانت لندن تُقصف وتُدمًّر على يد الالمان ، وكان محاطاً بأركان الدولة فسألهم عن حال القضاء فأجابوه انه يعمل بخير فقال لهم “لا زلنا بخير”.
انتهت الحرب اللبنانية عام ١٩٩٠ ومن حينه حكمت مدرسة جديدة لبنان لم يعرف وطننا مثيلا لها ، انتقل امراء الحرب الى السلطة تحت رعاية سورية سعودية وموافقة أميركية. ونصّبوا رئيسا شكلياً في بعبدا وأقاموا نظاما مصرفياً وأنشأوا الصناديق والجمعيات ، وغزوا الدولة والادارة بأزلامهم ، احتلوا المرفأ والمطار والريجي والميدل ايست والكازينو والسوق الحرة وغيرها … فملأوا الارض فساداً ، وبات الساسة منبطحين في عنجر يستجدون موقعاً او صفقة ، كل هذا تحت نظر القضاء والقضاة ، ولم يجرؤ احداً منهم لثلاثة عقود ان يحرّك ساكنا .
حتى سنة ٢٠٠٥ كنا نعتبر ان الرادع هو الاحتلال السوري ، لكن سكوتهم “اي القضاة” امتد حتى اليوم ، فكلّما فُتح ملف فساد يتمّ مواجهته في الاعلام بكلام غوغائي فيتساوى القاتل مع القتيل والسارق مع المسروق ، والسلطة القضائية المفترض ان تكون الحكم و ان تضع حداً للكذب وتحاسب المرتكب ، توارب وتماطل وتؤجّل وتضيّع الرأي العام فتحفظ الملفات في جواريرها حتى تندثر الحقيقة في أروقة المجهول .
لن يتعافى لبنان ولن تنجح خطّة اقتصادية ولن تستقيم الامور الّا بقضاء نزيه ومستقلّ ، وهذا ما اراده ميشال عون منذ يومه الاول عندما خطب في الجسم القضائي في بعبدا وفي اكثر من مناسبة ، فقال لهم في حينه احكموا بالحق وانا أُغطّيكم ،انتم الاساس وعلى هذا الاساس سنبني الوطن ونكافح الفساد ونحاسب الفاسدين ، وبذلك تعود الثّقة الى الدولة اللبنانية فتنهض من جديد ، وقال لهم ايضاً ان العدالة المتأخرة ليست عدالة . لكن لا حياة لمن تنادي ، فالفساد نخر عقولهم وعشعش في قلوبهم واصبحوا مرهونين للساسة أولياء أمرهم .
يا قضاة لبنان نحن نعيش في بلد يُصنّف دولياً من الاكثر فساداً و حتى الآن لم تسجنوا سياسياً فاسداً واحداً.
قوموا بواجباتكم او ارحلوا ….