أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


حسن جوني: المخطط يتجّه الى تخريب منطقة الخليج.. ولبنان ممر الزامي لإعادة إعمار سورية

شعوب المنطقة صمدت من دون وجود مشروع – بول باسيل (الثبات)

يُرسم مصير المنطقة والعالم لعشرات السنوات من قبَل غرف المخابرات الموزَّعة بين أميركا وبريطانيا وغيرها من المناطق”المستورة” في العالم.. شعارات برّاقة تُرمى أمام الشعوب لنحر نفسها بنفسها شرقاً وغرباً، وفق نظرية “تخويف – تدجين – تطبيع”، لتطبيق السيناريو المطبوخ والمُعدّ للتحكّم بجميع حكّام بلدان العالم، والسيطرة على موارد الشعوب.
“الثبات” حاورت الخبير في القانون الدولي؛ د. حسن جوني، الذي كشف فصول الهيمنة على جنوب البحر الأبيض المتوسط، مع ما يرافق ذلك من تحوّلات كبيرة في المنطقة والعالم.
لفهم ما يحدث في المنطقة من فصول الحروب الموزّعة في جنوب وشرق البحر المتوسط برأي جوني، يجب فهم ما يحصل في العالم، يقول: هناك مشروع مخطَّط له من قبل السياسة الأميركية، من أجل الهيمنة على البحر المتوسط من جديد بقبضة قوية من قبَل الأميركيين على حساب الفرنسيين وبقية الدول الأوروبية التي كانت تعتبر أن المتوسط بحيرة نفوذها الطبيعية، واليوم، بما فعلته “الثورات العربية”المشبوهة، المشروع الأميركي آخذ إلى التطبيق بشكل واضح، وإن استتبعه صمود للشعب السوري ودخول روسي في المنطقة.
عن موقع جنوب بحر المتوسط، يشير جوني إلى أنه يشكّل استراتيجياً المنطقة الثانية من ناحية الأهمية بعد أوروبا، برأيه، إنشاء دولة “كرواتيا” إثر الحرب اليوغوسلافية، شكّل بداية رسم خريطة أوروبا من جديد بقرار أميركي -ألماني واضح، لإضعاف روسيا وشرذمة القرار الأوروبي الحُرّ، من خلال إغراق القارة العجوز بالصراعات القومية والإثنية، وهنا يجب على كل قارئ سياسي تذكُّر تحذير الرئيس الفرنسي الفرنسي فرنسوا ميتران في حينه من تلك السياسات، واليوم، مع انتهاء المرحلة الأولى، انتقل الأميركي لتنفيذ مخططه في المنطقة الثانية في العالم، وهي منطقة البحر المتوسط، وشخصياً تحدثتُ عن ذلك منذ عشر سنوات، وأشرتُ بوضوح إلى أن الحرب ستأتي إلى منطقتنا، وبالفعل، جاءتنا الحروب تحت أسماء مختلفة، بدءاً من “ربيع عربي” و”ثورات” مصطنَعة.
يضع جوني ما يحصل اليوم في بلداننا بما رُسم سابقاً من مخططات، ويربطها عضوياً بالأزمات الاقتصادية التي يئنّ منها العالم الرأسمالي، يقول متذكراً الأزمات الاقتصادية وعلاقتها بالحربَين العالميتين: الأزمة الاقتصادية عام 1905 أدّت إلى الحرب العالمية الأولى، والأزمة الاقتصادية عام 1929 ولّدت الحرب العالمية الثانية، واليوم العالم الرأسمالي يعاني من أزمات اقتصادية عابرة للدول يجب عدم الاستهانة بها أبداً، وبالتالي لتحليل أي وضع سياسي جيوبوليتيكي صحيح، يجب فهم ما يدور حولنا من أزمات اقتصادية، وباختصار: لإراحة بعض الاقتصاديات يتمّ ابتداع حروب إقليمية متدرّجة، لتصدير الأسلحة والتخريب، لأنه من الطبيعي ستلي ذلك فيما بعد عملية إعمار. يضيف جوني: مع ابتداع الحروب، وتشليع الدول المركزية، وتشليع الإنسان المشرقي بإعادة انتاج الهويات الخاصة؛ الدينية والمذهبية والطائفية والعرقية..
ترامب
يعتبر جوني أن مشروع “الثورات العربية” المتدحرج بدءاً من تونس إلى ليبيا فمصروسورية، أداة لتنفيذ المخطط الأميركي -البريطاني، بغية إحكام القبضة على جنوب بحر المتوسط، على حساب النفوذ الفرنسي – الإيطالي، ولفهم تلك المقاربة يمكن التذكير بكلام وزير الخارجية الفرنسي السابق “فيدرين” أثناء لقائه سفراء الدول الأفريقية، وإشارته إلى أن أميركا تعمد إلى سحب البساط من تحت أقدام فرنسا وأوروبا بالعموم.. يعقّب جوني على تلك المعطيات ليؤكد أن الهجوم الأميركي على المتوسط كبير جداً، لأن من أهدافه تدمير المنطقة أولاً، وتقسيمها ثانياً.. وبالتالي هذه الارتدادات سيكون لها انعكاس كبير على المستوى الدولي، ووصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الحكم ستكون له بصمته على العالم، كما لسياسات منظومته الفاشية الفكرية التي بدأت تتمدد أكثر.
يسأل جوني: ماذا يتوقّع العالم من وصول رئيس فاشي إلى أكبر دولة في العالم؟ إنها منظومة فكرية تسيطر على أكبر جهاز في العالم، برأيه، الحالة تشبه إلى حد كبير ما عرفته أوروبا سابقاً مع ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية قبل الحرب الكبرى أثناء الأزمة الاقتصادية الكبرى، يقول: نحن حالياً متّجهون لحُكم “اليمين” المتطرف جميع دول العالم، وهم اليوم باتوا قوة لا يستهان بها، وبرأيي،سنشهد المزيد من التشنجات في العالم، وتحديداً حروباً بينية ومشاكل في منطقة جنوب شرق آسيا، كون الهدنة هناك هشّة، ويعود الفضل في ذلك إلى وجود 4 دول نووية (الهند وباكستان والصين وكوريا الشمالية)، ووفق المعطيات ستنتقل الحروب إلى تلك المنطقة من العالم.
إعمار سورية
يرى جوني أن سورية تتجه إلى الهدوء إثر صمودها وحلفائها، والدخول الروسي القوي، وهذا الأمر يتطلب إعادة إعمارها انطلاقاً من لبنان؛ البلد الوحيد الذي يملك تمدّداً لبنوكه داخل سورية، يقول: المخطط الأميركي حالياً يتطلب هدوءاً في لبنان ليلعب الدور الأساسي في عمليات بناء سورية، والبنوك في بيروت تملك احتياط ما يزيد عن 200 مليار دولار، هذه المؤشرات لا تعني على الإطلاق الانتهاء من الحروب في المنطقة، ولهذا السبب أخشى وأحذر من نقل الإمبريالية الأميركية الحربَ الدائرةَ من شرق المتوسط (العراق وسورية) إلى الخليج.
أهداف.. دون مشروع مضاد
نسأل جوني عن المشاريع المضادة التي تواجه المشروع الأميركي – الصهيوني المتحكّم بالمنطقة، بدءاً من تركيا والاستدارة التي تنفّذهاً، مروراً بإيران والمقاومة، وصولاً إلى رؤية موسكو، يقول: مع الأسف المشروع الأميركي واضح لجهة تقسيم المنطقة وإذكاء المشاعر الطائفية، لكن صمود مشاريع المقاومة وإن كان واضحاً لجهة رفض تقسيم الدول، ونزع مبرر وجود الكيان اليهودي في فلسطين المحتلة وكجسم طبيعي، لكن السياق الاستراتيجي لأميركا في العالم هو مَن أوصل الرئيس ترامب إلى الحكم، والهدف منه نقل الحروب إلى الخليج، وتصاريحه في هذا المجال يمكن أخذها مؤشرات دالة لما ستكون عليه في منطقتنا للسنوات العشر المقبلة. يتابع جوني حديثه: مع الأسف، مواجهتنا للمشروع التدميري الأميركي لا يقابله مشروع واضح برؤية استراتيجية.. بخصوص تركيا هي أداة لتنفيذ المشروع الأطلسي، أما إيران وسورية والمقاومة فهم يعملون على وحدة المنطقة، ومشروعهم فقط يتمظهر بأهداف الدفاع عن النفس، ومنع الحروب الطائفية وتقليصها..
أما بخصوص المشروع الروسي في المنطقة، فبرأي جوني يبدأ بالحفاظ على وجوده جيوبوليتيكياً في منطقة بحر المتوسط الضروري لأي تمدد عالمي، وبرأيه، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي الروس يعاودون تمدّدهم في المنطقة، بعد تراجع دورهم في أوروبا الشرقية.