أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


الإقتصاد العالمي بعد فيروس كورونا ( سيمون م. صبّاغ)


القادم أسوأ مع نهاية الأزمة الحاليّة.. ودور أكبر لصندوق النقد الدّولي والبنك الدّولي..
– – –
الرسم أعلاه يبيّن هيمنة الوباء الذي يسبّب بتراجع عملة الدولار الأميركي والتي تُعتبر حتى يومُنا هذا العملة الصعبة في الإقتصاد العالمي

***

في القرن الواحد والعشرين، شهد العالم العديد من الأزمات التي أثرت سلبيًا على الإقتصاد العالمي ومقوماته الأساسية كأزمة 2008 وغيرها. اليوم اتّحدَت الأرض بأكملها ودون استثناء أمام أزمة صحية، وباء يُعرّض البشرية للخطر ويجرّ الآلاف من الوفيات معه.

ففي ظل تفشي ما يسمّى بِفيروس الكورونا وكما لقّبته منظمة الصحة العالمية بالوباء العالمي، سنلاحظ شيئاً فشيئاً تردي الأوضاع الإقتصادية في أقوى وأعظم الدول أوّلها الولايات المتحدة الأميركية والصين، اللّتان تنافستا خلال السنوات الماضية بسبب اعتماد معظم الدول على الصّناعة الأميركية والصّينية في كافة الأصعِدة ما زادَ من نسبة النّمو الإقتصادي لهذه الدول العظيمة قبل ظهور الفيروس وانتشاره.

بعد انتشار هذا المرض  بشكل غير متوقع وبطريقة هجومية، تسبب بالكثير من الخسائر البشرية فتخطى عدد الوفيات 135000 ولا زال يرتفع ممّا أدّى إلى نقص وعجز على مستوى القطاع الصحي من مستلزمات ومواد طبية، وهنا تكمن عدم قدرة أقوى الدول من حيث التطور والإقتصاد على التصدّي للفيروس القاتل. وكما يُقال أن المشاكل تجرُّ بعضَها، فمن مشاكل صحية تولَد مشاكل إجتماعية، فأمنية، فإقتصادية. فكيف سيتأثّر النمو الإقتصادي العالمي بعد كورونا؟ هل سنشهد أزمة بِسوء أزمة العام 2009 أو أزمة “وال ستريت” عام 1929 ؟ كيف من الممكن أن يتاثّر العمّال الّذين يساهمون في الإنتاج؟

      من الواضح أنّ الصّين والولايات المتّحدة الأميركية هما في صَدارة الدول الأقوى من ناحية الإقتصاد. إذ إنّ قوّة نفوذ هاتَين الدولتَين تكمُن في امتلاكهما لفائض في الميزان التجاري. ففي عام 2018، صدر عن الهيئة العامّة لتنمية الصادرات أنّ الصين أكبر دولة مصدّرة بِ2.5 تريليون دولار أي ما يقارب 13% من إجمالي صادرات العالم، تليها الولايات المتّحدة الأميركية بِ1.6 تريليون دولار بِ% من إجمالي الصادرات.

ولكنّ القادم أسوأ مع نهاية الأزمة الحاليّة، وسنشهد دخولاً إلى عالمٍ آخر يتضمّن تحوّلات إقتصاديّة صعبة. فالدول الكبيرة ستعاني دون مساعدة المؤسّسات الّتي اعتادت أن تموّل دول نامية (دول تعاني من تراكمات الدّين العام). سيلعب صندوق النقد الدّولي والبنك الدّولي دوراً هامّاً في التّخفيف من الأضرار. أمّا بالنسبة للتوقّعات، كل منظّمة كان لها رأيها. فتوقّعت مؤسّسة “أوكسفورد إيكونوميكس”أن يسجّل الإقتصاد العالمي ركوداً قصير الأمد. صندوق النقد الدّولي رجّح حدوث ما هو أسوأ من ركود 2008 وقد يتم التعافي الكامل عام 2021. من جهة أخرى، ومن باب أكثر سلبيّة، توقّعت منظّمة التّعاون الإقتصادي والتّنمية أنّ الكورونا سيكون له تداعيات سلبيّة للعديد من السّنوات القادمة وأوضحت أنّ أعداداً لا تُحصى من الشركات ستتعثّر ووظائف كثيرة ستُفقد.

وأشار كل من غولدمان ساكس وبلومبيرغ إلى أن الاقتصاد العالمي سيتراجع 1%.

لكن على ما يبدو أنّ أميركا هي أكثر من سيتعرّض للكوارث الإقتصادية وذلك بالتشاؤم الواضح الظاهر على خبراء الإقتصاد الأميركي، فرأى غولدمان ساكس أنّ  اقتصاد الولايات المتحدة سيتراجع 25%، فيما توقع مورغان ستانلي تراجع الاقتصاد الأميركي 20% في الربع الثاني من العام الجاري. وتوقّع بنك أوف أميركا تراجُع الاقتصاد الأميركي بـ 25%، فيما توقّع جي بي مورغان تراجعاً قدره 14%.

بالنسبة للصين، توقّع جي بي مورغان أن يتراجع الإقتصاد في الربع الأول من العام الجاري بِنسبة 40%، وهو أسوأ ركود في 50 عاما لكنّ الصّين مشاكلها ستكون على المدى القصير وأقل ضرراً بسبب قدرتها الكبيرة على تحمُّل الخسائر.

تراجع الإقتصاد سيكون نتيجة عدّة عوامل منها عدم الإستقرار في الأسواق الماليّة متمثّلاً بالإرتفاع الكبير في سعر الذهب، واللّافت كان بلوغ أسعار عقود الخام الأميركي ما دون الصّفر للمرّة الأولى في التّاريخ الذّي حدث بسبب الإنخفاض الكبير في الطّلب على النفط، هنا نتكلّم عن هبوط العقود في ولاية تكساس على سبيل المثال من 55.90$ (أيّار)إلى -37.63$ للبرميل. ومن الممكن أن نشهد معاناة لعملة الدّولار ممّا سيشكّل خطراً عليها وقد  تفقد لقب “العملة الصّعبة”.

وبالطّبع ما سينتُج من ارتفاع بنسبة 30% في البطالة وإفلاس الشركات وإغلاقها وارتفاع ملحوظ في الدَّين العالمي الإجمالي ليتجاوز 257 تريليون دولار بسبب إنخفاض أسعار الفائدة. من جهة أخرى، حقّقت الشركات الرقمية أرباحاً مع إتّجاه المواطنين للعمل من المنزل بالإضافة للشركات المصنّعة لمواد التّعقيم و التّنظيف.

في النّهاية، لا مفر من المشاكل الإقتصادية الّتي ستحدُث بعد هذه الحرب البيولوجيّة مع النفقات الهائلة على القطاع الصحّي.وبعد عرض التوقّعات،كلّ شيء يُشير إلى هبوط كبير للولايات المتّحدة بنسبة أعلى من غريمَتها الصّين.فهل سنشهد هيمنة صينيّة على الإقتصاد العالمي؟و كيف سيَظهر هذا الثّنائي في مواجهة الضّائقة الماليّة المتوقّعة؟وما هو مصير الّذين سيخسرون وظائفهم؟