أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


باسيل: لبنان يعيش أكبر من أزمة صحيّة بل هو يعيش نكبة لأن هناك تراكم أزمات كبيرة

  • –         أزمة “كورونا” ليست للتجارة وآن أوان التفاوض مع صندوق النقد الدولي

***

عقد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل مؤتمراً صحافياً تناول فيه أزمة كورونا وعودة اللبنانيين من الخارج بالاضافة الى الوضعين الاقتصادي والسياسي الذي تمر فيه البلاد.

وقال باسيل: “كلّنا نعيش أزمة تفشّي وباء سيغيّر وجه العالم، وهو لن يكون نفسه ما بعد الكورونا- سيتغيّر النظام العالمي وستتغيّر موازين القوى. الانكماش الاقتصادي العالمي وزيادة ديون الدول قاطبةً بالنسبة لناتجها القومي سيدفع الى انهيار اقتصادي ومالي معولم والى انهيار التجمّعات السياسية والاقتصادية، والى تشدّد القوميات، والى نقاش عالمي حول الحريّات وحقوق الانسان والديمقراطية وكل ذلك، قد يدفع الى صراع عالمي جديد!!!

وأضاف: “ولكن اليوم لبنان يعيش أكبر من أزمة صحيّة بل هو يعيش نكبة لأن هناك تراكم أزمات كبيرة، من الوضع الاقتصادي المالي الصعب الذي زاد عليه حراك 17 تشرين فجعله أكثر تعثّراً، والآن زاد عليه الكورونا فحوّله الى نكبة ستظهر معالمها أكثر بعد انحسار الكورونا”.

وتابع باسيل: علينا ان نساعد الناس التي نطالبها ان تبقى في المنازل وهي دون عمل ودون قدرة على العيش من دون مدخول، وهذه هي المصيبة الأكبر. الحصص الغذائية والمساعدات الماليّة والأدوية وأدوات التعقيم وحاجات الأطفال. جيّد ما بدأت به الدولة لناحية الـ 400 الف ليرة، ولكنّه غير كافٍ. امّا من جهة المجتمع، فتظهر حالة تضامن ممتاز تقوم بها جمعيّات وافراد واحزاب وهذه ميزة المجتمع اللبناني بالتحسّس مع الآخر المحتاج”، مشيداً بما يقوم به الجميع، وأن “اشجّع اهل التيّار، على اكمال المبادرات الخاصّة التي تصدر عن افراد او هيئات (محليّة بالبلدات والطلاب والمهنيين) حول تجميع المساهمات والحصص الغذائية وتوزيعها للمحتاجين. ونحن بصدد التحضير لخطّة متكاملة سنعلن عنها لاحقاً”.

واعلن باسيل أن التيّار فتح حساب تبرّعات نقديّة وعينيّة وفتح خط ساخن في غرفة العمليات المركزية لكل مساهمة، كاشفاً: “سنلجأ الى مفهوم العونة وسنطلق برنامج “العونة العونيّة”، وقد بدأناه في اجتماع المجلس السياسي البارحة بأن يتولّى كل فرد منا او كل عائلة عونية الاهتمام بعائلة عونيّة اخرى بشكل شهري”، قائلاً: “نحاول منذ 3 اسابيع اقناع وزارة الصحة باتباع استراتيجية الفحص السريع ولم ننجح! وهي استراتيجية اعتمدتها دول مثل الصين وكوريا الجنوبية واليابان، الفكرة بسيطة وهي ان تذهب الدولة او الجهات المساعدة بفحوصات مجانية باتجاه الناس وخاصة المعدومين مادياً وخاصةً  المناطق البعيدة، ولمحاصرة الوباء، علينا نحن ان نذهب اليه ونفتّش عنه بين الناس، بموجب بروتوكول طبي تضعه وزارة الصحة وتشرف هي عليه؛ ونحن كتيار اقترحنا هذا البروتوكول خطياً ونعلم ان هناك عدّة جهات طبيّةوجامعية واستشفائيّة تؤيّدنا! وقد اشترينا، بتبرّع من تيارالانتشار مشكور، بضعة آلاف من هذه الفحوصات واصبحت في لبنان، وحضّرنا Clinic متحرّك يزور المناطق واصبحنا جاهزين للقيام بالأمر مجاناً طبعاً”.

وحذر من انفجار الوباء اذا لم نعمد على تقفّي آثاره ومحاصرته، فيما أشار إلى أن أجمل ما عودة المنتشرين هو رغبتهم بالعودة لافتاً الى ان مسؤولية المنتشرين انّهم يجب ان يعرفوا انّه لا يمكنهم ان يعودوا جميعهم وفوراً؛ العودة هي فقط للمحتاجين بالأولوية وبالتدرّج، ودون اي تمييز وخاصةً طبقي ومادي، وعليهم ان يتساعدوا لأن الأولوية للمحتاج وليس للغني، ومن عنده “واسطة” اكثر بالسياسة وبالسفارة.

ثانياً مسؤولية الدولة ان تؤمّن ان لا يصعد احد الى الطائرة دون فحص، او بأقصى حد ان لا يختلطوا مع بعضهم من هو بفحص ومن هو بدون فحص، وبكل الأحوال ان لا يخرج من مطار بيروت من هو من دونفحص مؤكّد PCR، (فإما مصاب يذهب الى المستشفى وامّا غير مصاب فيذهب الى الحجر المنزلي، وامّا غير مؤكّد تماماً فيذهب الى الحجر الجماعي!)

أنا غير مطمئّن وانبّه اي لبناني، ان لا يصعد الى أي طائرة اذا لم يكن متأكّداً ان لا مصابين فيها؛ وانا احمّل الحكومة مسؤولية اي خلط بين الركّاب دون معرفتهم المسبقة. (من يصعد الى الطائرة مطمئناً ان لا مصابين فيها ويصاب فهذه جريمة ترتكبها الدولة بحقّه وبحق البلد) .

انا من محبتي للمنتشرين وحرصي عليهم، اقول لهم لا تستعجلوا المجيء دون التأكّد.

بكل الأحوال، امكانية الاستيعاب في لبنان قليلة جداً بالنسبة للأعداد التي تسجّلت في السفارات. من وضعه مقبول حيث هو، فلينتظر، ومن وضعه صعب صحياً او مادياً على السفارة اعطائه الأوليّة.

وهنا ثالثاً تأتي المسؤولية على شركة MEA، العملية هنا ليست تجاريّة ولا يجب ان يكون فيها ارباح اطلاقاً؛ فالمناسبة  ليست الآن لتعوّض الـ MEA خسائرها جراء التوقف عن العمل؛ والشعور ان الأسعار عالية جداً وأطلب من الحكومة اجراء تدقيق مالي بالأسعار لتبيان الحقيقة واطلاع الرأي العام عليها لكي لا يكون هناك شكوك.

-أمر خامس واخير هو مجموعة اجراءات يتوّجب القيام بها للحماية. اختصر الموضوع على اساس خطة من عشر نقاط اعلنّا عنها بالتيار منذ 3 اسابيع وبدأنا بتنفيذها بامكانيّاتنا المحدودة، وسنقوم قريباً بتفصيل ما أُنجز و ما يتبقى.

وقد شمل الأمر حتى الآن:

*عمليّات تعقيم الشوارع والأبنية في ستة اقضية ومكمّلين لتغطية كلّ لبنان.

*تأمين اماكن وفنادق للحجر ومستشفيات لإستقبال مصابين بالاضافة الى عيادة نقالة ومجموعات طبية نقالة.

*مشروع التعليم عن بعد ويستفيد منها حتى الآن 2200 طالب ومستمرين بتوسيعه.

*توفير مواد طبية وصحيّة (تعقيم والبسة واجهزة) ووجوب تصنيع واقي منزلي (CDC)وتصنيع Respirateurمحلّي.

*توفير حوالي عشرة آلاف حصّة غذائية في جميع المناطق ووجوب توسيع وديمومة هذه العملية.

للتواصل معنا، أُعلن اليوم انطلاق العمل بالمنصة الالكترونية الخاصة بفريق الاستجابة بالتيار www.covid19.tayyar.org  وفيها آخر المعلومات والاحصاءات وتدابير الوقاية والاتصالبغرفة العمليّات بالتيار الخاصة بالكورونا، مع امكانيّة الحديث المباشر مع طبيب (live chat) والتعلّم عن بعد ايضاً (e-learning).

بالخلاصة، انا مؤمن بقوّة شعبنا ومناعته وسنكوّن مناعة جماعية ضد هذه الجرثومة.

(عقبال ما نكوّن مناعة ضد جرثومة الفساد لأن هيدي اصعب بكثير). وسننتصر على الكورونا.

– ولكن علينا ان نتحضّر لما بعد الكورونا، وهذا الأصعب اجتماعياً ومعيشياً ! وهذه مسؤولية كبيرة على الدولة.

ولكن سأتكلّم بسرعة عن مبادرة زراعية بدأنا فيها عبر جميعة LNE (جمعية الطاقة الوطنية اللبنانية) وبتوزيع مجاناً لسلّة فيها 15 نوع من البذور مع كتاب توجيهي لزراعة حوالي 150 و 200 م² قرب المنزل وهذه قيمتها اكبر من أهم حصّة غذائية على عدّة شهور. (على قاعدة اعطني السنارة وليس السمكة).

الزرع يجب ان يكون في شهر نيسان كما تعلمون، والـLNE هي ستقوم بالاعلان عن التفاصيل.

هذا نموذج عن عدّة أمور يجب اعدادها للمرحلة الصعبة الآتيّة مالياً واقتصادياً وهنا ادخل على المحور الثاني.

الوضع المالي والاقتصادي

من جهة ثانية، أضاف باسيل: “ازمة الكورونا اعطت فرصة للحكومة، لتستفيد من هذا الوقت وتنجز خطتها للنهوض المالي والاقتصادي؛ والحقيقة ان الحكومة تشتغل بالرغم من الكورونا، ولكن اتى وقت الحسم واخذ القراراتفي شهرنيسان لتقرّ الخطّة في الحكومة وفي المجلس النيابي حيث يلزم، وانا هنا اطالب المجلس النيابي بالعمل، كما الحكومة؛ وبعقد جلسات نقاش عن بعدوانهاؤه(نحن بالتيار اجتمعنا اكثر مرّة اكثر من مئة شخص) ولو تمّ تسريب النقاش الى الخارج، والتصديق بجلسات عامّة بالمجلس النيابي لكي لا تكون عرضة للطعن.

-خطة الحكومة المطلوبة هي متشعبة، ولن أدخل فيها هنا، لأنّنا كنا قد قدّمنا سابقاً تصوّرنا واوراقنا، ونحن نقدّم اي مساعدة او رأي مطلوب،  ولكن سأتوقّف عند 3 نقاط يجب البت بها، خلال شهر نيسان والاّ فإن الحكومة لن تستطيع انجاز اي خطة بوقتها وهذه الأمور هي:

1 –التدقيق المالي: لا يمكن قيام خطة اذا لم نعرف حقيقة الوضع الراهن (وكم هو الدين على الدولة، وعلى المصرف المركزي والمصارف وما هي موجوداتهم) ولن يقبل احد ان يعمل معنا، لا استشاري دولي ولا صندوق دولي، اذا لم نوفّر هذه الأرقام بشفافية واحتراف!!! اخذت الحكومة بمبادرة من الرئيس قرار جيّد بكشف الوضع المالي وارقامه ولكنّه غير كافٍ اذا لم يُستتبع بقرار تدقيق تشريحي لكل الحسابات عن الأعوام السابقة لتبيان لماذا وكيف وصلنا الى هنا!!!

وفي هذا المجال يأتي موضوع

(1) الأموال الموهوبة لمصارف وسياسيين من خلال الهندسات الماليّة.

(2) الأموال المنهوبة بعمليّات احتياليّة بموجب قانون تبييض الأموال.(واذا تم اقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة)

(3) والأموال المحوّلة وخاصةً عام 2019 وتحديداً بعد 17 تشرين، وخاصة تلك التي تعود لنافذين ومتموّلين واصحاب مصارف ومساهمين فيها وسياسيّين (وصار عندنا معلومات).

تعرفون تماماً انّنا نلاحق هذا الموضوع ولم نحصل بعد على أجوبة شافية، ونحن اعددنا إخباراً موثقاً وننتظر الوقت المناسب لتقديمه لكي لا يتم تجميده بحجّة الكورونا مع العلم انه يمكن اجراء عمل الكتروني بالقضاء والقاضية جوسلين متّى خير مثال. هذا الموضوع لن نتركه ولن نتراجع عنه حتى تظهر الحقيقة والأسماء وتعاد الأموال. نلاحقه في الداخل والخارج لأنّه لا يمكن التحجّج فيه بعدم المعرفة (القصة كبسة زر). ونعرف انّه يطال رؤوساً كبيرة وبعض الأسماء اصبحت معروفة.

ان المصارف عليها ايضاً مسؤوليّة قانونية واخلاقية بامتناعها عن التسديد او التحويل الفوري للخارج للمودعين الصغار الذين هم اصحاب حقوق، فيما هي تحوّل للخارج لبعض النافذين اموالاً طائلة ولا يمكن القبول بهذه الاستنسابيّة!

وفي نفس الوقت، نحن حريصون على عدم انهيار القطاع المصرفي وعلى اعادة هيكلته وضبط عمله ليكون رافعة للاقتصاد، ولا نقبل ان يتمّ التعرّض له زوراً حيث ليس عليه من خطأ، وسنواجه اي نيّة، ان وجدت على ما يتخوّف البعض، لوضع اليد عليه سياسياً او مالياً. كما لن نقبل ان يتخذ اصحاب المصارف من هذا الأمر حجةً لكي لا يتحمّلوا مسؤوليّاتهم في المساهمة بانقاذ الوضع المالي والنقدي.

الكابيتال كونترول

وتابع: “هذا القانون هو حجر اساس في أي عملية اصلاحية للقطاع المصرفي والنقدي في لبنان. (ومرّ عدّة اشهر منذ حكومة الحريري والتناتش قائم اذا كان من صلاحيّة الحاكم او مجلس الوزراء والمجلس النيابي)، وتم الاتفاق اخيراً على وجوب قيام مجلس النواب به؛ وعلى هذا الأساس، قدّم وزير المال مشروع القانون الى الحكومة، ولا نعرف ما حصل حتّى سحبه وسمعنا كلام لاحقاً ان الأمر غير دستوري، وهذا غير صحيح برأينا والبرهان هو الكابيتل كونترول الذي حصل ايّام انترا في الستينات والقانون الذي اقرّ وقتها. امّا اذا كان الموضوع هو مضمون القانون فنحن يجب ان نكون متفقين ان الأولوية من هذا القانون هي حماية المودعين وليس المصارف، وتأمين العدالة لهم وعدم الاستنسابية في التعامل معهم. وان ما يجب ان يتضمّنه القانون هو تأمين حصول المودعين الصغار على اموالهم خلال فترة قصيرة نسبياً، وامّا المودعين الكبار فلا يجب ان تخرج اموالهم الى الخارج الاّ بحالات محدّدة ومبرّرة واضحة في القانون. وان اوّل بند في القانون يجب ان يكون استعادة الأموال الكبيرة التي حوّلت الى الخارج بعد 17 تشرين. فأين المبرّر برفض هكذا قانون من المشرعين؟ افهم ان ترفضه بعض المصارف المخالفة، مع انّه يؤمّن لها قاعدة قانونية لوقف الدعاوى بحقّها (وهذا يجب ان نوفّره لها)، ولكن لا افهم ان ترفضه الكتل النيابية. على كل حال، يقوم رئيس لجنة المال ابراهيم كنعان بمسعى لتأمين التوافق على صيغة قانون يتبنّاها الجميع، واذا فشل، فسنقدّمه نحن كاقتراح قانون من تكتل لبنان القوي”!

صندوق النقد الدولي

وأوضح باسيل: “آن الأوان ان نبدأ التفاوض الجدي مع صندوق النقد الدولي حول برنامج تمويل للبنان. اذا ناسبتنا الشروط واتفقنا، نذهب الى الحكومة والمجلس النيابي ونقرّه، واذا لم نتفّق ويناسبنا، ننسى الموضوع ونزيله من التداول.

لماذا يجب ان نبت الآن؟

اولاً لأن كل الدول، بسبب الكورونا، ستهجم على صندوق النقد ولن يعود بالهم فينا،

وثانياً لأن خطتّنا سترتكز على خيارين واحد مع صندوق وواحد من دونه ويجب البت.

انا هنا لست للتسويق للصندوق، ولكن انا معه اذا ناسبتنا الشروط وطبعاً اذا لم يكن هناك شروط سياسية مضرّة، اما شروط اصلاحية مناسبة فأنا معهاوأنا مع الضغط علينا لإجرائها.

واضح انّنا بحاجة لضخ الأموال من الخارج، وواضح ان الدول لن تساعدنا وخاصةً بعد الـ Corona واذا لم تدخل الأموال من الخارج فالاجراءات الداخلية ستكون اصعب على الاقتصاد والمواطنين والمكان الذي ستأتي منه الأموال من الخارج (Fresh money) هو صندوق النقد فلماذا المكابرة والانتظار؟

-هذه الأمور الثلاث هي ضرورية لأي خطة اقتصادية مالية. وهذه الخطة بحاجة الى من ينفّذها وواضح ان شق اساسي فيها يعود الى المصرف المركزيوالأجهزة المرتبطة فيه. والواقع ان هناك شغور في نواب الحاكم منذ حوالي سنة ونصف/سنتين، وفي مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان منذ سنوات طويلة، وهيئة التحقيق الخاصة موجودة منذ 2001 بالعضو الأصيل، وصدفت ان انتهت الآن مدّة لجنة الرقابة على المصارف واصبحت شاغرة”.

التعيينات المالية

أما في شأن التعيينات، فشدد على أنه “من واجب الحكومة ان تملأ هذه الشواغر، وليس صحيحاً كما يصوّر البعض كذباً، بأن هناك طحشة وفجع على التعيينات، بل هناك استحقاق واجب الحكومة القيام به اذا كانت تريد ان تصلح الوضع المالي.والحقيقة ان الحكومة اتجهت لأمرين:

1 – اقترح بعض الوزراء تخفيض المعاشات، فليس من الطبيعي ان يكون هناك موظفين لا عمل مضنٍ عندهم ويتقاضون المليارات (مثلاً 4 نواب للحاكم، لو نائب واحد لفهمنا).

غير طبيعي ان يكون هناك موظفون في الدولة معاشهم عشر مرات اكثر من رئيس جمهورية ورئيس حكومة ووزير.

2 – اتفق الوزراء ان لا يعود أحد من القديمين، وهذا لا يعني ان كلّهم عاطلون ولكن هذا يدلّ على نفس جدّي بتغييرمن هم مسؤولين، ولو بالصمت والتفرّج، عن وصول الوضع المالي والنقدي الى ما هو عليه، على قاعدة انّه اذا أردت تغيير الوضع، يجب تغيير المسؤولين عنه!

وهنا المشكلة الحقيقية، وكلّ ما قيل غير ذلك، من اتّهام لنا وحديث عن محاصصة هو كذب لإخفاء هذه الحقيقة البسيطة وهي: هناك منظومة سياسية مالية قائمة في البلد منذ بداية التسعينات، قائمة بسياستها وبأشخاصها وهي لا تريد تغيير لا السياسة ولا الأشخاص. وهذه المنظومة لا تريد التعيينات بأسماء جديدة، والبرهان ان أحد اركان المنظومة من خارج الحكومة هدّد باستقالة كل كتلته النيابية اذا لم يتم الإتيان بنفس الأشخاص المحسوبين عليه! وبعد ذلك اصدر بيانات ليرفض المحاصصة! وآخرون من داخل الحكومة هدّدوا بالاستقالة منها، ملاقاةً مع من هم خارجها، اذا لم يحصلوا على حصّة وازنة وثم اصدروا موقف برفض المحاصصة. والهدف هو واحد اجهاض التعيينات الجديدة بأسماء لديها الكفاءة والخبرة والآدميّة ولكن الأهم لديها النيّة والقدرة على المواجهة لتغيير السياسات المتّبعة. هنا بيت القصيد! مارسو الضغط من خلال  1) الخارج والسفارات و 2) السياسة بالتهديد بالاستقالة              و 3) الاعلام بتوجيه تهمة المحاصصة الينا لتشويه الحقيقة.

وصلوا بضغطهم الى اجهاض التعيينات، والباقي كلّه اخراج وكلام. وحصّلوا يا لبنانيين اموالكم وحقوقكم!

طبعاً نفهم ونقدّر رفض بعض الوزراء لبعض السير الذاتية المقدّمة وهذا حقّهم وهنا اهمية وجود وزارة اوادم ومتحرّرين من صيغ جامدة وبالية! ولكن الحق هنا على من قدّم هذه السير وعلى من قبلها، وليس على من قدّم سير جيّدة.

مع تأكيدي على انّنا نحن تعاطينا بهذا الموضوع كتعاطينا بتأليف الحكومة، من دون خلفية حزبية بمنتمين الى التيّار او مقرّبين منه! اطلاقاً لا! ولكن بخلفية واحدة هي الكفاءة والسمعة الطيبة والأهم القدرة والجرأة على اعتماد سياسات جديدة وهذا المرفوض؛

وانا هنا ادعو الى امرين:

1 – ان يتم نشر السير الذاتية ومن قدّمها وليعرف الرأي العام من احترم معايير الكفاءة والاختصاص والقدرة، ومن قدّم المعايير الطائفية والمناطقية والانتخابيّة.

(تخيّل مثلاً ان تقترح على عضوية لجنة الرقابة على 63 مصرف، واحد كان يعمل كمدير فرع لبنك صغيراو واحد عليه قرار ظني او واحد موظف اداري في المصرف).

2 – ندعو الحكومة الى عدم الاستسلام وانجاز التعيينات المالية على اساس اي آلية سريعة تؤدّي الى اختيار اشخاص وفق الكفاءة والسمعة الطيّبة.

الوضع في البلد لا يسمح والوقت لا يسمح بالترف، والناس بالبلد معروفة بسيرتها وسمعتها ومعروف الآدمي والنظيف، فاعتمدوه ولا تخسروا الوقت!

والجديد يكون، لا ان تحرموا من في الحكومة باقتراح اسماء، لأن الدستور ينص على ثلثي مجلس الوزراء لانجاز التعيينات، وهذا ما اسمه محاصصة بل دستور، بل الجديد هو بأن تفرضوا على من في الحكومة والوزير المعني بأن يقدّم سير ذاتية جيّدة وتوافقوا عليها على هذا الأساس.

اقول للحكومة ان لا تقع في الانتظار والابتزاز السياسي لعدم اتّباع سياسة نقديّة جديدة، والاّ فهي ستكون محكومة بالفشل وهذا ما يريده البعض لها!

ليس خفياً ان البعض اراد لهذه الحكومة ان تكون لفترة قصيرة معيّنة، تقطّع مرحلة وترحل لتعود السابقة وهذا ليس بخفيّ وتمت مفاتحتنا به. وعندما رأوا ان هذه الحكومة تعمل وقد تستمّر، بدأوا يستعجلون رحيلها، وهناك تقاطع بهذه المصلحة بين بعض من في داخلها ومن في خارجها، فنراهم يهددون مراراً بالاستقالة!

ادعو الحكومة الى انجاز ما عجزنا عن تحقيقه سابقاً في المال والاقتصاد والكهرباء والسدود والقطاع العام والموازنة والفساد والهدر، ولا يهدّدها احد بالاستقالة اولاً لأن الاستقالة من مجلس النواب تهويل ولا فائدة لصاحبها وثانياً لأن الاستقالة من الحكومة بمعنى سقوطها سيكون حتمياً ان لم تنجز الحكومة هذه الأمور المنتظرة منها.

من التجربة نقول: اشرف للحكومة ان تنجز وتسقط من ان لا تنجز وتسقط اذا محكوم لها ان تسقط، فلتسقط بشرف (وليس كما حصل معنا).

هذه نصيحتي! شو بدّو يصر اكثر من يلّي صار؟

ما لم يتغيّر النهج والأشخاص القيّمين على السياسة النقدية فإن القطاع المصرفي مهدّد بالانهيار واموال اللبنانيين مهدّدة بالضياع. ماذا يجب ان يحصل اكثر لكي لا نخاف من اتخاذ القرارات اللازمة؟ لا تخضعوا لا للابتزاز ولا للتخويف!”.

وختم باسيل: “انا أعرف ان الوضع الصحي والمالي والاقتصادي والاجتماعي والمعيشي صعب! وانا اعرف ان الناس خائفة وهذا طبيعي وانا خائف مثلهم! ولكنّي اعرف انّنا سننتصر قريباً على وباء الكورونا، وسننتصر في النهايّة على وباء الفساد ونبني الدولة الحديثة”.